قضية ورأى

الصيام وفتنة زيدان

عبدالمنعم فؤاد
عبدالمنعم فؤاد

عبدالمنعم فؤاد

لا بأس أن تكون روائيا وتكتب ما تشاء فهذا شيء طيب، وأن تكون ضيفا فى برامج حوارية فضائية فذلك غير مرفوض، لكن أن تجلس على فضائية، وتتكلم فى الدين والإفتاء، وتنتحل لنفسك صفة الفقيه والعالم الفيلسوف «الذى يعرف بناية الدين» - «بنص قولك» ولا يعترف بعلماء، ولا مؤسسات متخصصة فى ذلك لتُشحذ الهمم ضد العلماء، والأزهر، ودار الإفتاء، وتتكلم فى فريضة الصوم بدون علم، وتجرح مشاعر المسلمين، بل والمسيحيين الخ، دون إثارة من علم، أو فقه، أو لغة، أو إلمام بأصول الفقه، وعلوم القرآن، أو الحديث، أو العقيدة، وأن تستخدم فى سبيل سعيك هذا: سيلا من الأقوال المرسلة، والأراجيف، والأوهام: فذلك هو الطريق إلى الفتنة، وهز للاستقرار الفكري، والعقدى فى البلاد..
والذى نتحدث عنه، هو: «د. يوسف زيدان» صاحب منهج التشكيك فى كل شيء يتعلق بالدين، نرى هذا الروائى يظهر على منصة إعلامية ليثير بما قال - من وجهتنا - : فتنة بين الناس (والفتنة أشد من القتل)، حيث تحدث عن: نبى الله يوشع فى الكتاب المقدس، ووصف أعماله بالإرهاب، وتحدث عن الجهاد فى المسيحية، وطوّع نص الإنجيل لمراده بغشم فكرى واضح.
ثم الطامة الكبرى بعد ذلك (إنه أوصى المسلمين بعدم الصيام) ودعا إلى عدم الأخذ بفتوى المشايخ والعلماء فى الصيام وقال: (عليهم أن يركنوا على جنب ولا اعترف بمؤسسات دينية ولا دار إفتاء فى مصر). والحقيقة أن هذا كلام غير مسئول، وفضيحة لقائله!. فأنبياء الله لا علاقة لهم بالتطرف، بل اصطفاهم رب العالمين ليكونوا سفراء له فى الأرض، ولا يمكن أن يختار المولى، ويصطفى من يؤسسون للتطرف، والإرهاب فى المجتمعات، ويرسلهم للناس، ولا أدرى: أى أنبياء يتبعهم هذا المفكر الجهبذ إذا كان يوشع ومحمد عليهما السلام كذلك؟!. أما توصيته بعدم الصوم، وقوله إن علماء الإسلام الموثوق بهم قديما قالوا: (لا صيام فى زمن الوباء)!.
فهذا هذا كلام مرسل، وعبط فكر، ونتحدى أن يأتى بعالم واحد عبر التاريخ قال هذا!، وحتى لو أتى لنا -فنحن سنتبع رب العالمين القائل: (كتب عليكم الصيام)، وهو الذى أعطى رخصة الإفطار للمريض، ولم يتركه دون انقضاء، بل أمر بالقضاء، والأداء وقت أن يحل الشفاء (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر). فليس الأمر فيه تساهل، أوتفريط، بل يسر، وتسهيل دون إخلال بأوامر الله تعالى. أما (كون المشايخ يركنوا على جنب ولا توجد فى الإسلام مؤسسات دين)!
فالمشايخ هم أهل العلم المتخصصون، وإليهم يلجأ الناس، وعليهم مسئولية فى الوعى الدينى فهم الذين أفتوا للناس فى زمن الوباء الآن بتعليق الجمع، والجماعات، وهو بلا شك حكم فقهى صعب على النفوس، ولكنهم بينوا ذلك للناس بأسانيد علمية من شريعتنا الغراء، واستوعب الناس ما قالوا؛ لثقتهم فيهم، وفى مؤسساتهم العلمية.
واعترف الدستور بمؤسسة الأزهر، وهو ليس مؤسسة لمصر فقط بل للعالم الإسلامى كله، وهو الذى يختص بتوضيح وتفسير الدين والإفتاء عن طريق علمائه الأجلاء الذين يرفضهم الدكتور بنص الدستور.!.
فمن الذى يركن على جنب يا دكتور؟!.
> أستاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر