قضية ورأى

صندوق النقد الدولى لا يلقى بأمواله هباءً

د. سامى عبدالعزيز
د. سامى عبدالعزيز

 بمناسبة مرور 6 سنوات على اختيار الشعب للرئيس السيسى لكى يحمل مسئولية ما أصعبها بحكم الظروف التى سبقت وأحاطت بل ولازالت التى تمر بها مصر، فإنه من الأمانة أمام الله أن يقول كل منا ما يملكه من حقائق وأدلة حتى لا تكون سطورنا جوفاء وكلمات إنشاء.. أقسم بربى أننى محظوظ من الله أن وضعنى فى فترة أكون شاهداً على رحلة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى من بداياته.  نعم كل الأجهزة كانت تعلم بحقيقة الأوضاع فى مصر وهذا أمر طبيعى لأن الأرقام كانت واضحة ومدققة ولكن بحكم المسئولية وطبيعة المهمة فى هذا الوقت فقد كان الجزء الأكبر والأساسى وخاصة من البعد السياسى داخليا وخارجيا كان الرئيس السيسى فى صدارة الصفوف والذى سمعت بإذنى فى واشنطن ونيويورك أنه لا أحد يصدق أن هناك رئيسا يحفظ عن ظهر قلب أدق الأرقام والتفاصيل مثل الرئيس السيسى.. والثانى فريق العمل المجاهد المعنى فى البنك المركزى بقيادة محافظه طارق عامر والذى كان معه خلية عمل كما النحل .
رأيت بعينى صعوبة المفاوضات مع صندوق النقد الدولى برئاسة المرأة الشرسة لاجارد والتى كانت تحمل قدراً كبيراً من الاحترام والتقدير لشخص الرئيس السيسى لشعورها بإخلاصه وتفانيه.. وبعد ماراثون من التفاوض وبعد أن وضعت مصر برنامجاً إصلاحياً وطنياً متكاملاً جاءت موافقة الصندوق على القرض.. وبعد مرور أول عام على إطلاق البرنامج وفى مقدمته القرار المحورى لتحرير سعر الصرف جاء وفد من الصندوق، وأمام عشرات الخبراء والحكومة المصرية قال مدير الصندوق إننا نسجل قصة أنجح برنامج تمويلى وفنى نفذه الصندوق منذ قيامه، بل قال إن مصر بإدارتها غيرت الصورة الذهنية لصندوق النقد الدولى. والتزمت مصر ونجحت.. وحدث أن طالب الصندوق أن يتحدد توقيت محدد وتنفيذ لأحد متطلبات البرنامج والذى يتعلق بأسعار الوقود وكانت ليلة قاسية ولكن استناداً إلى ثقة مصر فى نفسها وحرصاً على استقلالية قرارها وحفاظاً على أوضاع المجتمع اقتصادياً وخاصة القطاع الصناعى والإنتاجى أصرت مصر أنها هى التى سوف تحدد توقيت وشكل الإعلان عن هذا القرار، واستجاب الصندوق بكل مستوياته.. وجاء إعصار كورونا وكان لابد من توفير مبلغ تمويلى سريع حتى تظل قدرة مصر على الثبات والصمود، وكانت البداية من جانب الصندوق نفسه أنه أعلن عن موافقته خلال ساعات من الحوار على دعم مصر تحت ما يسمى ببنود التمويل السريع..  مستنداً فى ذلك إلى التقييم الموضوعى الذى أكد أن مصر اقتصادياً ونقدياً ومالياً من واقع أن التصنيف الإئتمانى الإيجابى لمصر كأول دولة أفريقية بل وعربية يجعلها محل ثقة الجميع وكافة المؤسسات العالمية بل والأهم من ذلك التزام مصر. وقد يسأل سائل لماذا أكتب هذا الآن وبحكم الظروف الخاصة وطبيعة العلاقات بعيداً عن هذا الملف الذى أفخر أن الله قد منحنى الفرصة لكى أعيش مراحله وتفاصيله والتى لم يعد سراً بعد أن أفصح عنه الرئيس السيسى أكثر من مرة وذلك لأؤكد أن الثقة فى مصر عالمياً لم تأت من فراغ، وإنما كان وراءها رجال مخلصون مجردون من أى دوافع شخصية وإنما لا يحركهم إلا هذا البلد ومصالحه وشعبه الذى صبر ولايزال..  يا رب وأنت أعلم أن هذا المقال أصدق ما كتبت بعيداً عن أى مجاملة أو حسابات شخصية أو سعياً لشيء سوى أن أقول لهذا الجيل لا شيء يتحقق بلا ثمن والشاهد بعد الله هو الزمن..
ملحوظة: نعم كل أجهزة مصر شاركت ولكن ـ وليس هذا رأياً شخصياً وإنما سمعته من شخصيات محترمة مصرية وعربية ـ أن الفكر المتطور والفهم الاقتصادى من قيادات ورجال الرقابة الإدارية كان لها دورها الفعال فى حماية قرارات الدولة وخاصة حل مشكلات المستثمرين الوطنيين والعرب..