قضية ورأى

المراكز الثقافية..خط أحمر

أحمدعفيفى
أحمدعفيفى

خلال السبعة عقود الماضية،توالى ظهور «المراكز الثقافية المصرية» فى ربوع العالم حتى وصل عددها إلى 39(12 مركزا و17 مكتبا ثقافيا)، يتولى مسئوليتها قطاع الشئون الثقافية والبعثات بوزارة التعليم العالى من خلال إنتذاب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمؤسسات الأكاديمية من أساتذة وأساتذة مساعدين ومدرسين للعمل فى التمثيل الثقافى بوظائف مستشارين وملحقين ثقافيين. وحتى لا تبدو هذه «المراكز» -على خريطة الثقافة المصرية- جزراً منعزلة تغرد خارج السرب فعليها أن تلتزم برؤية ورسالة وأهداف تنبع من الرؤية العامة والرسالة الشاملة والأهداف الكلية لقطاع الشئون الثقافية والبعثات بوزارة التعليم العالى حتى تنسجم لغة الأداء مع اختلاف المفردات حفاظاً على التنوع الذى يفرضه مناخ دولة المقر. بأكبر قدر من الوضوح وإتساع المعنى يمكن التأكيد على أن «الثقافة» رسالة تعتمد على الإرسال والاستقبال وتدور حول «المنتج الثقافي» و»المتلقى المستهدف»، لذا فإن تنظيم «قوافل ثقافية» سنوية يعد أمراً ضرورياً. وتتشكل هذه القوافل من رموز الفكر والعلم والفن والأدب، تقوم بزيارة «المراكز الثقافية» التى تتقارب مقارها جغرافياً وبالتنسيق معهاً طبقاً لتوقيتات معدة سلفاً ترتبط وطبيعة دول المقر. لاشك أن مردود هذه القوافل يصب فى مصلحة ترويج «الثقافة المصرية» ذخيرتنا المتجددة وثروتنا الناعمة التى نمتلكها لتنساب فى رفق وعذوبة إلى القاعدة المتلقية فى المناطق المحيطة والدول المجاورة متحولة إلى «راية مصرية» خفاقه ترفرف عالياً فى كل الربوع شاهدة على التاريخ المشحون بالتراث النادر والمرصع بالحضارة الخالدة والمعطر بالقيم الإنسانية الرفيعة. فهل تتحقق نبوءةعميد الأدب العربى «د. طه حسين» عندما دعا إلى إنشاء هذه «المراكز» عام 1938 فى كتابه «مستقبل الثقافة المصرية» سعياً وراء ترسيخ المد الثقافى المصرى والعربى والإسلامى بين ضفتى المتوسط ومحاولة نقل أسباب الحضارة الغربية إلينا ؟؟. لقد افتتح بنفسه مركزى «مدريد» و»الرباط» فى خمسينيات القرن الماضى.. أفلا تدفعنا روحه الوثابة وأحلامه التى تجاوزت عصرها إلى ضخ دماء الحياة من جديد فى هذه «الأذرع» الثقافية الممتدة عبر أركان العالم، وجعلها «خط أحمر» لايجب المساس به أوالإقتراب منه إلا بالدعم والتطوير والتحديث وليس بالإلغاء أو الدمج أو نقل مسئولية الإشراف إلى وزارات أخرى؟؟!!..