ان يكون للاعلام المصري الرسمي وللفضائيات الخاصة دور بارز خلال المرحلة الحالية والقادمة في استضافة النماذج والشخصيات القيادية التي حققت إنتاجية بالاحصاءات وما لها من دلالات

شدتني كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاحه يوم الخميس الماضي أحد المشروعات التنموية والتي أكد فيها علي: «أن مصر أصبحت دولة مؤسسات وأنه لا أحد فوق القانون والمساءلة، والمحاسبة واجبة ولازمة، بداية من مؤسسة الرئاسة، ولامجال للمحسوبية خلال المرحلة الحالية التي تمر بها مصر».
انطلاقا من هذه الرؤية الإصلاحية، وفي ظل وجود إرادة سياسية عازمة في القضاء علي الفساد والمحسوبية، نطرح مجموعة من الأسئلة الجوهرية : كيف يحصل كل ذي حق علي حقه في بعض المؤسسات والوزارات خاصة الحكومية ؟، كيف نتخلص من الشللية التي تحاط ببعض المسئولين والقيادات والتي تظهر مع كل قيادة جديدة ؟، لماذا لا يتم اختيار القيادات وفق النظم العالمية وقواعد البيانات الالكترونية ؟، ومن الذي يحاسب المدير الذي يكافئ المقربين والأصدقاء علي حساب الاكفاء؟، وماذا عن بعض القيادات التي تكيل بمكيالين وتفتقد تطبيق منهج العدالة الاجتماعية ؟، وهل يمكن أن نتخلص من العامل البشري في انتقاء من يتولوون المواقع القيادية خاصة التي تتطلب تعاملا مع المرءوسين؟، لماذا لا يتم الاستغناء عن أي قيادة في جميع الصفوف داخل الوزارات تفشل في ادارة الازمة وفي فن التعامل مع البشر ؟، لماذا لا يستفاد من منهج وأسلوب عمل القوات المسلحة في غياب المحسوبية؟
الإجابة عن هذه الاسئلة المشروعة تتطلب ما يلي :
- إصلاح نظم التقييم والترقية داخل جميع مؤسسات الدولة مما يتطلب دراسة عاجلة من قبل وزارة التنمية الادارية لمشروع قانون يحقق العدالة الاجتماعية ويعطي كل ذي حق حقه فمثلا : من يحاسب المدير الذي يعتمد تقريرا سنويا لموظف حاصل علي «جيد» وهو يستحق امتياز بشهادة الجميع لالتزامه في عمله، وفي ذات الوقت يحصل المقربون من الشلة علي تقديرات عالية، رغم غياب البعض، وانقطاع البعض، وكثرة أذونات البعض، وعمل البعض في مكان أخري، ناهيك عن حصول المتلونين الذين يظهرون مع كل قيادة جديدة علي الامتيازات والمكافآت والمشروعات علي حساب أصحاب القدرات العالية والكفاءات.
- تقييم أداء القيادات في جميع صفوف مؤسسات الدولة وفق معيارين أولهما : القدرة علي زيادة الانتاج، وثانيهما : القدرة علي تحقيق العدالة الاجتماعية، وأعرف وزيرا ناجحا ومنتجا، يعقد لقاءات مع قيادات الصف الثاني والثالث ويحفزهم، ويقدم لهم التجربة الهندية التي ضربت مثلا في العمل وزيادة الانتاج، وأصبحت ثالث دولة في الاقتصاد بعد الولايات المتحدة الامريكية والصين.
- ترشيد الانفاق الحكومي يتطلب تعديل اللوائح المالية من خلال وضع سقف للمكافآت التي يحصل عليها بعض القيادات والمستشارين (وهو حقهم) خاصة في المؤسسات الحكومية مهما تعددت وزادت الارباح داخل المؤسسة، وهذا السقف سيمنع المحاباة والمجاملة، وسيزيد من موارد وميزانية الدولة.
- تفعيل وتطوير قانون منع تضارب المصالح للموظفين الحكوميين فمثلا : من يعمل من أعضاء هيئة التدريس في جامعة حكومية ويتقاضي مرتبا، وفي ذات الوقت يعمل دون موافقة الجامعة في جامعة خاصة، يعاقب بالفصل من الجامعة الحكومية، وليس باسترداد الأموال فقط.
- تطبيق النظام المتميز لاختيار القيادات الذي تنتهجه وزارة التنمية المحلية لمنع الفساد والمحسوبية، والمتمثل في قاعدة بيانات الكترونية تحتوي علي جميع المتقدمين للوظائف القيادية بالمحليات، بداية من سكرتير عام المحافظة، مع تطبيق اختبارات الكترونية تحريرية للكشف عن قدرات متخذ القرار، وقياس القدرة علي التعامل مع الزملاء وأعضاء المؤسسة، وكيف يتغلب كشخصية قيادية علي الفساد والرشوة والمحسوبية في الموقع الذي يتولاه، وهنا لا يتدخل العامل البشري، باستثناء المقابلات الشخصية لمن حصلوا علي أعلي الدرجات.
- تطبيق المعايير الموضوعية الغائبة التي اقرها المجلس الأعلي للجامعات بعد إلغاء نظام الانتخابات الذي ابتدعه الإخوان وحلفاؤهم من راكبي ثورة يناير، بشأن اختيار القيادات الجامعية خاصة في الجامعات الحكومية، بداية من رئيس القسم وحتي رئيس الجامعة، مع إعادة النظر عاجلا في تعديل المادة التي تجعل عضوين من مجلس الكلية يختاران العميد، وعضوين من مجلس الجامعة يختاران رئيس الجامعة، مما يكرس لسياسة المجاملة والمحاباة والمحسوبية.
ما يبقي :
ان يكون للاعلام المصري الرسمي وللفضائيات الخاصة دور بارز خلال المرحلة الحالية والقادمة في استضافة النماذج والشخصيات القيادية التي حققت إنتاجية بالاحصاءات وما لها من دلالات، والتي تميزت بتطبيق العدالة الاجتماعية في جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، لتكون قدوة لقيادات الصفوف التي تليها، وتحكي تجربتها الناجحة، ويعرض سيرتها الذاتية، حتي يعي الشباب خاصة المحبطين، أن مصر دولة المؤسسات حققت العديد من الإنجازات في فترة قصيرة، وبها من يتصدي للفساد والمحسوبية، وأن مصر بها شباب يعملون في بناء المشروعات، وبها الغالبية العظمي من أهل الخير ممن يطبقون مقولة: «أخاف من اثنين: الله ثم ضميري».