قضية ورأى

أبوطرطور.. منجم خيرات الطبيعة

تامر عبدالقادر
تامر عبدالقادر

تامر عبدالقادر

كانت الجلسة ساخنة تحت قبة البرلمان، قبل ثلاثة أعوام ماضية، عندما ارتفعت صيحات أحد النواب، وأشار إلى وجود فساد صارخ بمشروع فوسفات أبوطرطور، الذى كلف الدولة 8 مليارات جنيه، وكان موقفى الدفاعى عن المشروع وقتها تنتقصه الكثير من المعلومات، حيث لم تكن لدى الإجابات الواضحة الوافية بشأن المكان الذى ذهبت إليه هذه المليارات الثمانية، أو طريقة صرفها على المشروع.
اهتمامى بالقضية دفعنى للقاء قيادات شركة فوسفات مصر، للوقوف على حقيقة التحديات التى تواجه هذا الكيان العملاق، والبيروقراطية التى تمثل حائط الصد أمام تنفيذ خطة إنقاذ المشروع، والوصول به إلى مشروع قومى كبير يؤثر بصور إيجابية فى حياة مصر واقتصادها القومى.
وعلمت أن هناك الكثير من الإشكاليات التى تواجه هذه الصناعة عند تحديد الأسعار العادلة للتصدير وبسبب غياب الآلية الحاكمة فإن جهات الاستيراد تلجأ إلى شركات محلية كثيرة لتنفيذ ذلك الامر الذى تتعدد معه الأسعار وهو ما يزيد من حجم خسائر الشركة، ومن هنا ظهرت فكرة إنشاء شركه لتسويق الفوسفات والذى خرج للنور بمشروع القانون عقب تقدمى بمقترح للجنه الاقتراحات بالبرلمان، واستخلصت من حوارى مع قيادات الشركة، أنه بعد توقيع عقد المشاركة لإنشاء مصنع الفوسفوريك أسيد لتحويل الفوسفات الخام إلى مادة مصنعة، بحضور وزير البترول الهمام المهندس طارق الملا، لإكسابها القيمة الاقتصادية والتصديرية التى تنتعش معها خزينة الدولة بالعملة الصعبة، سينقل هذا المشروع إلى مصاف الصناعات المعدنية فى مصر والعالم.
لم أتوقع أن يختلف معى قيادات الشركة، حينما تقدمت بطلب إحاطة للحكومة اعترضت خلاله على ما تضمنه مشروع عقد حق استغلال هضبة أبوطرطور لصالح شركة فوسفات مصر، لاستخراج خام الفوسفات فقط على الرغم من وجود أكثر من 20 معدنا آخر بالهضبة التى تصل إلى أكثر من 300 كيلومتر.كما اعترضت على تخصيص نسبه ١% فقط من أرباح المشروع لصالح محافظة الوادى الجديد، والتى استجاب لها الوزير وعدلها فى القانون الجديد الي٦%.
لقد كان حلمي، وحلم كل مواطن يعيش على أرض الوادى الجديد، ويدين لها بالفضل والجميل، أن نرى منطقة أبوطرطور مكتظة بعشرات المصانع وفرص عمل لآلاف الشباب لإعادة اكتشاف الصحراء الغربية كما قال الوزير المهندس طارق الملا، خلال زيارته للمشروع، وزاد حلمى ليصل إلى صيغة العقد ليشمل كافة المعادن الموجودة بالهضبة وكيفية استخراجها وخطة الحكومة لاستغلالها وإقامة الصناعات التكميلية لها. لقد بلغت سعادتى ذروتها عندما شاهدت حجم المفاوضات التى تجريها الشركة لإعادة خط السكة الحديد الذى يربط منطقة أبوطرطور بميناء سفاجا لاستخدامه مرة أخرى فى التصدير بدلا من السيارات التى أنهكت طرق الوادى وجعلت منها مقبرة لمن يسير عليها بسبب كثرة الحوادث اليومية.
لم أكن أتخيل حجم هذا الغضب غير المبرر الذى اندلعت شرارته داخل شركة فوسفات مصر إزاء موقفى الذى تم تفسيره على أنه هجومى ضد المشروع، لكن الحقيقة كانت تحمل غير ذلك.
وفى الحقيقة ما تحقق من طفرة عظيمة فى مشروع فوسفات أبوطرطور خلال الأعوام الثلاثة الماضية بعدما كان لا يدرك سوى الخسائر، حيث انطلق نحو المكاسب وأصبح من أهم المشروعات الرابحة فى عالم الثروة المعدنية، وأتخيل أن اهتمام الحكومة أخيرا بالثروة المعدنية ومنحها قبلة الحياة كان نتيجة لما يحدث من تحول كبير فى مشروع فوسفات أبوطرطور، لتعيد الدولة المصرية اكتشاف إمكانيتها وثرواتها المعدنية بدء من هضبة أبوطرطور.
أكدت من قبل وسأكرر عشرات المرات أن تحول مصر إلى دولة غنية يبدأ بحسن استغلال الثروات الطبيعية المهدرة والمهملة فى الوادى الجديد.