عاجل

مصر الجديدة :

الحيرة.. قد تفتح الأبواب

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

ماذا تفعل فى مثل هذه الظروف. لا أعرف. لا أتذكر مما قرأت فى حياتى كلها غير رواية «الغريب « لألبير كامى التى بدأت بعبارة « اليوم ماتت أمى وربما أمس. أنا لا أعرف « وقصة « الآخر « أو «المثل» لدوستويفسكى التى كان بطلها يقابل نفسه أمامه فى كل مكان. والسايكلوب الذى ضحك عليه يوليسيس بعد أن حبسه هو وبحارته فى المغارة، وكان يخرج مغلقا بابها بالحجر الضخم ويعود بالخضر والفاكهة يأكلها ويأكل واحدا من بحارة يوليسيس كل يوم. كيف صنع له يوليسيس النبيذ من العنب الذى يعود به السايكلوب ولما شربه انبسط وسأله عن اسمه فقال « لا أحد « وبعد أن سكر السايكلوب قام يوليسيس بفقء عينه الوحيدة بالرمح وهرب برجاله، وخرج السايكلوب يعوى وتحلق حوله زملاؤه من السايكلوب يسألونه من فعل بك ذلك فيقول « لا أحد « أتذكر رواية صحراء التتار لدينو بوتزاتى التى ضاع فيها العمر فى انتظار تتار لا يأتون ويتاكد لى أن العمر ضائع بلا جدوى، بالزمن أو بغيره. تنثال على روحى القصائد عن هذا العالم الخراب. أتذكر قصيدة «فى انتظار البرابرة « الذين خرج الحاكم وحاشيته والشعب فى استقبالهم لكنهم لم يأتوا، وتعليقى عليها دائما حتى البرابرة تخلوا عنا وأتساءل لماذا إذن جاء الوباء؟. أتذكر الفراشات فى طيرانها وأن جمالها لا يدوم، وأن أحدا فى هذا الكون ليس مستعدا أن يتخلى عن كل مايملك ليكون فراشة. أسترجع مسيرة الإنسان مع الاختراعات والاكتشافات فأجده تافها فهو الذى دمر هيروشيما وناجازاكى يقتله فيروس من خلية واحدة لا يراه أحد. كل الأشياء تقول لى كم نحن بؤساء. رغم ذلك أضحك مع نكات الشباب على الميديا عن الأزواج الذين هم مضطرون للبقاء مع زوجاتهم فى البيوت. من نكتة الأطفال الذين سألوا أمهم، «ياماما هو بابا حيسكن معانا على طول « حتى نكتة من يسأل صديقه كيف تتحمل البقاء مع زوجتك أربعا وعشرين ساعة كل يوم، فيرد قائلا: أنا باخرج ولا يهمنى، فيسأله بتروح فين ؟ فيرد باخرج خمس دقائق على السلم أعيّط وارجع. وأقرأ توقعات من الكثيرين أن النسل سوف يزداد وأتذكر قصة يوسف إدريس العظيمة أرخص ليالى التى كانت نذيرا بزيادة النسل مادام الفلاح الفقير لا يجد حياة خارج لياليه الرخيصة بالمنزل فهو لا يعرف سينما ولا مسرحا ولا راديو ولا غيرها. الآن أغلقت كلها على الفقراء والأغنياء ولم يبقَ إلا الميديا لكنها مثل صندوق بانادورا يُفتح فتخرج كل الشرور وتظل على تصميمك بحثا عن الأمل. مثلى لا يخاف من الموت. لقد عشت ورأيت عهودا كثيرة كلها انتهت بالخسران، لكنها أعطتنى روايات عشت بينها وبين شخوصها حتى صرت أبحث عنهم فى الشوارع. للأسف لا أبحث عنهم فى الشوارع الآن لأنى لا أخرج من البيت. كيف حقا كنت مجنونا؟. لقد كان سعيد صابر بطل روايتى «هنا القاهرة « على حق فحين استحضرته من روايته وكتب هو رواية «السايكلوب « قرر أن يمضى ويعود إلى صفحات الرواية ولم تكن هناك كورونا، حتى أنا خدعته وكتبت الرواية باسمى رغم أنه كاتبها! لم يهتم أو يرسل لى عتابا من صفحات روايته، ولعله يلومنى أنى أعدته إلى هذا العالم القاتل. كلما انتابنى القلق أقول يحلها من لا يغفل ولا ينام، وتبات نار تصبح رماد ! حتى الذين لن يروا ذلك لن يغضبوا ولن يحزنوا. سيتركون الحزن للأحباء ! ألوذ بالفلسفة الوجودية وانتظر النهاية التى لا نعرف جميعا أنها لم تكن أبدا بيد صاحبها وأستريح وأقرأ وأكتب هذا المقال.