اعتمد المكتب الاستشاري الأمريكي (بكتل) دراسة الجدوي التكنولوجية والاقتصادية (2006)، وقدر استرداد تكلفة المشروع خلال عشر سنوات مقارنة بمشروعات مماثلة تنتظر خمسين سنة للوفاء بتكلفتها

جاء إحياء مشروع الجسر اللوجستي الاستثماري المكافئ لقناة السويس (2016) والمعلق منذ (1988) بين مصر والسعودية عبر مضيق تيران بمدخل خليج العقبة للربط البري بين الدول العربية الواقعة في غربي وشرقي خليج السويس، وكان سيضع حجر أساسه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيزعند زيارته لإمارة تبوك (2007) ورفضه الرئيس الأسبق حسني مبارك بدعوي التأثير البيئي السلبي علي نشاط شرم الشيخ السياحي، وكذلك مخاوف إسرائيل بسبب مروره فوق جزيرتي تيران وصنافير بحجة تعرض حرية الملاحة من وإلي ميناء إيلات للخطر.
اعتمد المكتب الاستشاري الأمريكي (بكتل) دراسة الجدوي التكنولوجية والاقتصادية (2006)، وقدر استرداد تكلفة المشروع خلال عشر سنوات مقارنة بمشروعات مماثلة تنتظر خمسين سنة للوفاء بتكلفتها، وذلك بالاعتماد علي رسوم نقل البترول السعودي في مواسير تمتد عبر الجسر، وقد أعادت الحكومة المصرية دراسة المشروع(2013) ولكنها أجلته لأسباب فنية تتعلق بطول عمق الممر الملاحي، والذي يزيد بمقدار ضعف المسافة متجاوزاً بذلك تكنولوجيا البناء الحالية، علاوة علي أسباب بيئية تتعلق بحجم الدمار البيولوجي في الشعاب المرجانية.
ويقوم الجسر علي درء مخاطر النقل بالعبارات وطريق الحج البري عبر الأردن، بالتيسير علي المسافرين عن طريق البر والبحر من الحجاج والمعتمرين من مصر ودول المغرب العربي وكذلك العمالة في السعودية ودول الخليج الأخري، ويمهد لإقامة السوق العربية المشتركة بما في ذلك تخفيض تكلفة نقل البضائع والأفراد، وقد قدمت خمس هيئات ومكاتب استشارية دولية، مصرية وأمريكية ويابانية وكورية ودنماركية، دراسات وبحوث ثبت فيها الجدوي القومية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية للجسر.
وقد تقدمت سبع مجموعات عالمية بعروض فنية ومالية (2006)، كويتية ومصرية وإماراتية وأوربية وسعودية وكورية وكندية،وتوصي الأهمية الإيكولوجية للمنطقة بضرورة دراسة تقويم الأثر البيئي للمشروع وخسائر الأصول البيئية المتوقعة، وحماية جزيرة تيران والسلاحف والطيور البحرية وموائل الشعاب المرجانية والحشائش البحرية ومصايد الأسماك، وتلافي تكرار مشاكل الرحلات القصيرة مثلما حدث في البحرين منذ بناء الجسر الذي يربط بينها وبين السعودية، ومشكلات التلوث والتدهور البيئي بالمنطقة المحيطة.
والجسر بطول (23) كم، في أقصر مسار له، من (رأس نصراني) شمال شرم الشيخ ومنها إلي (جزيرة تيران) ثم شاطئ السعودية الغربي عند (رأس حميد)، والأخيرة عبارة عن لسان جغرافي ممتد داخل البحر في بداية خليج العقبة بإمارة تبوك السعودية، وهي من ناحية التركيب الأرضي منطقة طبيعية خلابة، غنية بالحياة البرية والمائية وينتشر حولها كثير من الشعاب المرجانية وتلوذ بمياهها أنواع من الأسماك النادرة والسلاحف، وتقع علي طريق تبوك ـ المدينة المنورة الذي يسلكه حجاج البر من تركيا وسوريا والأردن ولبنان.
وتبعد جزيرة تيران بنحو (6) كيلومترات من ساحل سيناء الشرقي، وهي تمثل مع جزيرة صنافير أهمية استراتيجية بخليج العقبة، وتم إعلانهما مع (رأس محمد) كمحمية تراث عالمي(1983)، وتعد جزيرة تيران ملاذاً طبيعياً هاماً للعديد من الطيور المهاجرة والمقيمة علي حد سواء، كما أنها واحدة من أهم أماكن وضع البيض للسلاحف البحرية بمصر، أضف إلي ذلك أهمية شعابها المرجانية وقيام نشاط شرم الشيخ عليها في هواية الغوص.
وهناك جسور برية مماثلة في شمال أوروبا شيدت علي الموانع البحرية والمضايق المائية، وتم تنفيذها بتقنية عالية وباستخدام الأكواد البيئية لمنهجيات الإدارة وفقاً لأفضل الممارسات في السياسات والقياسات الخاصة بحماية البيئة من التلوث، مما يوفر كافة الحلول الفنية والاقتصادية والبيئية لإنشاء الجسر البري بين مصر والسعودية والاستفادة من التناغم التنموي مع محور قناة السويس.