نبض السطور

أكاذيب الجباية

خـالد مـيرى
خـالد مـيرى

لا الشعب يمكنه أن يتحمل فواتير ضياع الأرض الزراعية وعدم وجود رغيف الخبز، ولا الدولة قادرة على أن تتحمل فواتير استمرار المخالفات، هذا السرطان الذى يهدد الحاضر ويفتح أبواب ضياع المستقبل.
على مدار ٤٠ سنة استمرت المخالفات بلا ضمير ولا رقيب ولا حساب، ليضيع منا ٤٩٠ ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية ومعها عشرات الآلاف من فرص العمل فى الزراعة والصناعة، فى الوقت الذى نتكلف فيه ١٥٠ ألف جنيه لاستصلاح فدان واحد بالصحراء، واستمرت مخالفات البناء تضرب المدن والقرى، وأصبحت الدولة مطالبة بموازنات ضخمة بمئات المليارات من الجنيهات لعلاج المرض وأعراضه الجانبية، من أجل توفير المياه والصرف الصحى والكهرباء والغاز والطرق والعلاج والتعليم، الحديث ليس عن مجرد شكل قبيح للبناء أصبح القاصى والدانى (يعايرنا به) بل هو خطر حقيقى يهدد حاضر ومستقبل دولتنا.. ويدفع الشعب باكمله فواتير أضراره من جيبه ومن موازنة دولته.
انتشرت المخالفات فى ظل فساد شارك فيه من بنوا واستفادوا واصحاب الذمم الفاسدة بالمحليات، وتركت الحكومات المتعاقبة باب المخالفات مفتوحا لانه لم يكن لديهم بديل يقدمونه للشعب، حتى تحول الاستثناء والفساد إلى قاعدة.
عندما بدات الدولة المواجهة الجادة لسيول المخالفات لم يكن هدفها أبدا معاقبة مجموعات من أولادها، لكن الهدف الوحيد كان - وسيظل - ضمان سيادة القانون وضمان مستقبل افضل لكل ابناء الشعب، القانون كان يجعل إزالة المخالفات إجباريا ولكن الدولة الحريصة على اولادها حتى لو كانوا قد ارتكبوا مخالفة، قامت بتعديل هذا القانون بداية العام الحالى لتفتح باب التصالح أمام الجميع، لأنه اذا كان هناك من خالف ليفسد ويستفيد فهناك من لم يكن أمامه خيار سوى البناء المخالف لتوفير شقة او منزل لعائلته، ولأن الدولة لم ولن يكون هدفها الجباية كان الاعلان منذ اللحظة الاولى أن حصيلة المخالفات ستوضع فى حساب خاص، وسيتم توجيهها فورا لخدمة المناطق التى تم تحصيل المخالفات منها، لمشروعات التعليم والصحة والمرافق.. هذه دولة لا هدف لها سوى تقديم خدمات حقيقية لكل الشعب.
هناك من خالف وهناك من استفاد، هناك من كان حسن النية لكن هناك أيضا من أفسد أو استفاد من الفساد.
الدكتور مصطفى مدبولى كان واضحا وهو يعلن عن تيسيرات كبيرة تقدمها الحكومة لكل راغب جاد فى التصالح، تتمثل فى تخفيضات تقدير قيمة المتر والتى وصلت إلى ٧٠٪ فى ٢٣ محافظة وتخفيض قيمة التصالح بكل الريف إلى ٥٠ جنيهاً للمتر بالإضافة إلى تيسيرات حقيقية فى تقديم المستندات، ومن تقسيط حتى ٣ سنوات إلى امكانية الحصول على قرض للسداد، والحكومة قلبها وعقلها مفتوح لسماع آراء المواطنين والتفاعل معهم والاستجابة لأى طلب مشروع فى اطار سيادة القانون، لا أحد يريد هدم منزل مواطن واحد ولن يحدث هدم لأى شقة مسكونة إلا لو كان البناء على أرض مسروقة من الدولة والشعب.
إعلام جماعة الارهاب عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى لا يتوقف عن محاولة زرع الفتنة بين الشعب والحكومة، يتباكون على قانون يفتح باب التصالح واستفادة المواطن من شقته وارتفاع قيمتها بعد التصالح، ويريدون منا أن ننسى أن دينهم كان الفساد والإفساد فى الأرض، كان وما زال هدفهم الوحيد أن يحكمونا أو يقتلونا.
القانون سيطبق لأنه يحقق مصلحة الشعب بأكمله، لكن روح القانون هى التى تسود عند التطبيق، فلا ضرر ولا ضرار.. والأهم أنه لن يتم السماح مرة أخرى بتكرار المخالفات مهما كانت الأسباب.