الرئيس يوجه بإعادة تأهيلها.. للقيام بدورها في مواجهة الفكر المتطرف

«ملف خاص»| قصور الثقافة في انتظار التطوير

قصور الثقافة في انتظار التطوير
قصور الثقافة في انتظار التطوير

- «روض الفرج».. محاصر بزحام الميكروباص

- «الريحاني».. عشرون عاما تحت التجديد

- «عين حلوان».. تحفة فنية تغلق قبل المواعيد

- «حلوان».. ماسورة صغيرة تعطـل مشروع إنشاء المسرح

- «المستقبل».. مغلق للتحسينات.. ومركز الشباب «مقر بديل»

- المواطنون: قصور الثقافة مبان فخمة تبحث عن أنشطة


«قصور الثقافة» بيوت الفن الأولى، ونبراس الثقافة، وملاذ الموهوبين، ومنفذ الترفيه الراقي، وأحد أدوات قوة مصر الناعمة، وحائط الصد الأول فى مواجهة التطرف والإرهاب، هى الأن قصور بلا ثقافة !، فبعد ان غاب دورها الذى خرج أجيالا وأجيالا، اصبحت قصور الثقافة الآن عالقة بين الغلق والإهمال وغياب المسئولين تنتظر قبلة الحياة لإستعادة دورها الذى تلاشى فى الوقت الذى نحن فى اشد الحاجة لتفعيله، فهذه هى بيوت التنوير التى كان لها الدور الأكبر فى إحتضان الشباب وتحصين عقولهم بالعلم والفن والثقافة ضد ظلمة الإرهاب وسطوته وقد لفت الرئيس عبد الفتاح السيسي، الانتباه إلى أهمية دور قصور الثقافة خلال لقائه مع رئيس الوزراء م. مصطفى مدبولي، ووزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم.

 

كما وجه الرئيس، بإعادة تأهيل قصور الثقافة على مستوى الجمهورية لتمكينها من تحقيق الأهداف المرجوة منها من ناحية نشر التوعية وتعليم الفنون للنشء والتكامل مع العملية التعليمية القائمة وتحصين الشباب ضد الأفكار المتطرفة فهل ذكر الرئيس لها ينجح فى إعادة إحيائها من جديد وبعثها ؟.. «بوابة أخبار اليوم» تفتح ملف إهمال قصور الثقافة وتقوم بعدة جولات فى محافظات مختلفة محاولة ان تسلط الضوء بالصورة والكلمة الإهمال الشديد الذى تتعرض له هذه القصور وكيفية إيجاد حلول لإنقاذها لكى تؤدى دورها المنوط لها.

 

«حصار روض الفرج»

قصر ثقافة روض الفرج او كما يعرفه اهالى شبرا «السوق القديم» هذ ا القصر الذى ترك ذكرى يعرفها اهالى المنطقة القدامى تتمثل فى كون هذا المكان كان سوقا كبيرا يضم شادر سمك والعديد من تجارات الخضر والفاكهة ، ثم قامت الحكومة بإخلائه لإستغلاله كمكان ثقافى ومرشد للفنون والمعرفة لأهالى المنطقة، ورغم محاربة الكثيرين من اهالى المنطقة لهذا الوضع الجديد، ورفضهم التام للمشاركة فى اى انشطة يقوم القصر بتقديمها لهم بالمجان، وذلك لإعتقادهم ان السوق القديم كان مصدرا للرزق للكثيرين ، وقد اعتاد الجميع على وجوده ، ولكن بالرغم من هذا ، إلا انه مع الوقت استطاع هذا القصر الذى تم إنشاؤه عام 1997ان يحدث تأثيره المطلوب وخاصة فى الأجيال الجدد، وتألقت نشاطاته ، واصبح يتردد عليه الكثيرون ، ثم بدأ فى التدهور نظرا لقلة الإمكانيات وعدم إهتمام الجهات المعنية بالشكل الكافى لإنتعاش المكان.


مظاهر الفوضى بدت واضحة من قبل الدخول إلى داخل القصر، موقف كبير للميكروباصات والتكاتك التى تصدر سائقوها بوابات القصر يتشاجرون على الركاب ، وبطبيعة الحال المعتادة لتجمع السائقين، تناولوا اقبح الألفاظ والشتائم فى شجاراتهم على الركاب ، اكملنا جولتنا ودخلنا إلى بوابات القصر، اخبرنا الحارس عن هويتنا وطلبنا مقابلة مدير القصر ، بعد نصف ساعة تقريبا اخبرنا الحارس ان مدير القصر غير موجود، وممنوع التصوير داخل القصر ، فطلبنا مقابلة اى من الموظفين الموجودين، وبعد نصف ساعة اخرى خرجت لنا احدى الموظفات، واخذت تسأل عن طبيعة الموضوع وسبب الزيارة، ثم تركتنا ودخلت مرة اخرى وبدا الأرتباك واضحا فى المكان ، ثم خرجت لنا ومعها محمولها تخبرنا ان مدير القصر يريد ان يحدثنا ، فأعاد علينا مدير القصر نفس الأسئلة اجبناها نحو ثلاث مرات منذ دخولنا ، واخيرا اخبرنا ان التصوير ممنوع بقرار من الهيئة الا اذا سمحت هى بتصريح منها ، فأخبرناه اننا سنكمل جولتنا من دون اى تصوير فوافق بعد مماطلة دامت اكثر من ساعة.


المشهد من داخل القصر يوحى بالركود حيث اننا لم نقابل شخصا واحدا طوال الجولة سواء الموظفات اللائى تجمعن فى غرفة خرجت منها روائح الأكل ، اخبرنا الموظفات ان مدير القصر غير موجود لأنه يتواجد اخر النهار!


وإصطحبتنا إحداهن فى جولة لغرف الأنشطة بدأنا بغرفة الأطفال، التى ضمت مكتبة عريضة بها العديد من القصص الممتعة، وركن به بعض كراسات الرسم وبعض الألوان ، ولكن المكان كان خاليا تماما من اى اطفال، وإنتقالا لقسم المرأة، وجدنا بعض المشغولات اليدوية البسيطة التى صنعت بأقل الإمكانيات، ولكننا لم نجد اى زائرين ايضا، تحدثت معنا مسئولة القسم واخبرتنا انهم يعانون اشد المعاناة فى شراء الأدوات حيث ان الإدراة لا توفرها لهم رغم الطلب المتكرر، حتى انها تقول « اصبحت اشترى الأدوات على نفقتى الخاصة وذلك لأننى بدأت مع بعض السيدات اللائى تعلقن بهذه الأعمال البسيطة منذ فترة واصبحن يترددن على المكان ، ولكن بعد ان طلبت منهن احضار الأدوات اكثر من مرة لعدم توافرها، واصبح الأمر مكلفا لهن ماديا ، فعزفن عن الزيارة.


وإنتقالا إلى غرفة الموسيقى كان الأمر اشد سوءا ، غرفة متهالكة ، تضم بعض الأدوات البالية التى عفى عنها الزمن، بدا عليها الركود الشديد كما لو انها لم تزر من سنوات طويلة ، اكدت لنا مسئولة قسم الموسيقى انها قسم الموسيقى لا يحتوى على اى آلات موسيقية ، بالرغم من كونها اول الأشياء التى يتم توفيرها فى اى قصر ثقافى، نظرا لكون اكثر المترددين هم اصحاب هواة الموسيقى والعزف ، مضيفة ، لقد إكتفيت الأن بدروس الموسيقى للأطفال والتى اعتمد فيها على تعليمهم الإيقاعات بالتصفيق ، او ان اصطحب بيانو صغيرا لهم ، ولكن بالطبع الأمر غير مجد، ولدى الكثير لأعطيه اكثر من ذلك.. اكتفينا بما رأيناه فى قصر ثقافة روض الفرج وإنصرفنا لنكمل جولاتنا فى اماكن اخري.


«تأبيدة الريحانى»

إنتقالا لقصر ثقافة الريحانى أقدم وأشهر قصور الثقافة، هذا الصرح العظيم الذى خرج العديد من رواد الفن والمسرح والموسيقى عبر الأجيال ، يذكر ان هذا القصر صممه المهندس الإيطالى شارل عيروط عام 1949 حسب اللوحة الرخامية المثبتة على أحد الجدران، وبناؤه على الطراز الإيطالي، على هيئة ثلاثة طوابق للإقامة وللبروفات الفنية، حيث كان يضم مسرحا كبيرا من الداخل وعدة قاعات صغيرة.

 

وقد اختلف شكل هذا القصر كثيرًا عن أوَّل صُورة فوتوغرافيَّة التُقطت له فى سنة 1949م، بعد الانتهاء من بنائه وكانت تُحيط به حديقة كبيرة حولها أرض فضاء تحولت إلى كُتلٍ إسمنتيَّة، بناها سُكَّانُ الحى بعدما اشتروها من بديع الريحانى بالتقسيط، إلَّا أنهم توقفوا عن دفع الأقساط بعد القسط الثانى وأنكروا وجود دُيون عليهم لِوارث نجيب الريحاني، بل وصل بهم الأمر حدّ أنهم اعتدوا عليه بالضرب، ممَّا دفعه إلى إغلاق المنزل أكثر من عشرين عامًا.


استلمته وزارة الثقافة وحولته لقصر ثقافة نجيب الريحانى منذ أوائل السبعينيات لاستحضار روح صاحبه الفنان العظيم، واستغلال القيمة الجمالية والتاريخية للمكان، وكان مركزًا ناجحًا بكل المقاييس حيث عقدت به ندوات وورش فنية وعروض مسرحية وفنية ، وعلى عكس الحال فى قصر ثقافة روض الفرج، ذاع صيت قصر الريحانى بين كل ابناء المنطقة كبيرا وصغيرا، واحبه الجميع منذ قديم الأزل، وتوارثوا حبه عبر الأجيال، حتى انهم هم من يشكون دائما إهماله ووقف حاله.


امام قصر الريحانى منذ الفن والثقافة مقهى مكتظ بأصحابه الذين خرجوا بمنضداتهم وكراسيهم امام القصر يدخنون الشيشة والسجائر ويرزعون الدمنا ، حاولنا دخول القسم ولكن الحارس منعنا واخبرنا انه لديه تعليمات بعدم التصوير مطلقا ، كان هناك فردان من العمال مستلقين على الأرض يتسامرون ، اخبرونا ان القصر مغلق للترميم !..المشهد فى غاية الأسى والحزن وخاصة ان العديد من اهالى المنطقة تكالبوا علينا يستغيثون مما يحدث فى هذا القصر من إهمال وإهدار للأموال دون فائدة، وكان من بينهم مخرج مسرحى احد ابناء هذا القصر، كان يتحدث بحمقه شديدة «قائلا انقذوا هذا المكان، لقد كان نافذة للعلم والفن الراقى، واحبه جميع اهل المنطقة، وكنت اتردد عليه انا واصدقائى منذ ان كنا اطفالا، حتى اصبحت الآن مخرجا مسرحيا، وكنت اتمنى لو تربى ابنائى ايضا فى هذا المكان الجميل، ولكن منذ اكثر من عشرين عاما وخضع هذا القصر للتجديد ، رغم ان كل شئ فيه على مايرام، ولا ارى اى تجديد يحدث به رغم كل الأموال التى تنفق على تجديده، بل بالعكس فهو من سيئ لأسوأ ، ليس هذا فقط بل انه دائما مايتعرض للسرقة والنهب ، ونتصدر نحن ابناء المنطقة لحراسته ، فنحن نحفظ كل تفاصيله واركانه كأنه بيتنا ، مضيفا من عامين تم افتتاحه قليلا فى فترة الصيف وخلال هذه المدة القصيرة تم عمل اكثر من 103 ليالى عرض وهو الأمر الطبيعى بالنسبة لقصر الريحانى الذى يتكالب عليه الفنانون والموهوبون، ثم عادوا لإغلاقه من جديد ، ولا نعلم ماالسبب لذلك سواء غياب للإدارة الحسنة ولدور الجهات المعنية.


«تحفة عين حلوان»

مبنى كبير يتسم بالاناقة والفخامة.. من بعيد تظن انه مسجد للصلاة، حتى تعرف فى النهاية انه مبنى قصر ثقافة عين حلوان، فى البداية يخترق السرور قلبك فالجواب يظهر من عنوانه، وهذه الفخامة فى التصميم والهيئة الرائعة بالتاكيد هى عنوان لكيان كبير نشاطاته سيتحدث عنها القاصى والدانى، ولكنك كلما اقتربت تتردد على مسامعك جملة واحدة» المظاهر خداعة ولا تنخدع بها».. خاصة عندما تصدم من المياه المتراكمة على الارض التى تقابلك بمجرد ان تجتاز باب الدخول، بالاضافة إلى اوراق الشجر المتناثره على الارض، والاشجار المهمله والنظافة غير الموجوده بالاساس وبقايا الاثاث التى تنتشر فى المكان بالتحديد بجوار باب مبنى القصر الداخلي،والخواء الذى يسيطر على المبنى والكثير الكثير الذى ستكشفه بعد ان تجتاز باب الدخول والتى فى بدايتها عندما تجد الموظفين يقفون على الباب مهيئين انفسهم للرحيل بعد ان اغلقوا جميع ابواب غرف القصر التى من المفترض انها لن تغلق الا فى الـ 10 مساء.

 

وعندما تسأل عن السبب يجيبوك «الموظفين بتوع الفترة المسائية لسه مجوش أى اوامر»، المدهش فى الامر اننا عندما اخبرناهم اننا صحفيون ونريد ان نعرف نشاطات القصر، حينها تصدم من ردة فعلهم والتى بدات بان فرد الامن حاوطنا كاننا لصوص ناهيك عن ملامحهم والتى ستشعر كانها اصيب بالصاعقة وسرعان ما استفاقوا منها ليسرعوا قائلين» ممنوع يا فندم انت معاك تصريح اصلا» لتصدم من رد فعلهم وتتساءل هل تحتاج الثقافة ونشاطاتها اليوم لتصريح لتعرف عنها، ولكنك فى النهاية ستعرف لما عادت قصور الثقافة للخلف.


حاولنا كثيرا حل هذه المشكله وتواصلنا مع الكثيرين من المسئولين عن القصور الا ان الاجابه كانت واحده ممنوع يا فندم اصلا تصور ومحدش هيتكلم فى حاجة،ليرفع قصر ثقافة عين حلوان ممنوع الاقتراب او اللمس، وبعد كثير من المحاولات توصلنا إلى ان نقوم بجوله دون ان نقوم بالتصوير بالاضافه إلى انه لن يتحدث معنا احد من الموظفين.


الصدمة كانت من رد فعل فرد الامن والذى طلب من هواتفنا المحموله حتى لا نقوم بالتصوير، لنتركه فى النهاية بعد ان رفضنا ذلك ونقوم بجولتنا داخل القصر، والتى صدمتنا هى الاكثر، فذاك المبنى الذى تاملنا فيه خيرا من اناقته من بعيد بالداخل لا يعرف أى شئ عن الاناقة بداية من الحمام الذى لا يصلح للاستخدام الادمي، والجدران التى تحولت إلى رسائل حب من الكتابات الموجودة عليها والشقوق التى اغتالت بعض هذه الجدران، ولكن تبقى المشكله الكبرى وهى المسرح الذى طلبنا ان ندخل اليه لنراه، ولكن الموظفين رفضوا قائلين أن المسرح مغلق من فترة طويلة لغياب ادوات الحماية المدنيه ونمنع من الدخول، لتنتهى جولتنا فى النهاية عند هذا الحد ونترك القصر الذى كنا قد املنا فيه خيرا.. ولكننا حصدنا فى النهاية ألما حتى بعد ان تركناه وتحدثنا إلى احد اطفال الذى صدمنا بقوله «انا معرفش حاجة عن قصر الثقافة غير انى بخش الحمام فيه وانا بلعب مع صحابي، فبهذه الكلمات بدأ منير أحمد، طالب فى المرحلة الابتدائية، حديثه.


ويضيف أن اللعب بالكوره والتنزه مع اصدقائة افضل بكثير من الذهاب للقصر فهو بالنسبه له ليس سوى مبنى كئيب لا متعة فيه.

 

«ماسورة حلوان»

أين قصر ثقافة حلوان..سؤال ظللنا نردده منذ دخلنا قصر المدينة ولا اجابة..البعض كان يظن اننا نقصد قصر 15 مايو..والبعض الآخر يظن اننا نقصد قصر ثقافة عين حلوان، وما بين هذا وذاك تظل الاجابة لا شئ إلا اذا ذكرت مدرسة أحمد عرابي..حينها قد يساعدك الناس وبالفعل ستصل إلى هناك،ولكن بعد معاناه لتتيقن بداخلك أننا أمام مشكلة كبرى الا وهى ضياع قيمة قصور الثقافة.. المدهش أيضا أنك اذا حاولت أن تستخدم الـ»جى بى إس» لن تجد للقصر أى بيانات مسجلة، ليتردد سؤال بداخلك هل ارتدى قصر ثقافة حلوان « طاقية الاخفاء» حتى لا يصل اليه أحد؟!، ولكنك ما ان تصل إلى هناك ستعرف الاجابة بعد ان يرشدك الناس للموقع المنشود وهو شارع جانبى يعانى من النتوءات ومكانه لم يعرف طريقا إلى الاسفلت يوما ولكنه السبيل للوصول للقصر..فقط عليك ان تترجل وتسير حتى تعبر حارتين وتتجه بعدها يسارا حتى تصل لاخرها، حينها فقط ستجد على يسارك مبنى يتوسط إحدى المناطق الشعبية..بساطة المبنى تجعلك تشك للوهله الاولى أنك امام قصر للثقافة حتى تبصر تلك الجمله التى ترشدك وتؤكد ان هذا المبنى المكون من طابقين هو القصر المنشود.فى البداية تظن من المظهر ان ما بالداخل لن يختلف عن ما شهدته قبل ذلك وان تعددت الصور فتظل المشكله الواحدة هو غياب دور قصور الثقافة وانهيارها،يزداد معك هذا الشك ما ان تصل إلى فرد الامن والذى جلس بجوار الباب المؤدى للدخول على مكتب أكل منه الدهر وشرب يسجل الدخول والخروج..يقابله غرفة واسعة فارغة تزيد يقينك باننا اما استكمال لباقى قصة من الفشل، ما ان رآنا اسرع الينا سائلا «أؤمرنى يا فندم»، لنجيبه أننا مهتمون بالشأن الثقافى ونريد ان «..فى هذه اللحظة وبدون مقدمات حتى انه لم يدعنا نكمل باقى جملتنا فاجأنا مهرولا على السلم تاركا ايانا «قائلا ثوانى هقول المديره».


لحظات بسيطه حتى عاد فرد الامن برفقة أحد المسئولين عن القصروالذى استقبلنا بترحاب قائلا « تحت أمرك يا فندم عايز تعرف ايه عن القصر»، ونتاج هذا الترحاب أفصحنا له عن هويتنا الصحفية واننا نقوم بعمل تحقيق عن قصور الثقافة ونرغب بمعرفة النشاطات بالقصر على أمل الا يحدث مثلما حدث معنا فى قصر عين حلوان والذى تم منعنا من تصويره او الحديث مع موظفيه لمعرفة نشاطاته وكأنه من المحرمات، ليتحقق الامر ويجيبنا المسئول قائلا «هى مشكله فعلا بس القصر ملك الناس كلها بس لو سمحت كرنيهاتكم نثبتها ونبدأ جولتنا إللى مش هقولك فيها الدنيا وردى بس الاهم متنخدعش بالمظاهر هو مبنى بسيط اه بس النشاطات هنا كويسه وبنحاول عن اد ما نقدر».


مشروع معطل
لا تحاول الحكم على الأمور من مظهرها هذا ما اكتشفناه فيما بعد، فما توقعنا ان يكون سيئا من بساطة المبنى سرعان ما ثبت عكسه، الوضع ليس بهذا السوء، افضل بكثير عن سابقيه، حتى الغرفة التى تقابل فرد الامن هى فى الاساس مشروع معطل لاقامة مسرح بسبب تاخر فى الحصول على تصريح للعمل من الحماية المدنيه، والتى نتاج عدم الحصول عليها فان جميع العاملين بالداخل مهددون بالحبس اذا ما مورس أى نشاط بداخل القصر ومع هذا فانهم لا يكلون ولا يملون من التفانى فى العمل برغم قلة الحيلة وضعف الميزانية والتى تعد مشاكل خارجة عن ارادتهم ولا حيلة لهم بها.


فيقول أحد المسئولين داخل القصر: إن اتهام الموظفين والعاملين بقصور الثقافة بالتقصير وانهم السبب فيما وصلت اليه الان من غياب لدورها الفعال ظلم بين فالموظفون بريئون من هذا الاتهام الظالم وعلينا اولا ان نعرف الاسباب حتى نلمس بواطن الامور والتقصير وعلى اثرها نبدأ فى الحل اما اذا ظللنا نتهم فقط فلن تعود القصور كما كانت بل ستظل فى حالتها الحالية ولن يكون لها دور فعال فى الفترة القادمة.


ويضيف أبرز هذه الاسباب والمتهم الرئيسى هو حريق مسرح بنى سويف والذى كان فى عام 2005 فهذا الحادث هو بداية الانهيار لدور قصور الثقافة بعد ان كانت فى قمة توهجها لانه منذ ذلك العام وحتى الان تستطيع ان تقول ان الغالبية العظمى من القصور ميتة اكلينيكا الا من رحم ربى وذلك بعد القرار باغلاق القصور لحين توافر ادوات الحماية المدنيه والتى بحت اصواتنا لتوفيرها دون جدوي.


جو من الرعب
ويشير إلى انه ونت.اج عدم توفر هذه الادوات فان العاملين داخل القصور يعملون فى جو من الرعب لانه من المفترض ان العمل متوقف بداخل القصور وان من يقيم اى نشاط داخل القصر يصبح مخالفاً للقانون ويتعرض للعقوبة ومع هذا فانهم لايدخرون جهدا لعمل نشاطاتهم ويحاولون بقدر المستطاع ان يقيموا نشاطتهم فى اقل الاعداد داخل القصور وهذا ما نقوم به داخل قصر ثقافة حلوان والذى حددنا فيه بحد اقصى 5 رواد يوميا داخل القصر او اننا لنتجنب هذه المشكله نقوم بالجولات على المدارس او استغلال اى مكان اخر نقيم بها نشاطاتنا مثلما حدث عندما اقام القصر احد الاحتفاليات بقصر الاميرة خديجة الخاضع لجامعة الاسكندرية.


ويوضح أن هذه المشكله يعانى منها قصر ثقافة حلوان والذى تم انشاؤه عام 1984 ومنذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا لم يتم حل مشكلة الحماية المدنيه اى ان القصر الان فى عامه الـ 36 بدون ادوات حماية مدنية او بالاحرى يوجد بعض منها ولكن ينقصنا شيئين اولها قطعة صغيره فى « ماسورة» المياه الخاصة بالاطفاء والتى توجد خارج القصر وثانيه اصلاح انذار الحريق.


ويكمل قائلا» لك ان تتخيل ان هاتين المشكلتين هما اللذان يعطلان العمل داخل القصر وتجعلنا جاهزين بخطة اخلاء القصر فى حالة الكوارث بدلا من التفكير وضع الخطط لاستغلال المبنى باكمله مثال على ذلك الغرفة الكبيرة التى تقابل مبنى الامن والتى كنا نرغب فى ان نجعلها مسرحا ونضيف نشاط المسرح والذى لا يعد ضمن نشاطات القصر بالاضافة إلى غرفة فى الطابق الثانى نود ان نجعلها غرفة للندوات والاحتفالات ولكن لا نستطيع بسبب هذه المشكلة.


«تحسينات المستقبل»
قصر ثقافة المستقبل لوحة كبيرة تخطف نظرك بمجرد ان تصل مدينة 15 مايو، بالتحديد حى رجال الاعمال المجاورة 3.. أسفل هذه اللوحة مبنى يتسم بالفخامة والرقي.. جمال هذا المبنى يثيرشغفك لتصل إلى هذا المكان واستكشافه..فقط عليك ان تتحمل عناء صعود درجات السلالم وستصل إلى هناك، فى كل درجة تصعدها تسرح بخيالك بأنك ستجد صرحا عظيما يعيد أمجاد القصور الذى ولي.. وما ان تنتهى بالدرجة الاخيرة ستقابلك الطامة الكبرى وتحاول الدخول للباب الذى يقابله وخصص لقصر الثقافة، عندما يخطف نظرك أطلال مبنى على يسار هذا الباب. فى البداية ستظن ان هذه الأطلال مبنى المسرح وتتساءل لما هو على هذه الحالة.

 

ولكن الصدمة هى أن بقايا هذا المبنى صدق او لا تصدق ليس سوى «قاعة أفراح»..المشكلة ليست فى وجود قاعة للأفراح من عدمها ولكن الامر يتخطى ذلك ويجعلك تتساءل وينفجر بداخلك سيل من التساؤلات أبرزها.. كيف لمبنى من المفترض انه مخصص للثقافة وعمله ينتهى فى الـ 10 مساء ان يجاوره قاعة مليئة بالضجيج؟!، ما الضمانات بأن هذه القاعة لن تؤثر على نشاطات القصر؟!،ماذا إذا حدث مشاكل بداخل أحد هذه الأفراح هل يوجد ما يحمى القصر من المشاغبات التى قد تحدث؟!.


شيكارات  الأسمنت
وتستمر الأسئلة بالإجابات وتجد قدماك تخطو عائدة للباب المؤدى لقصر الثقافة لعلك تجد إجابة بالداخل أو تجد ما يخيب ظنك، ولكن لا تأتى المصائب فرادى وهذا ما ستجده فيما بعد، وبالتحديد عندما تجد «شيكارات الأسمنت» بجوار لوحة الافتتاح والتى تشير إلى ان هذا المبنى افتتح فى يوم الـ 2 من يوليو لعام 2014، للوهلة الأولى قد تظن ان هذه قد تكون إضافة جديدة ولكنك ستكتشف فيما بعد أن المبنى بالكامل والذى بالكاد أكمل عامه الـ 6 مغلق للتحسينات تقريبا منذ اقل من شهر فى حين أن هناك مبانى وقصورا اخرى أعمارها تصل إلى 36 عاما، وتزداد الاسئلة التى تحاول البحث الاجابة عنها من العمال عن اسباب الاغلاق لتجد الاجابات متباينة، فتارة يقول لك ان السبب فى ان الحمامات كان بها مشاكل، وتارة اخرى يقول لك كان يوجد بعض الشروخ فى الحوائط.

 

«البحث عن أنشطة»

«هى لسه قصور الثقافة موجودة!» و «بتعمل ايه القصور ديه» جمله اتفق عليها المواطنون مؤكدين أن دور قصور الثقافة انتهت وانها ماتت اكلينيكا ووجودها ليس سوى مبنى علقت امامه لافته فقط بلا هوية أو دور، واوضحوا ان السبب قد يكون فى جمود القصور عند فترة معينة وعدم قدرتها على مواكبه التكنولوجيا.


فيؤكد اسامة علي،محامى، أن قصور الثقافة تستطيع ان تصفها الآن بالميت الحى هى موجوده وحية كمبنى فقط ولكن كدور فهى ميته ولم تعد كالسابق.


ويوضح أن السبب فى ذلك هو القصور نفسها والتى تجمدت فى ادواتها عند مرحله ما ولم تواكب التطور التكنولوجى مما تسبب فى انها اصبحت ماضيا جميلا ولكن حاضرها لم يعد كالسابق.


ويرى أن الحل يبدأ فى ان تطور القصور من نفسها وتستعيد هيبتها لان عودتها يضمن لنا عقولا بلا تخريب وسيحافظ على الفكر السليم من التطرف لما ستقوم به من نشاطات نحتاجها الآن.


السوشيال ميديا
هى لسه قصور الثقافة موجوده!» بهذه الجملة الاستنكارية بدأت بثينة محمد، موظفة، حديثها لـ «بوابة أخبار اليوم». وتضيف ان قصور الثقافة بالنسبة لها ذكرى لطيفة عايشتها فى صباها واثرت بها وكانت حريصة كل الحرص على الاشتراك بها وكانت تستمتع بالجولات التى كانت يقوم بها الموظفون داخل المدارس لانتقاء المواهب وتبنيها مما كان له اثر فى خروج رموز كثيره من هذه القصور.


وتوضح أن الوضع تبدل الان فلم تعد تسمع عن دور القصور حتى الجولات فابناؤها لم يخبروها يوما ان قصر ما قد قام بجوله بمدارسهم حتى ظنت انها انتهت ولم يعد لها دور للاسف بعد ان كانت ملاذاً لكل شخص ذى موهبه.
وتتمنى بثينه ان تعود قصور الثقافة إلى مجدها مره اخرى حتى تنقذ ابناءنا خاصة ان الشباب والاطفال استبدلوها بالهواتف المحموله والسوشيال ميديا مما كان له اثره السيئ فى العقول نتاج ان هذا الاستبدال تسبب فى تلوث فكر بعض ففى النهاية النت سلاح ذو حدين وضرره اكثر من نفعه.


سهام البيروقراطية
ويؤكد محمد أحمد، مشرف معماري، أن القصور لم تعد لها دور واصبحت روتينية والسبب فى ذلك ان سهام البيروقراطية نالت منها واصبح يعمل بها موظفون لا تقدر قيمة العمل الذى يقومون به.


ويضيف أنه نتاج هذا ضاعت هيبة الثقافة ففى النهاية الذى يعمل فى مجال الثقافة لابد ان يكون مبدعا يعرف قيمة ما يقدمه يواكب التطور يتفاعل مع الناس وهذا ما لم تعد تقوم به قصور الثقافة.


ويشير إلى ان الحل هو فى اعادة النظر فى قصور الثقافة وان يتم صياغتها باسلوب جديد جذاب يعيدها إلى مكانتها خاصة اننا نحتاجها الان لاستعادة دورها فى بناء العقول وحمايتها من التطرف الذى اصبح يغتال العقول سواء كانت تطرفا دينيا او فكريا ففى النهاية العنف يكون المحصلة.


الفيس بوك
«بتعمل ايه قصور الثقافة دى انا معرفش عنها غير انها مبنى قدام بيتي» بهذه الكلمات بدأ وليد حسين، طالب حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم».


ويضيف أنه كل يوم يمر أمام المبنى هذا ولا يجد فيه روح ولا يرى أحدا اصلا يدخله حتى لا يرى أى معلقات للنشطات بداخله تعلق على جدرانه تخبرك بما فى الداخل حتى تذهب اليه حتى انهم لا يوجد لديهم صفحة على «الفيس بوك».


وعندما اخبرناه بنشاطات القصور وان من ضمنها المسرح استوقفنا وليد مختتما حديثه قائلا هو فى مسابقات مسرح جوا انا بحب اوى المسرح واخد كورسات وبروح مع زمايلى كتير مسارح الهواه ومكنتش اعرف ان القصور بتعمل كده حرام والله طيب على الاقل يكتبوا على السوشيال ميديا.