ميلاد المسيح فرح عظيم

بقلم غبطة البطريرك : إبراهيم إسحق
بقلم غبطة البطريرك : إبراهيم إسحق

بقلم غبطة البطريرك : إبراهيم إسحق

حملت رسالة ميلاد المسيح بشرى من السماء تقول « لا تخافوا، هآنذا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب،ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح « وجدير بالانتباه أن أوَّل الأسئلة فى الكتاب المقدس هو سؤال الله للإنسان «آدم آدم أين أنت؟»
فأجاب آدم «سمعت وقع خطاك فخفت لأنى عريان فاختبأت» (تك3 : 9 _ 10) ويهرب الإنسان من الله لأنَّه خائف، فلماذا يخاف منه؟ بينما ألفته السابقة معه تؤكد العكس. وهذا السؤال مازال مطروحًا على كل واحد فينا. أين أنت؟ أين أنت من ثقة الله فيك ومحبته لك وانتظاره لتجاوبك معه؟
هناك فرق شاسع بين مخافة الله بمعنى احترام قدسية حضوره فى حياتي، وبين الخوف منه بناءً على تصورات سلبيّة غير حقيقية عنه، كما لو كان خصمًا للإنسان وكأن رفعة الله لا تقوم إلّا على الحطّ من قيمة الإنسان وكرامته. وكم من الفلاسفة عبروا عن هذا الفكر المشوّه، وهذا الخطر الذى يهددنا دومًا. وقد يدفع الخوف من الله إلى نوعين من التطرف. فإمَّا أن ينكر الإنسان وجود الله على الصعيد النّظريّ أو على الصعيد الحياتيّ فيعيش كما لو كان الله غير موجود بالمرة. أمَّا التطرف الثانى فهو عيش العلاقة مع الله كنوع من العبوديّة خوفًا من غضبه وبالتالى من عقابه، مما يدفع البعض إلى التعصب ورفض الآخر ظنًا منه أنَّه يدافع عن حقوق الله، بينما هو لا يستخدم أساليبه.
فى حدث ميلاد يسوع، الذى نحتفل به، يبحث الله عنا من جديد. يبحث عن المختبئين خوفًا، وإليهم يرسل ملاكًا يقول لهم لا تخافوا، هآنذا أبشركم بفرح عظيم. إنها رسالة قوية قادرة أن تكسر قيود الخوف.
ثانيًا: ها أنا أبشركم بفرح عظيم...ولد لكم مخلص» (لو ٢: ١١)
الهدية على قدر الشخص الذى يهديها، فماذا يا ترى يهدى الله غير ذاته؟! وهل هناك أروع من ذاته؟
هناك تمييز بين الغنى والكريم والجوّاد فإذا كان الغنى هو مَن يمتلك الكثير، والكريم هو من يعطى مما يمتلك، فالجواد هو يعطى ذاته .
الله يعطى ذاته لكى يخلصنا. ممَّ يخلصنا ؟
يخلصنا من الخوف غير المبرر منه، إذ نكتشف عمق محبته للبشر، ولأننا نصبح رعاياه.
يخلصنا من سلطان الشر وطغيانه، لأننا بنعمة روحه القدوس نهزم الشر بالخير «لا تدع الشر يغلبك بل اغلب الشر بالخير» (رو ٢١:١٢) فنكون أداة للسلام ونزرع الحب والغفران حيث الحقد والكراهية (صلاة القديس فرنسيس الأسيزي).
يخلصنا من أنانيتنا، على المستوى الفرديّ والجماعي، التى تجعلنا نحوّل كُلّ حياتنا إلى حالة حرب دائمة ضدّ كل من نظن أنَّهُ يهدد سلامنا وسعادتنا. بينما «المحبة لا تعرف الحسد ولا التفاخر ولا الكبرياء، لا تسىء التصرف ولا تطلب منفعتها ولا تحتد ولا تظن السوء، ولا تفرح بالظلم بل تفرح بالحقَّ، المحبة تصفح عن كُلّ شيء وترجو كُلّ شيء وتصبر على كُلّ شيء، المحبة لا تسقط أبدًا» (1 كور 13: ٤-٧) لأن الله محبة، وهذا ما يتجلى فى هذه الليلة بالذات.
ثالثًا: الفرح يكون لجميع الناس
نصلى من اجل وطننا الغالى مصر، ومن اجل رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى وكل المعاونين له فى خدمة الوطن، طالبين لهم الصحة والعون لمواصلة العمل من أجل كرامة وسعادة كل المصريين.نصلى ونهنئ كل الذين يحتفلون بعيد ميلاد يسوع من اليوم وكل الأيام المقبلة، متمنين ان يغمر فرح المسيح قلب كل إنسان.
< بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة
 المرقسية للأقباط الكاثوليك