كلمة وأخواتها

«براعة استهبال»

محمد حمدى
محمد حمدى

محمد حمدى

يوم السبت قبل الماضى بدأت أولى إجراءات انتخابات مجلس الشيوخ المصرى، هذا المجلس العريق.. الغرفة البرلمانية القديمة الحديثة التى تعود لنا فى صورة جديدة معاصرة، امتداداً لمجلس الشورى الذى عرفته مصر كغرفة تشريعية ثانية موقرة ودءوب وتشارك فى التشريع وتنظر مشروعات القوانين المكملة للدستور، رحلة طويلة لهذا المجلس الذى اشتُهر على مر التاريخ بمجلس حكماء مصر نظراً لكونه يضم الكفاءات والخبرات وأصحاب الآراء والرؤى من أساتذة الجامعات والكتاب والمفكرين ورموز المجتمع وقادة الفكر، تبدأ الرحلة منذ 154 عاماً وهو تاريخ بداية الحياة النيابية فى مصر فى عهد الخديو إسماعيل حين أنشأ مجلس شورى النواب عام 1866، الذى يعد البداية الحقيقية للمجالس النيابية فى مصر.
فتاريخنا البرلمانى حافل ومشرف إن شئت فانحنِ له احتراماً أو ارفع له قبعتك.. ومجلس الشورى على مر هذه السنوات كان نموذجاً فريداً، هناك فى ذلك القصر المنيف الذى شُيد فى العام 1866 من قبل وزير المالية فى عهد الخديو إسماعيل.. والذى صمد أمام حريق 18 أغسطس 2008 وبقى شامخاً وكبيراً.. عن نفسى كمحرر برلمانى أمضى بين جنبات البرلمان ما يربو على 15 عاماً حزنت عند إلغاء مجلس الشورى عند كتابة الدستور المصرى الجديد عام 2013، ثم كانت التجربة خير دليل على احتياجنا لغرفة تشريعية ثانية، فكانت التعديلات الدستورية فى 2019 والتى بشرتنا بعودة مجلس الشيوخ، الامتداد المُعدل لمجلس الشورى، الشواهد تدل على أننا على الطريق الصحيح، وأن الدولة تتغيا توسيد الديمقراطية وإثراءها، بمجلس تشريعى ثانٍ فاعل ونشيط، غالبية الديمقراطيات المستقرة بالعالم والدول العريقة تأخذ بنظام الغرفتين التشريعيتين، أما من يهاجمون عودة مجلس الشيوخ فحملتهم مكشوفة واللعبة مفضوحة، تفوح منها رائحة الشطط وتنضح بالنزق، والمراهقة السياسية من ثلة غضبت لعدم تمكنها من خوض الانتخابات، أو بالأحرى فشلها فى الوجود فى القائمة الوطنية التي ستتنافس على مقاعد القائمة بالمجلس المرتقب.. فانتقادهم لانتخابات مجلس الشيوخ ليس لمصلحة وطنية ولكن لأغراض فردية ضيقة، وهجمتهم العنترية «لهم فيها مآرب أخرى».. وكأنهم يرفعون شعار «وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ»هذا حال رئيس حزب المحافظين الذى استعان بقريبه صاحب المصرى اليوم فى الهجوم على انتخابات الشيوخ، وكل حديثهما محض افتراء حتى وإن لوناه بمعسول الكلام فما هو إلا «براعة استهبال».