"جينيس" تامر حسني.. الحقيقة والأسطورة !

تامر حسني بعد استلامه تكريم «جينيس»
تامر حسني بعد استلامه تكريم «جينيس»

قبل أن تقرأ دعنا نجيب معًا على بعض الأسئلة: 


هل تامر حسني فنان ناجح؟ نعم 


هل تامر حسني يمتلك شعبية عريضة على مستوى الوطن العربي؟ بالطبع نعم 


هل قدم تامر حسني أفلامًا وأغنيات ناجحة؟ نعم 


هل يمكن أن نصف تامر بلقب الفنان العالمي أو أكثر فنان ملهم ومؤثر في العالم؟ بالطبع لا..

 

والسؤال الأخير وإجابته هما "مربط الفرس" في قصة دخول تامر حسني موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية "كأكثر فنان حصل على توقيعات جمهوره على لوحة إعلانية".

 

نعم هذا هو نص وتوصيف أسباب دخول تامر حسني للموسوعة، بينما يصر هو على الترويج بأن الموسوعة العالمية اختارته كأكثر فنان ملهم ومؤثر في العالم، وهي معلومة غير دقيقة هدفها تضليل الجمهور ووسائل الإعلام وترسيخ صورة مغايرة لمُنجزه الفني والاجتماعي تبدو أضخم وأهم مما هي عليه في الحقيقة!

 

دعنا ننحي جانبًا الرسالة التي يروجها تامر ومعجبيه الآن أن الانضمام للموسوعة إنجاز وطني مصري، نعم تامر حسني فنان مصري وناجح ومؤثر في جمهوره على امتداد الوطن العربي، إلا أن هذه النبرة الوطنية في غير محلها، فالموسوعة لم تضع تامر بعد منافسة مع آخرين كي نطرح فرضية التفوق المصري، كما أن تفاصيل عملية دخول الموسوعة بدأت بمخاطبات بين إدارة أعمال تامر وإدارة "مارينا مول" بأبوظبي للاتفاق على تنظيم حدث يقوم فيه معجبو تامر حسني بالتوقيع على "بطاقات" تحمل عبارة "أنا أدعم تامر حسني" وعرضها على لوحة إعلانية ضخمة بالمول !

 

هذه الفكرة نفذها من قبل "وكلاء" النجم العالمي روبرت داوني بطل سلسلة أفلام "أيرون مان" في إطار الترويح لأفلامه، حيث تم جمع أكثر من خمسة آلاف توقيع – وهو رقم ضئيل بالمناسبة- دخل على إثره الموسوعة كأكثر فنان جمع توقيعات لدعمه من جمهوره.

 

نفذ تامر حسني وفريقه الفكرة، ولا شك أن قدرة تامر وفريقه وجمعيات وروابط محبيه المنتشرة في الوطن العربي قادرة على دعمه بأضعاف رقم "داوني"، الغريب أن تامر جمع 16 ألف توقيع فقط  وهو رقم أقل بكثير مما توقعته شخصيًا، وبناء عليه تم مخاطبة "موسوعة جينيس" لتسجيل الرقم، وذهب تامر إلى أبو ظبي وتسلم شهادة الموسوعة في احتفالية على قدر الحدث، خضبتها دموعه هو وعائلته وأصدقائه فخرًا بالإنجاز التاريخي.

 

نأتي للنقطة الأهم.. هل أعلنت موسوعة جينيس عن حيثيات دخول تامر حسني للموسوعة؟

 

حتى كتابة هذه السطور لم تعلن الصفحة الرسمية للموسوعة على موقع "فيسبوك" أي شيء بخصوص تامر ورقمه الجماهيري، ولم تذكر الموسوعة في موقعها الرسمي أي شيء عن كون تامر حسني أكثر فنان مؤثر وملهم في العالم، وبالنظر إلى النص المكتوب على الشهادة التي تسلمها مساء الجمعة من إدارة الموسوعة فالمكتوب حرفيًا كالتالي:

 

"حقق تامر حسني من مصر أكبر مساهمة في لوحة إعلانية مقدمة من معجبيه في مارينا مول"


(يمكنك أن تراها في الصورة المرفقة على اليسار للشهادة وتترجمها حرفيًا لتفهم الحقيقة)

 

هذا كل ما في الأمر، لوحة إعلانية ضخمة ضمت توقيعات من 16 ألف معجب، أي أكثر بقليل من عدد الجماهير التي حضرت مباراة الأهلي والهلال السوداني باستاد السلام بالقاهرة  في نفس اليوم ، وهو رقم لا يعكس شعبية تامر حسني الجارفة في الوطن العربي، ولكنه لم ولن يكون الأكثر تأثيرًا أو إلهاما في العالم.

 

تأكيدًا لذلك -ودون قصد- نشر تامر حسني فيديو دعائي عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" يظهر فيه وهو يشاهد اللوحة الإعلانية التي أنجزتها إدارة المول بالتعاون مع إدارة أعماله وروابط محبيه، وظهر في الفيديو "كروت" للدعم عليها أسماء لجمهور عربي من مختلف أنحاء العالم، سواء من استراليا أو الهند أو أمريكا، ولكنهم في النهاية جاليات عربية وهذا واضح في الأسماء التي ركزت عليها الكاميرا .

 

والسؤال.. هل يقصد تامر حسني المبالغة في منح خطواته هالة إعلامية ضخمة؟

 

في الحقيقة نعم .. فتامر منذ بداياته الفنية وهو مهتم بالدعاية على حساب مُنجزه الفني الحقيقي، صحيح أن لديه أعمالًا وألبومات ناجحة وأفلامًا حققت ملايين الجنيهات في شباك التذاكر، ولكنها لم تكن أبدًا ركيزة تسويقه إعلاميًا، رسم تامر حضوره الإعلامي بالشائعات حول حياته الخاصة، ثم منافسته لنجوم كبار في مجال الغناء، وعندما فقدت تلك النغمة تأثيرها اتجه إلى العمل الإنساني كوسيلة للتواجد، وهذا أمر محمود لا يمكن أن نرفضه أو ننتقده ولكنه في النهاية خارج حدود الإنجاز الفني الذي يقاس بمبيعات الألبومات وأرقام المشاهدات، والحضور الجماهيري في الحفلات وشباك التذاكر في السينما، صحيح أن تامر حسني يمتلك رصيدًا محترمًا في كل هذه العناصر ولكن ليس بالشكل الذي يوحيه لنا.

 

عام 2016 شارك تامر حسني في حملة للتبرع بالدم بمصر بمشاركة هيئات رسمية مختلفة ، لا خلاف أن مساهمة تامر ودعمه منحا الحملة شهادة نجاح كبيرة جعلتها أكبر حملة للتبرع بالدم ودخلت موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية، ولا خلاف أيضًا أن الحملة لاقت دعمًا كبيرًا من الدولة بعيدًا عن مشاركة تامر ، وفي النهاية خرج هو لينسب هذا النجاح لقدرته وحده على التأثير والحشد.

 

بعدها وفي عام 2017 خرج علينا ليحتفل بتكريمه في هوليوود ووضع "بصمته الإسمنتية" في المسرح الصيني وهي القصة التي تحولت إلى "فضيحة" بكل المقاييس عندما أدت الصحافة الاستقصائية دورها وتواصلت الزميلة جريدة "الوطن" مع إدارة المسرح الصيني، واتضح أن تامر بالتعاون مع شركة مصرية أستأجر المسرح لإقامة عرض خاص لفيلمه "تصبح على خير" ووضع بصمة إسمنتيه كتذكار مؤقت ضمن الاحتفالية المزعومة، وغادر مصطحبًا معه بصمته التي لم تعرض هناك على غرار نجوم هوليوود! 

 

حسنًا نحن جميًعا نعترف بشعبية تامر في مصر والوطن العربي، ولكن هذه الشعبية أصبحت تحيطه كشخصية ترفيهية وليست كمطرب، أمر يشبه إلى حد كبير حالة باريس هيلتون وكيم كارداشيان نجمتي "تليفزيون الواقع" اللتين لا يعرف أحدًا سببًا حقيقيًا لمتابعتها وشعبيتهما وشهرتهما الواسعة سوى "هوس المشاهير" الذي أصاب الملايين حول العالم!


تخلى تامر حسني مبكرًا جدًا عن مشروعه الموسيقي كمطرب منذ انفصاله عن مكتشفه نصر محروس ، وتحول إلى ممثل ناجح في أفلام عديدة ومازالت نجاحاته في التمثيل مستمرة ،  وإن كان آخر مسلسلاته "فرق توقيت" واجه اخفاقًا واضحًا جعل تامر يأثر السلامة ويبعتد عن المسلسلات، ولكن على صعيد الغناء لا ملامح واضحة يمكن أن تلمسها لديه لتقول أن هناك مشروع موسيقي لمطرب إسمه تامر حسني ، لم يحقق تامر خلال مشواره أعلى المبيعات في مجال الألبومات الغنائية منفردًا ، كان طوال الوقت رقمًا مؤثرا في المعادلة ولكنه أبعد مايكون عن "أفعل التفضيل" التي يصر تصديرها لنا ، بل إن تامر ظل لأكثر من عشر سنوات بعيدًا عن التأثير والنجاح الحقيقي في ساحة الألبومات الغنائية حتى قدم ألبومه الأخير "عيش بشوقك" والذي كان ألبومًا مميزًا بالمناسبة وعكس تطورًا ملموسًا في شخصيته كمطرب.


كنت أتمنى أن يحصل تامر حسني "إبن بلدي" على جائزة عالمية لجهد ملموس وإنجاز فني يمكن قياسه ، كجائزة أعلى مبيعات لألبوم في العالم مثلا طالما أنه مؤثر وملهم للعالم أجمع ، ولكن يبدو أن الشاب المراهق اللاهث وراء الألقاب والشهرة لم يغادر بعد ذهن تامر حسني النجم الذي حقق من الشهرة والنجاح مايكفي ليطمئن ويتفرغ لتقديم فن جيد  بدلًا من أن يتحول إلى "غزل بنات" منفوش وشكله حلو من بره لكن من جوه مجرد سُكَر وهيدوب بسرعة.