قضية ورأى

كورونا والأمن الغذائى المصرى

د. سعد نصار
د. سعد نصار

 تضرب جائحة كورونا العالم منذ عدة شهور وأدخلت الاقتصاد العالمى فى ركود لم يشهد العالم مثله منذ الكساد العالمى فى أواخر عشرينيات القرن الماضي. ورغم أن قطاع الزراعة كغيره من القطاعات الاقتصادية الإنتاجية يعتبر أكثر تحملا واستيعابا لمثل هذه الصدمات وامتصاصها بالمقارنة بغيره من القطاعات الاقتصادية الريعية الا أنه قد تأثر هو الآخر بتلك الجائحة سواء من حيث الأسعار العالمية للغذاء أو الامدادات الغذائية.
وعلى غير المتوقع فقد شهدت الأسعار العالمية للغذاء انخفاضا اثناء أزمة كورونا حيث انخفض مؤشر الأسعار العالمية للسلع الغذائية كالحبوب والزيوت والسكر واللحوم. وكان هذا الانخفاض مدفوعا بسبب التباطؤ فى الطلب لانخفاض الدخول بسبب الازمة علاوة على زيادة فى العرض بسبب توقف الدول المتقدمة عن استخدام الغذاء كالذرة والسكر والزيوت فى انتاج الوقود الحيوى نظرا لانهيار أو انخفاض أسعار النفط. ويمكن للدول النامية والتى تستورد جزءا من احتياجاتها من عدد من السلع الغذائية الاستراتيجية من الخارج ومن بينها مصر أن تستفيد من انخفاض الأسعار العالمية للغذاء فى استيراد كميات من احتياجاتها وتخزينها وفقا للسعات التخزينية المتوافرة. وإذا كان انخفاض الأسعار العالمية للغذاء صحيحا فى المدى القصير فقد لا يكون كذلك فى المدى المتوسط أو الطويل. فقد تعود الأسعار العالمية للغذاء ولتغير ظروف الطلب والعرض إلى الارتفاع علاوة على احتمال توقف الدول المصدرة للغذاء عن التصدير كحالة توقف تصدير القمح من روسيا وأوكرانيا وتوقف تصدير الأرز من دول شرق آسيا. ومن هنا جاءت توجيهات القيادة السياسية فى مصر بضرورة العمل على التوسع أفقيا ورأسيا فى انتاج المحاصيل الغذائية الاستراتيجية محليا وخاصة تلك السلع التى توجد بها فجوة بين الإنتاج والاحتياجات الاستهلاكية كالقمح والزيوت والسكر والبقوليات. ويأتى التوسع الافقى من خلال زيادة المساحة المزروعة بهذه المحاصيل. اما التوسع الرأسى فيأتى من خلال زيادة الإنتاجية لوحدة الأرض والمياه.
هذا وقد لوحظ أن قيمة الصادرات الزراعية المصرية وخاصة الموالح والبطاطس والبصل والفراولة والثوم والعنب قد زادت خلال شهور الجائحة بالمقارنة بنفس الشهور فى السنة الماضية. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها تأثر الدول المنافسة لمصر مثل اسبانيا بالنسبة للبرتقال وفرنسا بالنسبة للبطاطس بالجائحة بدرجة اكبر من تأثر مصر بها. كما أن الصادرات الزراعية تتوافر بالأسواق فى وقت مبكر نسبيا بالمقارنة بالدول المنافسة. علاوة على فتح مصر لأسواق جديدة للصادرات الزراعية فى الفترة الأخيرة. وجودة تلك الصادرات واستيفائها للمواصفات العالمية وتشديد الرقابة عليها من خلال الحجر الزراعى المصرى والمعامل المعتمدة.
لذا يجب البناء على ذلك والحفاظ على زيادة الصادرات الزراعية المصرية خاصة أن مصر لديها مزايا نسبية وتنافسية فى العديد من الحاصلات الزراعية كالخضر والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية تمكنها من زيادة الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة والتى بلغت قيمتها فى العام الماضى حوالى 5 مليارات دولار بحوالى 15-20% سنويا.
 >  رئيس الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعى