إنها مصر

تهنئة لشركاء الوطن

كرم جبر
كرم جبر

تبقى مصر آمنة سالمة، إذا اتسمت العلاقة بين المسلمين والأقباط، بالخير والمودة والتعاون والوئام، تشاركنا فى الحلوة والمرة، وتقاسمنا الأفراح والأحزان، ولم نعرف الضغائن والخلافات، إلا حين أطل التطرف بوجهه القبيح فى سماء العلاقات.
تهنئة إخوتى الأقباط واجب كما يهنئوننا فى رمضان والأعياد، ويقيمون موائد الرحمن، وإذا أردنا أن نرد التحية بمثلها، نقول لهم كل سنة وأنتم طيبون، وندعو الله أن يزيد أعياد مصر.
أذكِّر المصريين وأذكِّر نفسى، بأن المستعمر البغيض لم ينجح فى بذر الفتن، وصد ما نجحت فيه بعض الجماعات الإرهابية، وتحضرنى مقولة اللورد كرومر الشهيرة «جئت إلى مصر، فلم أجد فيها غير مصريين بعضهم يذهب إلى المساجد وبعضهم إلى الكنائس ولا فرق».
كرومر المستشرق الداهية والمندوب السامى البريطانى، أراد أن يفجر الفتنة بين المسلمين والأقباط، ليخفف عن قوات الاحتلال عبء المقاومة، لكنه فشل فى مهمته التآمرية.
وأذكِّر بحرب أكتوبر المجيدة، واثنين من القادة العظام يقودان المعركة إلى النصر، فؤاد عزيز غالى بجانب شقيقه عبد رب النبى حافظ، والضابط أحمد بجوار أخيه سمعان، والجندى محمود يحمى ظهر أخيه عبد المسيح.
وأذكِّر بالعام الأسود حين حكم الإخوان مصر، وتعرض الأقباط لأكبر تعديات فى تاريخهم، من حرق الكنائس إلى تفجيرها، والاعتداءات على الأموال والأشخاص، والتهجير القسرى.
رغم ذلك لم نسمع صراخاً ولا شكوى مثلما كان يحدث قبل ذلك لأهون الأسباب، وصمت صوت أقباط المهجر، والتف الجميع حول وطنهم، لإدراكهم أن حضن مصر هو الحصن والقوة والحماية، وليس الاستقواء بالخارج.
وأدرك شركاء الوطن أن الخارج يوظف بعض مشاكلهم للضغط السياسى على مصر، وليس حماية للحقوق أو من أجل سواد عيونهم، بدليل الانتهاكات الصارخة التى يتعرض لها المسيحيون فى الشام والعراق من الجماعات الإرهابية، ولا يذرف الغرب دمعة واحدة.
وفى مثل هذه الأيام فى الأعوام التى تلت أحداث يناير، كان المشهد رائعاً، حين التف الشباب المسلمون مع أشقائهم الأقباط لحماية الكنائس من غارات البربر، وارتفع شعار «كنائسهم مقدسة مثل مساجدنا»، فهذه هى مصر بتسامحها ومحبتها واحتوائها أبنائها.
وأتذكر مقولة للرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد المؤتمرات، حين قال إذا نظرت للمسيحى نظرة فيها شك، فعليك أن تراجع إيمانك وتدقق إسلامك، وهى عبارة بليغة تجسد معنى السلام الذى تنادى به الأديان.
أصبحت عادة سنوية أن يزور الرئيس الكاتدرائية فى عيد الميلاد المجيد، وتغمر الجميع فرحة حقيقية تطل من العيون والقلوب، حين يتجول رئيس مصر بين الصفوف، ويصافح أبناء وطنه المسيحيين، وهم يهتفون «تحيا مصر» لرئيس مصر، الذى تواضع لله فرفعه، وكرس مفهوماً محترماً لرئيس مسلم، يقف على مسافة واحدة من كل أبناء شعبه.
تهنئة للإخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد، ونؤكد على أهمية أن تصفو نفوس بعض المرضى، وأن ينظروا للوطن بأنه الحضن الذى يحتوينا جميعاً، وأن يتم وأد المشاكل الصغيرة المفتعلة أولاً بأول، لنظل دائماً «شركاء فى وطن واحد».