قضية ورأى

كورونا... الحقيقة والاشتغالة

د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى

كورونا قتلت عشرات الآلاف وأصابت مئات الآلاف وأعطَبَت اقتصاداتٍ. الأهمُ أنها كشفَت هشاشةَ دولٍ كان يُنظرُ لها باعتبارِها عالماً أول، التطورُ لا يكونُ إلا بتقليدِه. وضعَت كورونا كثيرًا من النقاطِ على الحروفِ، وأكدَت لكلِ دولِ العالمِ، لا تعايرنى ولا أعايرك الهم طايلنى وطايلك. صحيحٌ أنهم تداركوا أنفسَهم، لكن "اِتعلِم عليهم".
لكلِ أزمةٍ مستغلوها. الصغارُ مهما كبروا يُخفون سلعًا ويرفعون أسعارًا، ومنهم من يدَعون اختراعاتٍ واكتشافاتٍ علميةٍ، وكأن كورونا ساذجةٌ وستذهبُ لحالِها بسهولة. أما الكبارُ فهم الدول التى "تَسيِّس" كورونا، كما قالَ رئيسُ منظمةِ الصحةِ العالميةِ مُخاطبًا الرئيسَ الأمريكى لقطعِه المساهمةِ فى ميزانيتِها. كورونا أصبحَت سببًا لمجاملاتٍ أغراضُها سياسيةٌ، ووسيلةَ ضغوطٍ على دولٍ لأغراضٍ أخرُها مكافحتِها.
لكن هل فعلًا كل ما يُنشرُ عن كورونا حقيقي، أم أن التهويلَ وإثارةَ جوِ الرعبِ مطلوبان لإعادةِ تشكيلِ عالمٍ مختلفٍ سياسيًا واقتصاديًا؟ لا أميلُ لنظريةِ المؤامرةِ فى كلِ الأحوالِ لأننى أراها قلةَ حيلةٍ؛ لكن كورونا سواء كانت مصنوعةً أو أصليةً، جاءَت بأنماطٍ جديدةٍ فى حياةِ الأفرادِ والدولِ.
لابدَ لكورونا من نهايةٍ، بعدها ستعودُ ريما لبعضِ عاداتِها القديمةِ، طبيعةُ الإنسانِ النسيانُ والتعاملُ الفطري. أما الدولُ فلا تنسى، ستعتادُ واقعًا جديدًا، ستتآكلُ بفعلِه تصنيفاتُها من عالمٍ أولٍ لعالمٍ ثالثٍ، ستكون الكلمةُ لمن يتعظون ويأخذون بالأسبابِ، ولمن يعتزون بثقافتِهم وباختلافِهم ولا يقلدون الغربِ فى نظمِه، التعليميةِ بالذات، باعتبارِها الصوابُ كلُه.
> هل يَعقِلُ أعضاءُ لجانٍ يَفُطون كلَ يومٍ بتقليعةٍ "زى برة"؟ العبثُ بالتعليم الجامعى وما دونِه من أكثرِ الممارساتِ ضررًا. مصر ثريةً، بالعقولِ والمواهبِ الحقيقيةِ، بعيدون عن العيونِ، عن مواقعِ التواصلِ، عن الادِعاءِ، يا خسارة...
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز.
‏< أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس