محمية ماساي مارا.. سهول كينيا تحتضن «كنز أفريقيا البري»

صورة من المحمية
صورة من المحمية

مع اقتراب نهاية شهر أكتوبر الجاري، تكون رحلة كثير من الحيوانات المألوفة في أفريقيا دون غيرها من قارات العالم قد شارفت على الانتهاء. رحلةٌ تبدأ من شهر يوليو وتنتهي في أكتوبر من كل عامٍ لآلافٍ من الحيوانات البرية، تقصد أرض كينيا، وتتوغل في سهول ماساي مارا ووديانها بحثًا عن الماء والطعام، في الهجرة العظيمة لتلك الحيوانات من تنزانيا إلى كينيا.

وهنا تجتذب الأنظار الملايين في العالم للسياحة وقضاء أوقاتًا ممتعةً وسط الطبيعة الخلابة، وذلك على الرغم من قسوة الظروف المناخية في هذا التوقيت من العام بابتحديد، لدولةٍ قريبةٍ من خط الاستواء.

يحضر الملايين سنويًا إلى كينيا بغرض الساحة، ورؤية مشاهد تسر الناظرين في محميةٍ حولتها كينيا مع الوقت إلى منتجعٍ سياحيٍ رائع يخطف قلوب الزوار، وينسيهم صخب الحياة وضوضاء الكون في عصره الحديث، ويعيدهم بالزمن إلى الماضي البعيد.

منزلة المحمية

ومحمية ماساي مارا واحدة من أكبر المحميات الطبيعية في العالم، وتبلغ مساحتها 1.51 كيلو متر مربع، وهي تحمل اسم شعب الماساي، السكان القدماء للمنطقة، وهم مجموعة عرقية رحالة يقطنون كينيا وشمال تنزانيا.

وتقع المحمية بالقرب من مدينة ناروك الكينية، وهي على الحدود مع دولة تنزانيا المجاورة، ولا يفصله سوى بضع أميال عن منتزه سيرينجيتي الوطني في مدينة أروشا التنزانية، الذي يحدها من الجنوب، ومنه تهاجر مئات الآلاف من الحيوانات إلى محمية ماساي مارا في شهور الجفاف والحر الشديد.

في عام 1961 خرجت تلك المحمية للنور، لتكون مرتعًا لكثيرٍ من الحيوانات الأفريقية، منها ما هو نادرٌ، ومنها ما قد تسمع اسم فصيلة الحيوان لأول مرة في حياتك دون أن تدري ما هو هذا الحيوان.

الهجرة العظيمة

وفي الهجرة العظيمة من يوليو إلى أكتوبر، يقدم عددٌ كبيرٌ من الحيوانات النادرة، وعلى رأسها حُمُر الزرد (الحمير الوحشية السهلية)، والتي تعبر نهر مارا، حيث تكسوه من كثرة أعدادها.

وهؤلاء مصيرهم إما العودة في أكتوبر من هجرتهم إلى كينيا، وإما أن تكون نهايتهم على يد التماسيح المستترة في النهر، والتي تتلهف مجيئهم، لتسقط منهم من الفرائس ما تشاء.

ومن الحيوانات المهاجرة، حيوانٌ نادرٌ اسمه "النو"، ويثعرف أيضًا باسم "الثيتل الأفريقي"، وهو حيوانٌ ينتمي لفصيلة البقريات من الثديات، يزن ما بين 230 و280 كيلو جرامًا.

وكذلك يهاجر إلى المحمية، غزال طومسون، الذي يُنسب اسمه لاسمه مكتشف فصيلته، الاسكتلندي جوزيف طومسون، وأيضًا يأتي الظباء ضمن موجة الهجرة الكبرى إلى المحمية.

وسكان محمية ماساي ماري الأصليين هم من الأسود والنمور والفيلة والفهود التنزانية ووحيد القرن وجاموس الرأس (الجاموس الأفريقي). 
وإلى جانبهم، يمكن العثور على الضباع والثعالب ذات الأذنين والخفافيش وابن آوي أثناء تجولك في المحمية. وفي نهر مارا تعيش التماسيح جنبًا إلى جنبٍ مع فرس النهر.

ولا تخلُ المحمية من الطيور ذات المنظر الخلاب، الذي يجذب الأنظار إليها، ويتيح لك التقاط بعض الصور الرائعة، في هذه الطبيعة الساحرة. فيوجد نحو 470 نوعًا من الطيور المهاجرة، من بينها 60 فصيلة من الطيور الجارحة.

أماكن للاسترخاء

الواحة الخصبة لاستقبال الحيوانات الأفريقية أرادت كينيا أن تجعل منها منتجعًا سياحيًا يدر أرباحًا مالية على البلاد، فكان لها ما أرادت، وذلك عن طريق إنشاء فنادق رائعة وغرف مستوحاة من البيئة المحيطة بها.

تلك الغرف تشعرك أنك قلب الأدغال الأفريقية، وحينما يوقب عليك الليل فإن أصحاب القلوب الضعيفة عليهم أن يتوخوا الحذر بشدة، فقد تفاجئ بحيوانٍ مفترسٍ يدنو منك، لكن بأية حالٍ لا داعٍ للخوف فالاحتياطات هناك يتم اتخاذها بالشكل الكامل مع السياح والزائرين، حفاظًا على سلامتهم.
ورغم كل هذه المجازفة محفوفة المخاطر بعض الشيء إلى أنها طبيعة المكان الخلابة، والهدوء المصاحب للأجواء هناك، فرصة سانحة لكثيرٍ من الساعين للهروب من ضغوطات الحياة، والعيش في بيئةٍ طبيعيةٍ تكسوها الخضرة، وتحيط بكل عديد الأنواع من الحيوانات.

تلك هي محمية ماساي مارا الرائعة ترى فيها من الحيوانات أنواعًا رؤي العين، ولا تزال هي كما هي ملاذًا لتلك الحيوانات، وبين سهولها تعيش الدواب، وهم كذلك على حالهم بين ماكثين ومترددين بين الحين الآخر، دون أن تنضب حيوانتها أو تندثر إلى أن يشاء الله.