«وجوه الفيوم» لوحات ذات طابع خاص تحمل عبق التاريخ

وجوه الفيوم
وجوه الفيوم

 

تعد وجوه الفيوم "بورتريهات الفيوم" مدرسة خاصة ظهرت فى مصر فى منطقة الفيوم، امتازت بخروجها عن الإطار المصرى القديم المعروف، إذ انفتحت مصر على العالم الخارجى، وفيها رُسم الوجه كاملا من الأمام وملتفتًا فى بعضها قليلا إلى اليسار ولهذه الصور طبيعة فردية فهى تمثل أشخاصًا بعينهم ويلاحظ أنها كانت ذات غرض جنائزى.

إلا أنها تختلف جذريًا عن الفن المصرى فى التصوير وتمتاز بتصوير الشخصيات تصويرًا واقعيًا وطبيعيًا ورسمت بأسلوب معين لا تخطأه العين، فياضة بالمشاعر الإنسانية وإن كان أغلبها حزينًا منقبضًا، ووجوه الفيوم اتسمت بالحيوية ونظراتها الهادئة والخالدة وتبين الروعة والإبهار وقوة التأثير التى تتميز بها تلك البورتريهات من قدرة مبدعيها وتمكنهم التقنى فى فن تصوير البورتريه ومهاراتهم فى محاكاة الطبيعة وقوة بناء الشكل وجمال صياغته إلى جانب براعتهم فى استخدام بعض المتناقضات مما جعل لوحاتهم تفيض بعمق المعنى وقوة التأثير والقدرة على إثارة الخيال.

يقول أحمد عبد العال مدير عام منطقة آثار الفيوم السابق، إن بعض المختصين اعتبروا وجوة الفيوم مصرية وعدها أخرون يونانية رومانية وقال فريق ثالث أنها بيزنطية سابقة على الأيقونات فبرغم أن الأسماء المكتوبة على الوجوة يونانية إلا أن الملابس والحلى ذات طابع رومانى، مشيرًا إلى أنه من المعروف أن وجوه الفيوم أدرجت ضمن الفن القبطى فى مصر دون أن يلتفت إليها علماء الآثار القبطية أنفسهم وإنما ترجع قلة الكتابات عن البورتريهات إلى عدد من الأسباب منها أن الفنانين الذين رسموها مجهولون وأن هذه الوجوه مبعثرة فى العالم وأحيانا فى عدة قاعات من المتحف نفسه ما بين الأقسام المصرية واليونانية والقبطية .

ويشير إلى أن هذه الوجوه يبدو أنها كانت ترسم فى أثناء حياة أصحابها ثم يحتفظ بها معلقة على جدران المساكن حتى الوفاة حيث ترفع وتوضع داخل اللفائف على وجه المومياء وهذا لا يمنع أن يكون بعض الصور قد رسمت بعد وفاة أصحابها ثم وضعت على مومياواتهم وفى بعض الأحيان عثر على صور فى مقابر دون مومياوات مثلما عثر عليه "فلندرز بترى" فى هوارة وبيهمو وأرسينوى "مدينة التمساح".

وأكمل: "هذه الرسوم ظهرت للمرة الأولى فى النصف الأول من القرن الأول الميلادى، حيث اكتشف (فلندرز بترى) فى تنقيبات هوارة شمال هرم أمنمحات الثالث الكبير وموقع قصر التيه (اللابرنث) عددًا من هذه الرسوم ففى هذا المكان وهو من المراكز المهمة بمنطقة الفيوم حيث كان سكان أرسينوى يدفنون موتاهم فقد كان الإغريق يعيشون ويدفنون موتاهم على ارتفاعات عالية على حدود الصحراء بعيدًا عن المياة التى يجلبها نهر النيل سنويا وقت الفيضان".

وقد كشفت التنقيبات عن 146 مومياء ذات رسوم شخوص "بورتريهات" وكان من بينها رسوم أسلم ما تكون حالة وأروع ما تكون فنًا، ولما كان أكثر هذه البورتريهات عثر عليه فى الفيوم فبات يشار إليها فى أكثر الأحيان باسم "بورتريهات الفيوم" مع أنها وجدت فى مواقع أخرى.

وأضاف أنه تم اكتشاف مجموعة كبيرة من اللوحات فى الفيوم من خلال تاجر الآثار النمساوى تيودور جراف عام 1887 إذ جمع حوالى 300 لوحة من منطقة الروبيات شمال شرق الفيوم وهذه المجموعة موزعة حاليا على متاحف ومجموعات خاصة وبلغ عدد البورتريهات التى وصلت إلى أوربا والولايات المتحدة الأميريكية من منطقة الفيوم حوالى 1000 بورتريه، لافتا إلى أن بورتريهات الفيوم ذات طابع خاص تعبر عن تاريخ المحافظة.