مديحة يسري: أنا وش خير

مديحة يسرى
مديحة يسرى

 

كل إنسان تجتمع فى حياته عناصر يتفاءل من بعضها ويتشاءم

من بعضها، وكانت أسرتى تتفاءل بى دائما، وقالت لى والدتى

إننى يوم ولدت تفاءل أبى بى تفاؤلا كبيرا، إذ كان مريضا بمرض

السكروابتلع العلاج نصف ثروته دون أن يأتى بنتيجة، ويوم ولدت

اكتشف الطبيب سر الداء ووصف له الدواء الذى حمل إلى أبى

الشفاء، وعـرف أفـراد أسرتنا جميعا بهذه القصة، ولهذا كثر

الــزوار لبيتنا صباح كل يـوم، وكل زائـر كان يقبلنى أو يجعلنى

بين ذراعيه ليستقبل يوما سعيدا، وكـان من بين أقاربى تاجر

تتوقف شئونه التجارية على ارتفاع السوق واستقرار الأسهم

فى البورصة،واليوم الذى كنت أبتسم فيه فى وجهه يتحقق له

مكاسب كبيرة،فكان يقدم لى الهدايا اعترافا منه بفضل هذه

الابتسامة.

وفى حياتى الفنية، الكثير من الطرائف عن التفاؤل والتشاؤم،

وبين صديقاتى فى الوسط الفنى زميلة من هواة المغامرة فى ميادين

السباق، وقد شفاها االله الآن من هذا المرض، وكانت زميلتى تتفاءل

بى كلما لعبت على حصان، وتصر أن تصحبنى إلى السباق رغم

أننى لست من هواة هذه الرياضة، وكانت المجلات تنشر صورى

فى ميادين السباق، ويعلم االله أننى ما راهنت على حصان، وكنت

أذهب فقط مع الصديقة التى كانت تتفاءل بى، وكنت فى مستهل

حياتى الفنية ألبى الدعوات إلى حفلة العرض الصباحية للافلام،

وكان أحد المخرجين يصر على أن أكون أول "متفرجة" تدخل صالة

العرض، وكانت الأفلام التى أحضرها تصادف نجاحا لا فضل لى

فيه إلا تفاؤل أصحابها بى، وكنت أقوم بدور حمامة السلام بين

الزميلات والزملاء المتزوجين، وما من مرة توسطت فيها لحل خلاف

إلا وانتهى إلى ما فيه خير الأزواج، وقد اعتاد أحد الزملاء الفنانين

أن يلجأ ّ إلى كلما تأزمت الأمور بينه وبين زوجته، وذات مرة حدث

بينهما خلاف وأنا خارج مصر، وتطور الخلاف حتى انتهى بدعوة

المأذون للطلاق، وكان الزوج يحب زوجته جدا فطلب منها ان تتمهل

أسبوعين لتسوية بعض مشاكله المادية، ونزلت الزوجة عند رغبته،

وتصادف أن عدت إلى القاهرة قبل نهاية الأسبوعين، وتدخلت فى

الخلاف فاختفى شبح المأذون، ولهذا يؤكد زملائى وأقاربى أنى "وش

الخير".

مديحة يسرى

« الكواكب » - سبتمبر ١٩٥٨