شجون جامعية

جامعات جامعات جامعات...

د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى

جامعاتٌ دوليةٌ تُفتَتَحُ، لرفعِ مستوى التعليمِ العالي، وحتى لا يتغربُ الطلابُ للدراسةِ، هذا ما يُعلنُ. بدايةً، فإن كلَ ما يرتقى بالتعليمِ والعلمِ مطلوبٌ. إلا أن هذه الجامعاتِ قد أُقيمَت بمعرفةِ رجالِ أعمالٍ، أى بلغةِ المكسبِ والخسارةِ. لم يثبثْ فى ثقافةِ رجالِ الأعمالِ عندنا، أن النشاطَ الاجتماعى المُجردَ يدخلُ فى حساباتِهم، على النقيضِ تمامًا من رجالِ الأعمالِ فى الخارجِ. هذه الجامعاتُ إذن مشروعاتٌ استثماريةٌ تقومُ على شراءِ أراضٍ مقابلِ إنشائها؛ قد تكونُ من بابِ الوجاهةٍ بعد أن ولى زمنُ إنشاءِ المدارسِ الدوليةِ.
عندنا، التعليمُ والمالُ لغتان مختلفتان، التعليمُ مقابل المالِ مؤداه أن ينجحَ الطالبُ بفلوسِه، وأن يتصورَ أن المشروعَ الذى التحقَ به رهنُ ما دَفعَ. مشروعاتٌ تتقاضى من أسرةِ الطالبِ ما لايقلُ عن مائتى ألف جنيه سنويًا أو ما يُقابلُها بالدولار أو الاسترليني، ليست لعمومِ المصريين ولا الميسورين منهم. هذا التعليمُ يكرسُ ثقافةَ التَميُّز الاجتماعى وأن المالَ مفتاحُ كلِ شئ، ثقافةٌ شديدةُ الخطورةِ.
جامعاتُ الحكومةِ لما اِحتاجَت المالَ لجأت للتعليمِ المدفوعُ ثمنِه، وتغاضَت كثيرًا عن أخلاقياتِ التعليمِ الحقيقى وجديتِه وسلوكياتِه، كُلُه فى مقابلِ ستين ألف جنيه سنويًا. كيف سيكون التنازلُ عندما يصلُ المقابلُ لمائتى ألف جنيه فما فوق؟! إعلاناتُ ترغيبِ الأسرِ المقتدرةِ فى الجامعاتِ الخاصةِ الحاليةِ لا تعدو كونَها صورًا لطلابٍ يرقصون ويغنون!! تعليمٌ فى حرمٍ جامعى أم فى نادٍ؟! كيف ستكون إذن وسائلُ الترغيبِ فى جامعاتِ الميجا مصاريفِ؟!
لم يثبتْ أن هذه المشروعاتِ تنتسبُ حقًا لجامعاتٍ كبرى، فهل ستكونُ فعلًا إضافةً للسلوكياتِ الاجتماعيةِ وللكفاءةِ فى التعلمِ والعلمِ؟ هل ستكونُ جامعاتٍ سياحيةٍ؟
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ.
‏< أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس