«بوابة أخبار اليوم» في عزلة قرية الكلابية الأكثر فقرًا.. النمل الأبيض ينخر فى الأساس

قرية الكلابية
قرية الكلابية

قرية الكلابية هي القرية الوحيدة بمحافظة الأقصر التي شملتها مبادرة رئيس الجمهورية "حياة كريمة"، لدعم الفئات الأكثر احتياجا، من خلال قائمة شملت 100 قرية اختارتها وزارة التضامن لتكون هي القرى الأكثر فقرا بين قرى الدولة.

ورغم أنها قرية واحدة إلا أنها تكاد تكون أفقر القرى المائة، فهي عبارة عن مدقات داخل منطقة جبلية وعرة تعلو سطح الأرض بـ25 مترا.

القرية لا وجود فيها لخطوط تنظيم أو تقسيم للشوارع التي هي عبارة عن مدقات والبيوت غير آدمية تفصلها مئات السنين عن العصر الذي نعيش فيه، ويقسمها شريط السكة الحديد إلى نصفين الشرقي منه بعوم فوق بركة من المياه الجوفية والغربي تتراص منازله في صفين على طريق ضيق يزداد ارتفاعه كلما توغلت فيه لينتهي في أحضان الجبل على بعد 25 مترا من سطح الأرض.

أما المنازل فكلها تقريبا من الطوب اللبن وأسقفها من جريد وسعف النخيل، وجدرانها معظمها مشققة وأساسها يعتبر وجبة شهية للنمل الأبيض الذي كثيرا ما يحولها إلى مساحيق، أما سكانها فيحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وترى فيهم شمم وهمة عالية رغم شظف العيش ومعظمهم من النساء والأطفال بعد أن هجرها معظم شبابها ورجالها إلى القاهرة للبحث عن وظيفة بسيطة تضمن لهم ولعائلتهم لقيمات قليلة بدلا من المسألة وذل النفس.

في البداية، يقول الحاج حمدي الشحات يوسف (55 عاما) رئيس مجلس إدارة مركز شباب ورئيس جمعية خيرية بقرية الكلابية، إنها ليست أكثر فقرا أو أكثر احتياجا ولكنها تحت خط الفقر بعشرات السنين ولولا عين المسئولين اليقظة والتي تكشف عن حرصهم على إخراجنا من أزماتنا والحياة الصعبة التي نعيش فيها لكانت المعيشة في باطن الأرض أفضل من فوقها.

وأكمل: "نحن نعيش في منطقة جبلية وعرة نقطن على بعد أكثر من 25 مترا فوق سطح الأرض والطريق العمومي يخترق قريتنا إلى أعلى بينما تصطف منازلنا على جانبيه وكلها من الطوب اللبن والمسقوف منها من الجريد وسعف النخيل ومن ينزل بلادنا يحس إنها بعيدة بقرون عن العصر الذي نعيش فيه فإذا علمت أن معظم البيوت ألتهمها النمل الأبيض تعرف حجم الدمار الذي نعيش فيه".

وأضاف: "نحن معرضون أن تتساقط علينا كتل من الجبل أو تأتى عاصفة فتدمر أخضر القرية على يابسها وناهيك عن الحياة البدائية التي نعيش فيها فالعقارب والثعابين والفئران وغيرها من الحشرات والزواحف تعد شيئا مألوفا لدينا مما جعل قريتنا طاردة للسكان وأكثر من نصف شبابها يغادرنها منذ أن تشب أعمارهم ويخرجوا إلى القاهرة أو أي من المحافظات الأخرى يعملون ويكدحون من أجل جنيهات معدودة يعودون بها إلى ذويهم في القرية ولعللك عندما نزلت لقرية اكتشفت أن معظم من فيها هم من النساء أو الشيوخ الطاعنون في السن".

اختيار صادف أهله

أما عن اختيار الرئيس لهذه القرية، قال: "لم يأت من فراغ وهو اختيار صادف لب الحقيقة، فالبداية كانت مع محافظ الأقصر السابق محمد سيد بدر الذي أحس بنا وزار بلدنا كثيرا ووقف على مشاكلنا بل وأفطر معنا في رمضان الماضي عندما جاء محملا بهداياه تتقدمها 500 وجبة جاهزة من اللحوم عندما أحس بمعاناة الأهالي حيث كان يتجول معنا في القرية التي هي في الأصل منقسمة إلى قسمين شرق وغرب يفصلهما خط السكة الحديد وبالنسبة لغرب السكة فيها تقوم على بركة من المياه الجوفية أما شرق السكة فهي مقامة في الجبل وسكانها كلهم تحت خط الفقر منهم من يعيش فى كوخ ومنهم من يعيش داخل عشة".

وقال: "بمجرد زيارته طالبنا بعمل مذكرة باحتياجات القرية وبالفعل وافق على كل مطالبنا حيث بدأ بإرسال 80 عمود كهرباء وأرسل 3 محولات كهرباء بقوة 300 فولت وأنشأ لنا محطة مياه بالقرية تفصلنا عن محطة المياه التي كانت تجمعنا بقرى الحلة وزرنيخ، بجانب وصلة رئيسية بمقاس 8 بوصة بدلا من 4 بوصة بطول 6كم من أجل أن تكون مصدر لمياه الشرب وصعودها للأهالي".

وأشار إلى أنهم بحاجة إلى مد مواسير بمقاس 4 بوصة وبطول 6كم من أجل أن تصل المياه إلى السكان في الحواري والأزقة الجانبية، موضحا: "أرسلنا هذه الاحتياجات للمسؤولين الذين أرسلهم المستشار مصطفى ألهم المحافظ الجديد وكلنا أمل إن يتم تنفيذها، كما أننا نحتاج 5 محولات فضلا عن 500 لمبات للأعمدة التي أرسلها المحافظ محمد بدر من قبل".

الأمل قائم

وأكد: "كلنا أمل في المحافظ الجديد الذي أرسل لنا فريق عمل متكامل لمعرفة كل احتياجاتنا التي كتبناها لفريق العمل من التنمية المحلية ورئيس القرية عبد النعيم مدني الذين يتابعون معنا يوميا برئاسة المهندس محمد سيد رئيس مركز ومدينة إسنا منذ أعلن الرئيس عن مبادرته". 

مطالب واحتياجات أخرى

واستطرد: "الأمل الذي نتمنى أن تحققه لنا (بوابة أخبار اليوم)، اقتراح مؤسسة مصر الخير لإقليم جنوب الصعيد والحصول على قطعة أرض في الجبل كبيرة تقدر بـ5 آلاف فدان واتفقا على عمل 500 صوبة زراعية لتشغيل الشباب وتم اعتماد 100 مليون جنيه للمشروع جاهزة في مصر الخير".

وأضاف: "المشكلة إن المشروع توقف بعد أن قالوا إن تلك الأرض أملاك دولة ولا يمكن السماح بعمل المشروع فيها لا بموافقة رئيس المجلس الشعبي المحلى ولأنه مفيش مجلس محلي قالوا لا بد من موافقة رئيس الوزراء ونحن في الانتظار وكلنا أمل في المحافظ أن يحل لنا هذه المشكلة".

قرية طاردة للسكان

أما حمادة رشوان (45عام) قال: "نحن قرية تعدادها 12 ألف و860 نسمة نعيش  في تلك المنطقة الوعرة بمنطقة شرق السكة الحديد في بيوت فقيرة من الطوب اللبن معظمها تشققات وآيلة للسقوط الأسقف من جريد النخل ونسبة البنايات بالطوب الأحمر والأسمنت لاتصل إلى 2% معظمها لمن خرج للعمل خارج البلاد ومعظم السكان هجروا القرية ويعملون في وظائف بسيطة جدا في عزبة الهجانة بالقاهرة".

ونوه: "لا يوجد لدينا اي موارد أو مصادر للرزق حتى الرقعة الزراعية عندنا صغيرة جدا لوعورة الأرض والتربة رملية وكمان نسبة الموظفين ضئيلة جدا والقرية طاردة للسكان والمواصلات الداخلية تكاد تكون منعدمة بعد المغرب فإذا غربت الشمس فلن تجد سيارة تنقلك إلى بلدنا التي تبعد عن الأقصر بـ60كم وعن مدينة إسنا بـ 15كم وعليك أن تنتظر البخارية "يقصد قطار ركاب" يأتي إلينا فى الحادية عشر مساء وإلا فعليك أن تستقل سيارة مخصوص تدفع لها 100 جنيه على الأقل

نريد سلخانة

 ويضيف حمادة: "كان  لدينا بعض المصالح الحكومية لكننا في أشد الاحتياج إلى مصالح خدمية أخرى فمثلا نحتاج (سلخانة)، ولعلك تعتبره طلب لا يستحق بل نحن في أشد الحاجة إلية فعندنا لكي تشترى اللحوم، لا بد أن تنتقل إلى قرية الحلة أو زرنيخ وليس لدينا مواصلات".

توفيق الأوضاع ظلم وإجحاف

ويفجر محمد عبد الرحمن (59 عاما) مشكلة أخرى بقوله علينا مستحقات كثيرة على المنازل التي نقيم فيها فهي من أملاك الدولة وعليها مستحقات تحت بند حق استغلال أو انتفاع وتراكمت علينا الديون بالرغم أن من بيننا من ليس له دورة مياه ولا يوجد كهرباء فمن أين نأتي بحق الانتفاع؟
رئيس المدينة يتحدث

وداخل مركز ومدينة إسنا التقينا برئيس المركز محمد سيد، قال: " بمجرد أن وقع اختيار قرية الكلابية لتكون إحدى القرى التي تضمنتها مبادرة حياة كريمة التي أقرها رئيس الجمهورية، أمر المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر بتشكيل لجنة برئاسة عبد النعيم مدني رئيس قرية الحلة التي تتبعها القرية لحصر احتياجات المواطنين ميدانيا والوقوف على متطلباتهم المادية والعينية وذلك بمشاركة الجمعيات الأهلية جنبا إلى جنب الجهود الحكومية في مساعدة وتلبية تلك الاحتياجات".

نتائج الحصر

وأسفرت نتائج الحصر عن احتياج 142 منزلا للترميم الكامل و57 منزلا بناء وإحلال وتجديد ، و71 بناء أسقف سطح منزلي و115 توصيل مياه شرب و12 صرف صحي و11 توصيل كهرباء و42 بناء حمام و26 خدمات صحية وتجهيز 27 عرائس و107 أجهزة كهربائية بالإضافة إلى طلبات عبارة مشاريع للأسر ومساعدات مالية وأغطية ومفروشات

وبالفعل تم التواصل مع الجمعيات الأهلية ذات النفع العام والتي تهتم بخدمة المواطنين ولها باع كبير فى هذا المجال على مستوى الجمهورية لتلبية احتياجات القرية ومساعدة المواطنين لعيش حياة كريمة تحقيقا لمبادرة السيد رئيس الجمهورية

كما أسفر التقرير عن احتياج القرية إلى 2500 متر مواسير 8 بوصة و400 متر مواسير 6بوصة ومحابس متعددة بغرفة المياه حتى تلبى احتياجات جميع المواطنين مع رصف 1كم بمدخل القرية بطول 1كم وعرض 6متر من أمام مركز شباب القرية حتى بداية طريق المعاهدة

وفى قطاع الكهرباء أكد التقرير عن احتياج القرية إلى كابل جهد متوسط 3×240 وذك لتحويل أسلاك الضغط العالى المار فوق المنازل ووصلة محول الشيخ عبد الدايم و300 عامود جهد منخفض بالإضافة إلى عدد 7 كشك كامل بالمشتملات قدرة300كيلو فولت أمبير بخلاف كشافات اللد التي تزيد على 500 كشاف.