حوار| سفير فلسطين بالقاهرة: خطة ترامب «هدية» لإسرائيل.. وأمريكا ليست وصية علينا

السفير دياب اللوح مع محرر بوابة أخبار اليوم (تصوير: محمد عيسوي)
السفير دياب اللوح مع محرر بوابة أخبار اليوم (تصوير: محمد عيسوي)

-السفير دياب اللوح: نحن نرفض خطة ترامب «شكلًا» و«موضوعًا»

-إعلان ترامب جاء أسوأ مما أُعلن عنه في السنتين الماضيتين

-مهما حاول ترامب تزوير الحقائق «القدس فلسطينية» و«الأرض ستبقى عربية»

-لن نجري سلامًا على حساب حقوقنا.. وترامب خالف بوعوده مع «عباس»

 

كان العالم أمس الثلاثاء في ترقبٍ شديدٍ لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته للسلام في الشرق الأوسط، والتي سبقتها تنديدات فلسطينية ورفض استباقي لخطة الرئيس الأمريكي، التي كانت المؤشرات تقول إنها تحمل انحيازًا للجانب الإسرائيلي وتنتقص من حقوق الفلسطينيين.

وصدقت تلك التوقعات فأعلن ترامب خطته، التي تشمل بأن تبقى القدس "غير مقسمة" عاصمةً موحدةً لإسرائيل، في تحدٍ لكافة قرارات الشرعية الدولية، كما زعم أن خطته ستسمح بتقديم حلٍ واقعيٍ لمسألة "حل الدولتين".

وغداة إعلان ترامب خطته، أجرت "بوابة أخبار اليوم" حوارًا مطولًا مع السفير دياب اللوح، سفير فلسطين لدى القاهرة ومندوبها لدى جامعة الدول العربية، تناول الجزء الأكبر منه خطة ترامب، التي أُعلن عنها يوم أمس.

وننشر اليوم الأربعاء 29 يناير، الجزء الأول من هذا الحوار، الذي سيتم نشره على عدة أجزاء.

في البداية.. ما تعليقك على خطة ترامب للسلام التي أعلنها أمس؟

تقديراتنا وتوقعاتنا عن إعلان الرئيس الأمريكي كانت في محلها، فلم نتوقع أن يأتي إعلان ترامب بشيءٍ جديدٍ يمكن أن ينصف الشعب الفلسطيني بعد أن أصدرت الإدارة الأمريكية على مدار العامين الماضيين، 13 قرارًا مجحفًا بحق الشعب الفلسطيني وتتناقض تناقضًا تامًا مع المرجعيات الدولية والقانون الدولي وكل قرارات المنظومة الدولية بشأن القضية الفلسطينية.

وخطة ترامب التي أعلنتها تتناقض مع مبدأ الأرض مقابل السلام وحل الدولتين والاتفاقات المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية

ما أعلنه ترامب هو عبارة عن هدية قدمها للجانب الإسرائيلي لتحقيق مزيدٍ من المكتسبات وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، فهو اعتبر القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وأنهى حل الدولتين، ويريد أن يضم من 30 إلى 40% من مساحة الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، وهذه الأرض جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين.

-ما القراءة الفلسطينية لما أعلن عنه ترامب يوم أمس؟

نحن نرفض صفقة ترامب جملةً وتفصيلًا، وهو ما أكده الرئيس محمود عباس خلال خطابه أمس الثلاثاء 28 يناير، وشدد أيضًا على تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته ذات السيادة الكاملة على أرض دولة فلسطين، التي احتلت عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

الرئيس ترامب قال إنه يريد أن يعطينا عاصمة في القدس، أي نعتبر حي من أحياء القدس الشرقية عاصمة لفلسطين الجديدة، ما هي فلسطين الجديدة؟ نحن لا نعلم ما هي فلسطين الجديدة؟!

وأمريكا ليست مخولة من العالم ومن المنظومة الدولية، وليست صاحبة وصاية على الشعب الفلسطيني وعلى حقوق الشعب الفلسطيني حتى تملي علينا وعلى شعبنا حلًا لا نقبله ولا نريده.

نحن لم ننتظر هذا الإعلان لأننا كنا نعلم مسبقًا ما سيأتي فيه، ولكن ما جاء في هذا الإعلان أسوأ بكثير مما أُعلن خلال السنتين الماضيتين، لذلك موقفنا واضح كل الوضوح برفض أي خطة للسلام لا تلبي حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.

-ما المطلوب في الفترة المقبلة لمواجهة هذه الخطة؟

مطلوب من المجتمع الدولي أن تقدم خطة متفق عليها في إطار مؤتمر دولي للسلام تستند إلى المرجعيات الدولية ذات الصلة وإلى المبادرة العربية للسلام، التي نريد تنفيذها من الألف إلى الياء، والتي تعني إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بشكلٍ كاملٍ عسكريًا واستيطانيًا، وفي مقدمتها مدينة القدس الشرقية المحتلة.

خطة ترامب انتقصت من حقوق الشعب الفلسطيني لم تأتِ حتى بالحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني بل على العكس تمامًا هي قامت بمصادرة حقوق الشعب الفلسطيني.

-كيف تقيم موقف ترامب وتقلباته تجاه التعامل مع فلسطين مع بداية حكمه والآن؟

الرئيس ترامب منذ أن تولى مقاليد الحكم في أمريكا تعهد بالتدخل بشكل غير منحاز لحل الصراع مع إسرائيل وفي 4 لقاءات جمعته مع الرئيس محمود عباس وافق على كل شيء بما في ذلك حل الدولتين، وبما في ذلك إقامة دولة فلسطينية على أرض 1967، وأيضًا وافق على تبادل الأراضي بالقدر والقيمة، وليس بنسبة 1 إلى 2 بالنسبة لمساحة الضفة الغربية.

وأبو مازن قال له حينها الأمر بين يديك، نحن بانتظار أن تقدم خطة متوازنة لحل هذا الصراع، إلا أنه على ما يبدو كان يتحدث بلسانه كرئيس لأمريكا، ولم يتحدث بلسان الدولة العميقة وليس بما قطعه من وعود سابقة فخالف وعوده، وتحدث بلغة مختلفة.

المستشارون حول ترامب وهم جزء لا يتجزأ من الحركة الصهيونية في الإدارة الأمريكية ألغوا كل ما كان قد تحدث به ترامب مع الرئيس أبو مازن.

-ترامب في خطابه أمس قال جملة استوقفتني "حينما كنت في زيارة لإسرائيل قابلت الرئيس محمود عباس في بيت لحم" فلم يقل فلسطين وهو يتحدث عن أرض تقع تحت السيادة الفلسطينية.. ما مدلول ذلك؟

ترامب حينما قال إنه في زيارة لإسرائيل، إسرائيل أُقيمت على أرض فلسطين التاريخية، لكن تجاهل ترامب لفلسطين، ولدولة فلسطين لا يعني أن فلسطين ليست موجودة، الشعب الفلسطيني شعب عريق وصاحب حضارة وثقافة وصاحب تاريخ وموجود على هذه الأرض منذ فجر التاريخ، هو الشعب الأصيل على هذه الأرض والإسرائيليون هم الدخلاء الذين جاءوا من شتى أنحاء العالم كي يسكنوا أرضنا ويحتلوا أرضنا.

فمهما حاول ترامب من قلبٍ للحقائق وتزويرٍ للتاريخ فإن الحقائق واضحة وبينة، والتاريخ لن يتم تزويره، القدس ستبقى هي القدس "فلسطينية"، والأرض ستبقى عربية، ولا التيار المتصهين في الإدارة الأمريكية أن يفرض علينا حلًا أو يصادر حقوقنا في نيلنا حريتا واستقلالنا وإقامة دولتنا.

-ترامب دائمًا ما يعتمد على سياسة فرض الأمر الواقع، على سبيل المثال الاتفاق النووي الإيراني انسحب من الاتفاق ثم قال نتفاوض على اتفاق جديد، والأمر كذلك حدث في القدس.. هل من الممكن أن يتكرر الأمر مع خطته التي أعلنها أمس أم أن الوضع مختلف هذه المرة؟

الرئيس ترامب تقدم بخطة، لكي تُنفذ على أرض الواقع تحتاج إلى طرفين. هناك طرفان، الطرف الإسرائيلي ونحن الطرف الفلسطيني، غذا كانت حكومة اليمين في إسرائيل وافقت على هذه الخطة، فنحن لم نوافق عليها، فكيف سيتم تنفيذها دون موافقة الطرف الثاني صاحب الحق الأصيل في القضية

نحن لن يجبرنا أحد على الموافقة أو على التوقيع على شيءٍ لا يلبي حقوق الشعب الفلسطيني. والرئيس أبو مازن قال نحن أصحاب حق، ونحن متمسكون بهذا الحق، وقد قال لا لكل القرارات الأمريكية، وليس الرئيس وحده من قال لا

وهناك داخل المجتمع الأمريكي من قال لا، وهناك 193 عضوًا بالكونجرس الأمريكي من الديمقراطيين والجمهوريين أيضًا قالوا "لا" لآخر قرار اتخذته الإدارة الأمريكية باعتبار أن المستوطنات الإسرائيلية غير مخالفة للقانون الدولي.

 

-إذًا هل سيظل الموقف الفلسطيني متصلبًا تجاه خطة ترامب؟

نحن نريد سلام ولكن ليس بأي ثمن، لا نريد سلام على حساب حقوقنا، فنحن شعب مناضل قدم التضحيات من الشهداء والأسرى على مدار 100 سنة من الكفاح والمقاومة في مقارعة الاستعمار منذ صدور وعد بلفور عام 1917، ونحن في صراع مع قوى استعمارية على أرض فلسطين.

فنحن لن نفرط ولن نبيع ولن نساوم على حقوقنا، وهذا ما أكد الرئيس عباس أمس، وهذا ما أكده كل فلسطيني، وكل أطياف الشعب الفلسطيني لن تجد فلسطيني يقول إنه سيفرط في القدس أو في ذرة رمل من فلسطين أو تراب القدس مهما طال الزمن فإن الشعب الفلسطيني سوف ينتصر وسيحصل على حقوقه.