العمالة المصرية بالخارج «للخلف دُر».. من يعيد «الأيدي الشقيانة» للصدارة؟

العمالة المصرية بالخارج «للخلف دُر».. من يعيد «الأيدي الشقيانة» للصدارة؟
العمالة المصرية بالخارج «للخلف دُر».. من يعيد «الأيدي الشقيانة» للصدارة؟

- «إلحاق العمالة»: 70% تراجعا هذا العام.. وتحويلات المصريين بالخارج 26 مليار دولار

- حرب اليمن وتراجع أسعار النفط وتوقف المشروعات وأزمات العراق وليبيا.. أهم الأسباب

- حمدي إمام: 3 ملايين مصري بالسعودية.. ودور «باهت» لمكاتب التمثيل العمالي بالخارج

- رشاد عبده: «القوى العاملة» تخلت عن دورها في تدريب العمالة وتصديرها للخارج

- خبير اقتصادي: التراجع منذ 10 سنوات.. وهذه الدول سبقتنا في تصدير العمالة لهذه الأسباب

- فتح أسواق جديدة في أفريقيا وآسيا وأوروبا والتدريب الجيد للعمالة والتسويق لها.. «الحل»

 

ظلت مصر لسنوات طويلة تحتكر تصدير العمالة المصرية للأسواق العربية، وكان المهندس والمدرس والعامل المصري له الصدارة بين الجنسيات الأخرى التي تُقدِم على العمل في الأسواق العربية كدول الخليج وليبيا والعراق، لكن اختلف الوضع خلال السنوات الأخيرة، حيث تراجعت مصر للمركز السادس بعدما كانت في المركز الرابع لتصدير العمالة للخارج عالميا.

ولتراجع الطلب على العمالة المصرية في الخارج تبعات سلبية على معدلات البطالة، وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج من الأموال؛ ما يؤثر على الاقتصاد المصري، خاصة وأن تلك التحويلات تعد أحد ركائز الدخل القومي، لذا تناقش «بوابة أخبار اليوم» مع الخبراء أسباب ذلك التراجع، والحلول والبدائل المتاحة للأسواق التقليدية، وانحسار دور وزارتي القوى العاملة والهجرة.

2018 الأسوأ.. والتراجع 80%

في البداية يقول حمدي إمام، رئيس شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن الحملة العسكرية الخليجية «عاصفة الحزم» على اليمن بدأت في 2015، وحتى عام 2016 كان الطلب على العمالة المصرية جيد، والتراجع بدأ منذ عام 2017، وعام 2018 كان أسوأ الأعوام بالنسبة لنا حيث وصل التراجع لـ80%، وفي عام 2019 حدث تحسن طفيف وانخفض التراجع لـ70%.

أسباب تراجع العمالة المصرية

وتابع «إمام» حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن أسباب تراجع العمالة المصرية هي؛ حرب اليمن، وعدم الاستقرار الأمني في ليبيا والعراق، وتراجع أسعار النفط العالمية، وما نتج عنها من تأثير على المشاريع التنموية في السعودية ودول الخليج، ما أدى لتوقفها.

وأوضح أن حالة الركود التي تعاني منها الدول العربية والخليجية بالتحديد، واعتماد تلك الدول على الاستفادة من مواردها البشرية وتوطين التوظيف فيها، وضعف التأهيل والتدريب الكافي للعامل المصري كي يكون قادرًا على المنافسة في الدخول لأسواق بديلة مثل الأسواق الآسيوية أو الإفريقية أو الأوروبية، مضيفًا أن عامل اللغة حيوي جدا بالنسبة للعامل المصري، مشيرًا إلى أن المشكلة الأكبر هي مخرجات التعليم التي لا تناسب متطلبات سوق العمل الذي يعتمد حاليا على العمالة المهنية والفنية.

أكثر الدول جذبا للعمالة المصرية

وذكر رئيس شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن الكويت وقطر والإمارات والبحرين على الترتيب هي أكثر الدول المستقطبة للعمالة المصرية بعد المملكة العربية السعودية، والتي بها نحو 3 ملايين عامل، مضيفًا أن أكثر المهن المطلوبة هي؛ المهندسين والفنيين بجميع أنواعهم وتخصصاتهم وخاصة المتعلقة منها بالإنشاءات والمقاولات والبناء، كما أن السعودية أكثر طلبًا للأطباء المصريين والفنين الصحيين والتمريض بالإضافة للتخصصات السابقة.

خروج شركات من النشاط

وأشار حمدي إمام، إلى أن هناك شركات إلحاق عمالة بالخارج؛ خرجت خارج النشاط، وهناك شركتين أو ثلاثة خرجوا خارج النشاط بسبب بعض المخالفات.

مكاتب التمثيل العمالي

وأكد أن مكاتب التمثيل العمالي التابعة لوزارة القوى العاملة بالخارج؛ نتيجة ضعف الكوادر البشرية بها؛ فدورها حاليا محدود في حل مشكلات الجالية المصرية العمالية بالخارج، لافتا إلى أن عليها دور أكبر من ذلك وتنامي الطلب على العمالة المصرية في الدول الموجودة بها.

ليبيا والعراق وأفريقيا

وأوضح أن أحد أهم البدائل للعمالة المصرية عن السوق الخليجي؛ هي السوق الليبي والعراقي والأفريقي، لكن ليبيا ليست مستقرة أمنيا حتى الآن وغير جاهزة لاستيعاب أي عمالة مصرية حاليا، ونفس الأمر بالنسبة للعراق، مضيفًا أن السوقين الليبي والعراقي يعدان أكبر الأسواق التي تستوعب العمالة المصرية، وكنا نأمل في 2018 أن يتم إعادة العمالة المصرية إليهما وأتت وفود من البلدين وعقدنا معها لقاءات في الغرفة التجارية لكن للأسف الأمور انقلبت مرة أخرى وأصبح الوضع أمنيا غير مستتب لاستقبال العمالة المصرية.

تدريب العمالة

ولفت إلى أن أهم الحلول لزيادة الطلب على العمالة المصرية، هي فتح أسواق عمل جديدة للعمالة المصرية، ويسبق ذلك تأهيل العمالة المصرية لهذه الأسواق، مؤكدا أنه للأسف العمالة المصرية غير مؤهلة في الوقت الحالي لدخول الأسواق الآسيوية والأفريقية كأسواق بديلة للأسواق الكلاسيكية القديمة التي ينحصر طلبها على العمالة المصرية.

تحويلات المصريين بالخارج

وأشار إلى أنه رغم تراجع الطلب على العمالة المصرية؛ ارتفعت تحويلات المصريين في الخارج لمصر منذ 2018، وفي النصف الأخير من 2019 بلغت 26 مليار دولار، مضيفًا أن عودة عائلات العمالة المصرية من الخارج جعلت العائل لها بالخارج يحول أموال، وبدلا من إنفاق تلك الأموال بالخارج أصبحت تُنفق بالداخل، وكذلك المدخرات للعامل المصري بدلا ما كانت موجودة  بالخارج تم تحويلها إلى مصرن وهذا أمر تستحق الشكر عليه عمالتنا بالخارج.

التراجع من المركز الرابع للسادس

وأوضح أن مصر تعتبر في المركز السادس عالميا، من حيث تصدير العمالة للخارج، بعدما كانت تحتل المركز الرابع عالميا، مشيرا إلى أن الأعداد خارج مصر أقل من 5 ملايين عامل، وهي في تراجع ولكن تراجع غير كبير، وذلك لخسائرنا أسواق كبيرة للعمالة المصرية بالخارج.

غياب التدريب من «القوى العاملة»

أما الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، فيقول إن أسباب تراجع الطلب على العمالة المصرية بالخارج هو ظهور منافس للمصريين من العمالة، فكان في السابق طائفة المعمار حِكر على المصريين، وظهرت تكنولوجيا جديدة وعمالة مختلفة من جنوب شرق آسيا، بالإضافة لتراخي العمالة المصرية وتكاسلها في إنجاز الأعمال عكس العمالة الكورية مثلا أو الهندية أكثر تحملا، كما أن العمالة المصرية لم تطور نفسها عكس العمالة الأجنبية التي تطور نفسها باستمرار.

وتابع «عبده» حديثه، أن وزارة القوى العاملة لا تقوم بدورها في عملية التدريب، متسائلا أين مراكز التدريب لديها؟ وكم عدد الشباب التي دربتهم؟ وهل أعدت الشباب لسوق العمل بالخارج؟ وما هي الدورات التي تمنحها للشباب؟ وهل قامت بمسح احتياجات السوق الخارجي من العمالة ووفرتها من المصريين بعد تأهيلهم؟

وأشار إلى أنه بعد ثورة 25 يناير سافرت الوزيرة السابقة عائشة عبد الهادي إلى إيطاليا وحصرت احتياجاتهم من العمالة ودربت العمالة المصرية، واستقدمت مدربين من إيطاليا لتأهيلهم، وهو ما تفتقده الوزارة في الوقت الحالي.

دول سبقتنا  

وذكر الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أننا لم نطور أنفسنا، فالعامل المصري لازال يستخدم الوسائل التقليدية في البناء، لكن العمال الأجنبية من آسيا والهند وباكستان طورت نفسها كثيرا، لافتا إلى أن وزارة القوى العاملة أقصى ما تقوم به هو منح عقود فردية، لكن على مستوى الدولة كلها لا تقوم بهذا الدور، في الوقت الذي طور فيه الآخرين أنفسهم، ففي ليبيا مثلا توجد المستشفى الكوري بداية من "البواب" وحتى "مدير المستشفى" كوريين، وكذا يوجد مستشفيات بلغارية، في حين اختفت "المستشفى المصري" هناك، رغم أننا لدينا أفضل الأطباء!

وأوضح أن سلوكيات المصريين غير منضبطة بالخارج وكثيرا ما يختلفون فيما بينهم، عكس العمالة الأخرى التي تدافع عن بعضها، لافتا إلى المشكلة عبارة عن معادلة: "لم نتدرب فتخلفنا فتخلوا عن خدماتنا"، والآخرين طوروا أنفسهم بالتدريب ويتقاضون مرتبات أقل ويعملون كل شيء، والقطاع الخاص يبحث عن عامل يعمل له كل شيء وبأموال أقل كالعمالة الهندية والباكستانية التي ملأت السعودية.

التراجع من 10 سنوات

وذكر د. رشاد عبده، أن وزارة القوى العاملة لم تعقد بروتوكولات تعاون مع الدول الأخرى لتصدير العمالة لهم، وذكر أن ادعاء أن العمالة تراجعت بسبب تراجع أسعار النفط وتوقف المشروعات التنموية في أعقاب حرب اليمن؛ هي أسباب ظاهرية، كما أن السعودية مثلا لم توطن أبناءها في المهن الحرفية كالسائقين والسباكين مثلاً، مؤكدًا أننا نتراجع منذ نحو 10 سنوات أي قبل حرب اليمن والأزمة الاقتصادية، متسائلاً: "لماذا لم تؤثر تلك الأزمات على استقدام الباكستانين والهنود والكوريين وأثرت فقط على المصريين!".

وأكد أن وزارة القوى العاملة، لم تبذل مجهودًا في تشغيل العمالة المصرية وزيادة أعدادها، متسائلاً: "ما جدوى وزارة الهجرة؟ وماذا تؤدي من أدوار؟".

ولفت إلى أن تراجع العمالة المصرية في الخارج يؤثر على تحويلات المصريين في الخارج، طالما عدد المصريين ينخفض ومن يعمل منهم يكون في أعمال دُنيا، لافتا إلى أن وزارة الهجرة لم تقم بأدوار تذكر كما كانت تفعل في السابق من استقدام العلماء المصريين في الخارج والنقاش معهم كُلٌ في مجاله، خاصة أن العلماء المصريين في كل القطاعات المهمة بالخارج.

جهود رئاسية

وطالب وزراء الحكومة أن يحذو حذو الرئيس السيسي عندما يسافر للخارج، حيث يلتقي رؤساء الشركات والغرف التجارية والمستثمرين وبيوت الخبرة من أجل جلب الاستثمار، والرئيس يقوم بذلك لأن وزارات الاستثمار والهجرة والقوى العاملة لا تقوم بأدوارها ولذلك يقوم به الرئيس.

«القوى العاملة» تنفي

كانت وزارة القوى العاملة، نفت تراجع الطلب على العمالة المصرية بالخارج، مؤكدة أن عدد العمالة المصرية الحاصلة على تصاريح عمل في الخارج تقارب الـ5 ملايين عامل، مؤكدة أنها تدرس بشكل مستمر متطلبات السوق العالمية من العمالة المدربة وتتمّ بناء عليها عملية التدريب بالكيفية المطلوبة، مشيرةً إلى استمرار عملية تصدير العمالة المصرية عالميًّا وليس إقليميًّا فقط.