إجراءات كورونا تحرم السودانيين من عادات العيد وتجارته و "عفوه"

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كغالبية البلدان الإسلامية، لم يعُد عيد الفطر المبارك في السودان لعام 1441 هجرية، بحال سابقيه، إنه "استثنائي" في كل شيئ كما الأيام التي سبقته، وربما التي ستلحقه.

إنها الإجراءات الاحترازية الوقائية من فيروس كورونا المستجد، التي فرضت نهجا مجتمعيا جديدا يتناقض مُطلقا مع مراسم العيد ومباهجه، فخط الدفاع الأول ضد الوباء يكمن في "التباعد الاجتماعي"، فيما العيد يُميزه التواصل على أوسع نطاق.

قبل أيام لم تحمل النساء "صواني الخبيز" إلى الأفران لإعداد كعك العيد، فالمخابز تعمل لساعات محدودة تكفي بالكاد ضخ كميات الخبز المطلوبة للمواطنين، ولم يشتر الرجال ولا الأطفال الجلباب الأبيض الفضفاض، فمتاجر الملابس مُغلقة حتى من قبل حلول شهر رمضان، ولا الأحبة تواعدوا على الزفاف فقاعات الأعراس خواء.

أكثر من 10 آلاف جندي من شرطة ولاية الخرطوم، كان نشرهم في مختلف محليات الولاية كفيل بالحد من الحركة في أضيق نطاق، فالتجول ممنوع بعد الواحدة ظهرا، والمساجد مُغلقة والساحات ممنوع التجمع فيها، وصلاة العيد وتكبيراته هذا العام مكانها ساحات المنازل التي اعتادت سكانها.

الأبواب التي اعتاد السودانيون فتحها ما أن تصدح مكبرات الصوت في المساجد بالتكبيرات، أغلقتها الإجراءات الاحرازية، فلا تبادل لـ "الخبيز"، ولا ذبح للخراف لتحضير "الشية" (اللحوم المشوية)، حيث يجتمع الأهل والجيران والمهنئين، لتناولها على الإفطار، في عادة تُميز عيدي الفطر والأضحى في السودان.

الزيارات لتبادل التهاني أيضا ظلت على أضيق نطاق وسريعة، في ظل تحذيرات حكومية متكررة من التشدد في تطبيق الحظر في أيام العيد، ووسط مناشدات من رئيسي مجلسي السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بالتقيد بالإجراءات المُعلنة لتجنب مزيد من انتشار الفيروس وسط السكان.

وكما غالبية قطاعات التجارة، أضرت حالة الطوارئ الصحية بتجار الملابس والعطور وأدوات التجميل خصوصا، بعد إرجاء غالبية الأعراس لصعوبة اقتناص ولو قدر من الفرحة في تلك "الأجواء الصامتة".

ولما انقطع الوصال بين أهله، توارى "العفو" بين المتخاصمين، فالأعياد في السودان من أهم المناسبات التي ينتهزها الوسطاء للصلح بين الفرقاء، فيُطل أحد أطراف الخصومة في نهار العيد مُبادرا بكلمة واحدة: "العفو"، فلا يجد الطرف الآخر بُدا من الرد: "العفو لله ورسوله"، وبعدها يتبادلان السلام والعناق، لكنه فيروس "كورونا" الذي يترقب سلاما ويتكاثر بعناق.