نهار

«صبايا مخدة الكحل»...

عبلة الروينى
عبلة الروينى

فى استعادة مسرح الطليعة لمسرحيتين من أجمل العروض فى تاريخه.. (الطوق والإسورة) إخراج ناصر عبد المنعم، و(مخدة الكحل) رؤية موسيقية لانتصار عبد الفتاح... إعادة تقديم عروض قديمة، ربما يعاود سؤال «الريبورتوار»؟.. هل هو مجرد إعادة إنتاج لعروض سابقة؟ أم هو رؤية جديدة مضافة، ومساحة للحوار والتفاعل بين زمنين؟... وهو ما حاول تقديمه انتصار عبد الفتاح، فى مسرحية (مخدة الكحل) بعد ٢٢ عاما من عرضها الأول، وفوزها بجائزة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى ١٩٩٨ وجائزة مهرجان قرطاج بتونس ٢٠٠٠
أضاف انتصار عبد الفتاح (الصبايا) إلى عنوان المسرحية (صبايا مخدة الكحل) والى رؤية العرض الجديدة.. مجموعة من الصبايا فى مواجهة ميراث ممتد من التقاليد والقهر ومحاولات الخروج منه.. حوار بين إيقاعين.. بين عالمين.. بين زمنين..
يعتمد العرض المشهدية والرؤية الموسيقية.. يمتزج الصوت والإيقاع والجسد فى صياغة بوليفونية متناغمة.. للجسد أيضا بوليفونيته المتعددة الإيقاع، يحاور أصوات الموسيقى ويتناغم معها، خاصة أن انتصار عبد الفتاح يستخدم لصياغة رؤيته الموسيقية، أدوات من داخل البيئة، ومن داخل عالم المرأة تحديدا (القباقيب، الهون، المخرطة، أدوات الطهى، خشبيات، شخاليل وخلاخيل)... بين السكون أو الجمود ومحاولات التمرد عليه، يواصل العرض حوار الأصوات والرؤى.. بين الجدة (سميرة عبد العزيز) والصبايا المتمردات على صورهن القديمة..
تجلس الصبايا داخل مستويات مغلقة، أشبه بالغرف السرية، هى عالمهن الداخلى ولحظاتهن الخاصة (أدوات التجميل، العطور، المكحلة، العرائس والشعر الطويل) بينما تجلس الجدة خلف ماكينة الخياطة، تستعيد ميراثا طويلا من الطقوس والتقاليد والخيوط المغزولة المتشابكة.. على حين ينطلق الجسد الأنثوى فى أداء حركى متعدد المستويات والإيقاعات (شهيرة وآيات محمود) ليصيغ حوارا ممتدا، فى محاولة للخروج، بينما ينفلت الزمن من بين الأصابع.
بعد ٢٢ عاما يواصل (صبايا مخدة الكحل) جمالياته التجريبية المدهشة.. ويغمرنا بالضوء والموسيقى.