عقب مقتل سليماني.. مرشحو الرئاسة الأمريكية يعيدون حساباتهم حول السياسة الخارجية

صورة من رويترز
صورة من رويترز

بينما ينشغل المرشحون الديمقراطيون الطامحون للرئاسة الأمريكية بقضايا داخلية مثل الهجرة والرعاية الصحية، انقلبت خططهم رأسا على عقب بعد مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

ويتصارع الآن المرشحون الديمقراطيون الأربعة عشر حول كيف سيغير قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن الضربة العسكرية، التي استهدفت أكبر جنرال تابع للزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي، من اتجاه حملاتهم الانتخابية.

ووفقا للرد الإيراني وحسب تناول ترامب للأزمة، فمن الممكن لعملية مقتل سليماني إما أن تعيد صياغة القضايا المطروحة في الانتخابات التمهيدية والعامة فيما يخص السياسة الخارجية، أو أن تضع المرشحين الديمقراطيين في موقف الدفاع في وقت يعتبر فيه ترامب ذلك الهجوم واحدا من أهم انتصاراته الكبرى.

وتراوحت ردود الفعل المبدئية من جانب المتنافسين على مقعد الرئاسة، بين الرفض المتحفظ من جانب أصحاب توجه الوسط، بإدانة عملية قتل سليماني، والذي يتهم بعضهم ترامب بعدم الحصول على مصادقة الكونجرس ويتساءلون حول الاستراتيجية الشاملة لإدارة ترامب، وحتى مقارنة هذا الأمر بإعلان الحرب.

ويعتبر بعض المرشحين أن ترامب يجر البلاد إلى أتون حرب جديدة ويتساءلون عن جدواها، ومن بين هؤلاء المرشح الديمقراطي السيناتور بيرني ساندرز الذي قال إن "ترامب وعد بإنهاء الحروب التي لا تنتهي لكن تلك العملية تضع الولايات المتحدة على مسار حرب أخرى".

ويشكك بعضهم في جدوى هذا التوجه ونتائجه، مثل جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الديمقراطي الأوفر حظا؛ حيث أعرب عن أمله في أن الإدارة الأمريكية فكرت مليا في تداعيات المسار الذي اختارته.

وفي السياق، قال آرون ديفيد ميلر، الباحث في معهد كارنيجي للسلام الدولي، إن أسلوب المتنافسين على الترشح الانتخابي يتسم بكونه يعتمد على الانتظار.

ويضيف ميلر، الذي عمل من قبل محللا سياسيا بوزارة الخارجية الأمريكية، ومفاوضا في ظل إدارات سابقة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أنه "إذا ما ردت إيران بتفجير سفارة أمريكية، أو غير ذلك كضربة انتقامية، فسيكون الحكم على الأمر بأنه عمل متهور وغير مسئول".

ويقول "ما لم يكن هناك مثل هذا النوع من الرد الانتقامي، فمن الممكن أن يساهم ذلك في تعزيز وضع الرئيس ترامب وشعبيته".

وقد تفادى مرشحو انتخابات 2020 على نطاق واسع المواجهة بين بعضهم البعض بشأن قضايا السياسة الخارجية في الاستعداد للمرحلة التمهيدية للانتخابات، والتي سيطرت عليها السياسات المحلية، وجاء مقتل سليماني ليضع رؤاهم لمثل تلك القضايا الخارجية على المحك.

ويعتبر بايدن أن مسيرته السياسية لمدة نصف قرن تجعله مستعدا للتعامل مع القوى الدولية منذ اليوم الأول من توليه الحكم.

أما بيت بوتجيج عمدة مدينة ساوث بيند السابق بولاية إنديانا، وهو واحد من بين اثنين من قدامى المحاربين ما زالا في السباق الانتخابي الديمقراطي التمهيدي في الطريق نحو البيت الأبيض، فيدفع بشهاداته العسكرية حتى ينأى بنفسه عن ترامب وعن منافسيه الحزبيين.

وفي غضون ذلك، فإن ساندرز وكذلك المرشح الديمقراطي تولسي جابارد، النائب عن ولاية هاواي، يستخدمان في حملتيهما الانتخابية شعار "إنهاء الحروب التي لا تنتهي" في منطقة الشرق الأوسط وسائر المناطق حول العالم.

ويشير ميلر إلى أن " فشل ترامب في الحصول على مصادقة الكونجرس قبل توجيه الضربة الجوية يتجاوز كونه مسألة سياسية؛ لأن السياق الكامل للقرار الذي اتخذ فيه لم يكن ليسمح بمشاركة النواب الديمقراطيين فيه".

ويقول إن المناخ السياسي الاستقطابي الراهن يتسبب في ردود حادة كان يمكنها أن تغيب في عقود سابقة".

أما جيمس كارافانو الباحث بمؤسسة هيريتيدج فيرفض احتجاج الديمقراطيين بأن قرار ترامب كان تصعيدا؛ بسبب الوضع العدائي الذي تبنته إيران لأكثر من عام.

ويرى أن هذا كان استجابة بائسة من قبل منتقدي الرئيس ترامب، فسجل الرجل يحفل ببيانات صاعدة، ويراه الشعب رئيسا يزداد قوة وثقة، وعندما يسمع الناس عبارة "أمريكا أولا"، فإن هذا يعني حماية المصالح الأمريكية بدلا من الاستمرار في حرب لا تنتهي.

وأضاف "لا تعني نشوة الإنجاز لترامب وحملته ولسائر الجمهوريين بعد مقتل سليماني أن الانتخابات العامة ستشهد نفس تلك المشاعر، فالحروب تعتبر حقول ألغام سياسية بالنسبة لرئيس في السلطة ينافس من أجل ضمان إعادة انتخابه والاستمرار في البيت الأبيض لمدة ثانية".

وأشار إلى أن الحرب في شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1950 و1953 تسببت في وأد طموحات الرئيس الأمريكي الأسبق هاري تومان لمدة ولاية ثانية، كما فعلت حرب فييتنام مع الرئيس ليندون جونسون أواخر قبل خمسة عقود.

فيما تقول أليسون بيترز نائبة مدير برنامج الأمن الوطني: "إن الرئيس ترامب كثيرا ما أبدى التزامه خلال حملته الانتخابية السابقة بسحب القوات من الشرق الأوسط، لكن ما شهدناه هو مضاعفة القوات الأمريكية التي ترسل للمنطقة، حتى جاء هذا القرار الأخير، والذي يطيح بالتعهدات السابقة، وهو ما يمثل تساؤلا كبيرا حول كيف سيؤثر ذلك على السياسات الأمريكية بصفة عامة في المستقبل".