حوار| منى مكرم عبيد أستاذ العلوم السياسية: «نعانى من نقص الإبداع.. والإعلام مقصر»

منى مكرم عبيد
منى مكرم عبيد

سيرتها الذاتية ثرية بالتحديات والنجاحات، التي قلما تجتمع في شخصية مصرية.. هي د. منى مكرم عبيد صاحبة الحضور القوي.

ولدت د.منى بمحافظة قنا لأسرة عريقة، فعمها السياسي الوفدي مكرم عبيد باشا أحد رموز الحركة الوطنية في مصر، وأنهت دراستها العليا بجامعة فارد الأمريكية، ثم عادت إلى مصر لتبدأ مسيرتها العملية لتقضي 24 عاما كأستاذ للعلوم السياسيةبالجامعة الأمريكية، ثم أستاذا للإعلام في الأكاديمية العربية للنقل والتكنولوجيا والنقل البحري.

بدأت ممارسة العمل السياسي من داخل بيت الأمة في نهاية الثمانينيات، فكانت أول امرأة تشغل منصبا بالهيئة العليا لحزب الوفد، صلابتها مكنتها من خوض الإنتخابات فى أصعب الدوائر بشبرا والشرابية وروض الفرج والزاوية الحمراء.

نجاحها فى العمل الخدمى أوصلها إلى اعتراف هيئة الأمم المتحدة بجمعية النهضة بالتعليم التى ترأستها لمدة 15 عاما،ومواقفها السياسية واضحة، تركت حزب الوفد ثلاث مرات ثم عادت إليه أخيرا كمستشار سياسى لرئيسه بهاء أبو شقة.

عاشت الحياة البرلمانية لسنوات داخل مجلسى الشعب والشورى.. إنها بحق صورة مشرفة للسيدة المصرية،المعتزة بجذورها،ومصريتها فى المحافل الدولية.. «الاخبار» حاورت د. منى مكرم عبيد عن المشهد السياسى الحالى.

بداية من خلال متابعتك لمؤتمرات الشباب..كيف ترين تأثيرها على حالة الحوار المجتمعي؟

أكثر ما يميز مؤتمرات الشباب تجديد فكرة فاعليتها وإن كنت أرى أن المؤتمر السابع والأخير كان له أكبر الأثر على الشباب لأنه أطلق حماسهم للإهتمام بالعمل العام.

فكرة المحاكاة رائعة وأذكر أننى كنت أصطحب معى طلابى بالجامعة الأمريكية الى البرلمان ثم أسألهم كل بدوره إذا كنت مكان النائب «الفلانى» ماذا تفعل.. هذه الطريقة تفتح مداركهم وتحثهم على الإهتمام بالحياة البرلمانية والحياة السياسية وكنت أشجعهم على المشاركة بالإدلاء بأصواتهم فى الإنتخابات.منذ سنوات كانت الإنتخابات لمن يحمل بطاقة إنتخابية لذلك كنت أشجعهم لإستخراجها فى مقابل الحصول على درجة إضافية.الشباب دائماً يحتاج للتحفيز.

لذلك أرى أن مؤتمرات الشباب مع الرئيس عبد الفتاح السيسى من وجهة نظرى فتحة خير لأنها فتحت شهية الكل للحوار لذلك أتمنى أن يتم فتح أبواب أوسع للحوار بين القوى الوطنية لأن كل القوى السياسية تريد أن تتحدث مع الرئيس السيسى،وتعبرعن أفكارها،وتطرح تصوراتها لبعض المشاكل الموجودة وتساهم فى طرح حلول لها.

لذلك أتمنى من كل القوى السياسية أن تنتهز هذه الفرصة لتطالب بتطبيق نموذج مؤتمر الشباب على كل القوى السياسية والنقابات والحركات الى آخره.

محمد صلاح.. نموذج

فى سياق الحديث عن الأحزاب.. لدينا أحزاب تاريخها يمتد إلى ما قبل 25 يناير، وأخرى تأسست بعدها،وثالثة وليدة 30 يونيو..فمن منها ترين له حراكا فى الشارع؟

حركة الأحزاب فى الشارع معدومة.نحن لدينا أحزاب لها تاريخ مثل الوفد والتجمع وإلى حد ما الناصريين والحزب الوطنى وهى أحزاب لها ثقل،بعد ثورة 25 يناير تحمست الناس للدخول الى الأحزاب السياسية والنزول الى الإنتخابات فظهر أهم حزبين وهما المصريين الأحرار والحزب الإجتماعى الديمقراطى،أما بعد 30 يونيو تأسست أحزاب أكثر شباباً مثل 25،30 ومستقبل وطن.

كل هذا يعد مؤشراً صحياً يعكس حماس الناس للدخول فى حركة وطنية أو تقدمية للمشاركة فى الحياة العامة،لكن الوحيد الذى أراه من هؤلاء الشباب له ثقل فى الشارع المصرى هو اللاعب المصرى محمد صلاح فهو محبوب شعبياً،وناجح مهنياً،ويؤدى خدمات لقريته.

ما الأسباب التى أدت إلى إنفصال الأحزاب السياسية عن الشارع؟ وما السبيل لإصلاحها؟

الشارع هو الذى إنفصل عن الأحزاب لأن الإنتخابات أبرزت مرشحين يضعون مصالحهم أولاً وأخيراً وليس مصلحة الوطن أو الحزب أو الشعب وهذا يظهر بوضوح فى فترة الإنتخابات لكن الشعب المصرى ذكى جداً فعلى الرغم من أن نسبة الأمية عالية والتى أراها عيبا كبيرا أن تكون مصر أكبر دولة فى المنطقة العربية وتكون نسبة الأمية بها 40 % تقريباً إلا أن الوعى السياسى لدى الشعب زاد بشكل كبير جداً بعد الثورتين.

 لذلك أرى أن الأحزاب السياسية اليوم تحتاج إلى إندماج بين حماس الشباب وخبرة الكبار لإثراء الحياة السياسية فى مصر سواء داخل الأحزاب أو البرلمان وهذا ما إكتسبته من واقع حياتى العملية فالشباب كان يمدنى بالحماس والطاقة وأنا لا أبخل عليهم بخبرتى الأكاديمية كأستاذ وخبرتى السياسية كبرلمانية وممارسة للعمل السياسى.

 تجديد الدماء داخل الأحزاب سيفيد الشباب بالدرجة الأولى، لذلك أشجعهم بالنزول الى قرى ونجوع المحافظات ليتعرفوا على بلدهم وأصولها وعاداتها،ومعرفة مشاكل من يسكنها.الوطن يحتاج للكل وخاصة بعد القرارات الرئاسية بالإفراج عن الشباب الذين لم يرتكبوا أى أنشطة إرهابية.

لماذا توجد إشكالية فى إندماج الأحزاب التى وصل عددها إلى 106 أحزاب؟

- موضوع 106 أحزاب كلام فارغ،خاصة أن لا أحد يعرف أسماء كل هذا العدد كما أن ليس لهم أى حضور. الأهم أن لا أحد يستطيع أن يفرض على الأحزاب الإندماج إلا إذا شعرت الأحزاب أن قوتها ستكون فى الإندماج،هذا فضلا على أن هناك أحزابا مثل الوفد يرى أنه لا يحتاج الإندماج مع أى حزب آخر.

عاصر حزب الوفد فترة إتسمت بالحدة والإنقسامات الشديدة.. فكيف ترينه اليوم بعد رئاسة المستشار بهاء أبو شقة له؟

بالتأكيد هدأت الإنقسامات والحدة كثيرا لأن المستشار أبو شقة دائما يقول أنه يريد لم شمل الوفديين رافضا فكرة التقسيم حسب المسميات مثل:وفدى أصلى ووفدى جديد،أبو شقة وفدى قديم وعائلته وفدية عريقة،كان لها علاقة وطيدة مع مكرم عبيد فى قضايا وطنية كثيرة.هذا فضلا على أنه يحوز على إحترام أعضاء الحزب لفكره ورأيه وإنسانيته،لذلك اتطلع إلى أنه سيعيد مجد الوفد وسيربى جيلا جديدا.ونأمل أن الوفد هو الذى سيفتح الطريق إلى التعددية السياسية.

يتساءل البعض عن تجربة جبهة الإنقاذ.. التى ضمت كل الأفكار السياسية.. لماذا لا تتكرر؟

كنت أراها عبارة عن إجتماعات تنعقد هنا وهناك بحضور شخصيات مثل عمرو موسى والبرادعى وغيرهم فقط.. لكن على العكس فى رأيى أن جبهة المعارضة التى تكونت من 70 نائبا داخل مجلس الشورى كانت أقوى وأكثر إختلافاً لأنها معارضة من داخل المؤسسة وبالتالى صوتهم كان مسموعا.

هل التمثيل الحزبى داخل إئتلاف ما يساعد على تقوية الأحزاب أم إضعافها؟

فى رأيى أن الإئتلافات ليس لها مستقبل لأنها تأتى من أعلى، الأحزاب التى أرى أنها لها مستقبل هى مستقبل وطن و25-30،أما حزبا الوفد والتجمع يحتاجان إلى إحياء تاريخهما خاصة وأن لهما جذورا فى المجتمع فعليهما أن ينتهزا الفرصة ويكونا أكثر نشاطاً،وأكثر ديمقراطياً،وأكثر وجوداً فى المحافظات وأن يضخا دماء جديدة من الشباب،ويعملان على زيادة أعداد المرأة لأن الشباب والمرأة يعطيان الحيوية لأى حركة سياسية وهذا رأيناه فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو.

خطورة التحديات

فى تصورك ما هو الدورالذى يجب أن تقوم به الأحزاب السياسية اليوم خاصة وأن مصر تشهد عملية بناء شاملة؟

الوطن اليوم فى حاجة أن الكل يساعد ويشارك فى إبداء رأيه، وأن يكون لديه حماس للمشروعات التى تقام حالياً على أرض الوطن،والتى لابد أن تحظى بتأييد شعبى وهذا هو الدور الذى يجب أن تقوم به الأحزاب ويشاركها فيه الإعلام الذى أراه مقصراً لأن هناك من الناس من لا يدركون أهمية هذه المشروعات وكيف ستعود بالنفع عليهم.

نريد التجمع حول مشروع قومى لأن مصر مهددة من الداخل والخارج والتحديات أصبحت مخيفة،خاصة التى بالداخل فهناك مازال بيننا من ليس مقتنعاً بحجم الإنجازات التى ظهرت على أرض الواقع بالتالى لابد على الإعلام والأحزاب السياسية التركيز على توعية الناس.

كما أتصور أن حزب الوفد قادر على المساهمة فى تطوير التعليم فقد كان لى مساهمة فعلية فى هذا المجال لأنى كنت رئيس حمعية النهضة بالتعليم لمدة 15 سنة، وقمت بتعليم الأولاد فى المناطق الفقيرة بخمس محافظات،وهى جمعية معترف بها دوليا،ولدى مقعد بهيئة الأمم المتحدة، لذلك أسعى لتطوير الجمعية وضم التدريب إليها.

لدينا أيضا مشكلة الزيادة السكانية ومن وجهة نظرى هى مرتبطة بالتعليم فتلك القنبلة الموقوتة تحتاج لحل ثقافى وتوعوى، ومحو أمية المرأة تماماً لأنه عيب جداً أن نسبة الأمية فى تونس 5 % تقريباً وفلسطين المحتلة لا توجد بها أمية. 

ولن نستطيع القضاء على الأمية فى مصر إلا إذا بدأنا بمحو أمية المرأة.الحركة الإجتماعية تعزز فكرة أهمية المجتمع المدنى لذلك أرى القانون الجديد للجمعيات الأهلية يشكل خطوة متقدمة فى بناء المجتمع المدنى..لذلك على كل الأحزاب أن تشارك بقوة.

قواعد اللعبة

تقييمك لتجربة صعود الإسلام السياسى فى مصر.. وكيف ترصدين تأثير ذلك على الأحزاب السياسية؟

الإسلام السياسى بدأ فى عهد السادات عندما أراد مواجهة الشيوعيين والناصريين وشباب الجامعات فأعاد شباب الإسلاميين من الخارج وكان ذلك بناء على نصيحة عثمان أحمد عثمان له.

هذه كانت البداية ثم أرادوا أن يحصلوا على دور وكان هذا يتعارض مع إرادة الجميع آنذاك بمعنى أنهم مختلفون تماماً عن الإسلام السياسى بتونس لأنه يحترم قواعد اللعبة وهى الدولة المدنية الحديثة الى آخره.

لكن إخوان مصر لا يحترمون تلك القواعد فكان هدفهم الوصول الى الحكم بأى طريقة لإعادة الخلافة، لذلك فترة وصولهم الى الحكم فى مصر بالنسبة لى هى كابوس وأرى أكبر تأثير لها على الأحزاب السياسية أن الناس إبتعدت عن الأحزاب وهذا على عكس ما كان متوقعاً وبدل من أن يسارع الناس فى الدخول الى الأحزاب المدنية إبتعدت عن السياسة والأحزاب وكان هناك حالة غضب شديدة فى الشارع بسبب توافق الأحزاب السياسية ومنها حزب الوفد مع الإخوان آنذاك وأذكر أننى فى تلك المرحلة تركت حزب الوفد وعدت إليه من جديد مع أبو شقة الرئيس الحالى للحزب.

ماذا عن قراءتك لمستقبل الإسلام السياسي؟

أفضل تسميته بالحركة الإسلامية فإذا نبذت هذه الحركة العنف،وقبلت بالدولة المدنية الحديثة، وإحترام الدستور والقانون، إذن تصبح مثلها مثل أى حركة أخرى، فى هذه الحالة يكون لها مستقبل،لكن المشكلة اليوم أن الشعب وليس الحكومات هو الذى يرفض الحركة الإسلامية لأنه فقد ثقته فيها.زمان كان الشعب متعاطف معها،لكن الإخوان اليوم فقدوا هذا التعاطف بعد أن عاصرهم الشعب لمدة سنة والتى فى رأيى أن ما أكثر ما يميزها أنها كشفت أكاذيبهم وإدعاءاتهم، خاصة المرأة التى كانت من أوائل ضحاياهم لأنهم كانوا لا يريدون لها أى دور سواء عام أو سياسى أو إجتماعى.


فوضى «كونداليزا»

من الظواهر الغريبة توافق الثوريين الإشتراكيين مع الإخوان رغم إختلاف أيدلولجيتهما.. فما تحليلك لذلك؟

الإثنان تجمعهما الفكرة المغلوطة عن الديمقراطية وهى فى الأصل فكرة إنتهازية، وبالرغم من الإثنين من أيدلوجية مختلفة ومتناقضة إلا أن الفوضى موجودة بالأيدلوجيتين،وهى نفسها الفوضى البناءة التى تحدثت عنها كونداليزا رايس وأوصلت منطقة الشرق الأوسط إلى ما نحن فيه اليوم، ثم أن هذا النموذج ليس موجودا فى مصر فقط بل نراه بوضوح فى العالم الغربى.

نضال المرأة المصرية

فى بداية القرن العشرين كان الشارع المصرى يشهد زخما سياسيا نشطت فيه الحركة النسائية..فلماذا لم نعد نرى ذلك الزخم الآن؟

فى ذلك التوقيت بدأت تتواجد مبادرات نسائية خالصة فأسست مجموعة من النساء أول تنظيم غير حكومى ممثلاً فى « مبرة محمد على»، وفى عام 1914 تأسست الرابطة الفكرية للنساء المصريات، ثم تداخل النضال من أجل إستقلال الوطن بقيادة حزب الوفد مع النضال من أجل تحرير المرأة بقيادة هدى شعراوى صفية زغلول، فبعد نفى سعد زغلول ومكرم عبيد ورفاقهما الى (سيشل) إشتعلت ثورة شعبية عارمة وكانت النساء فى مقدمة هذه الثورة وتحديدا فى 16 مارس 1919 خرجت 300 إمرأة ثم توجهن الى بيت الأمة ليطالبن بالإستقلال والحرية للمرأة.

إذن المرأة بدأت من أوائل القرن العشرين فى نضال وكان من ذكائها أنها ربطت المطالب الوطنية بالمطالب النسائية، وهذا ما إفتقدناه مؤخراً أن دائماً المطالب تكون فئوية فقط.نساء الأحياء الشعبية إنضممن الى نساء الطبقات العليا وهذا يفند المزاعم حول أن ثورة 1919 كانت ثورة الطبقات العليا.فى 23 مارس كونت هدى شعراوى إتحاد النساء العربى الذى يشهد ميلادا جديدا اليوم مع هدى بدران.

فى رأيى أن تقدم المرأة فى النصف الأول من القرن العشرين نتاجاً لنمو المجتمع المدنى بمعنى التنظيمات غير الحكومية مثل الروابط والجمعيات والأحزاب وكان للوفد مثلاً لجنة نسائية مركزية،ثم بعد ذلك فى الخمسينيات أسست درية شفيق جمعية بنت النيل وبعد ثورة 1952 دخلت المرأة المصرية البرلمان كنائب عن الشعب فى 1957،ولكن أى مبادرة نسائية كانت قد إنتهت فى ذلك الوقت لأن الدولة آنذاك كانت هى المسيطرة على كل النقابات والجمعيات والأحزاب فكان حزبا واحدا وصوتا واحدا. 

وبالتالى منذ 1952 إنتهت الحياة الحزبية لذلك ما سمعته من رسائل الرئيس السيسى يعنى أن هناك أملا فى أنه ستكون هناك تعددية حزبية فى الفترة القادمة ولذلك دائماً أقول لحزب الوفد إنتهزوا هذه الفرصة اليوم لأن الوفد هو الحزب الوحيد الذى لديه تاريخ ومعروف لدى الناس لكن عليه إحياء تاريخه بالنزول الى المحافظات وإحياء وجوده فى كفور ونجوع المحافظات معتمداً فى ذلك التحرك على الشباب خاصة وأننى قابلت شبابا كثيرا متحمسا لحزب الوفد.

مفارقة غريبة

هل ما تحظى به المرأة المصرية اليوم من محاولات للتمكين السياسى يؤهلها لإستعادة دورها فى الشارع السياسى؟

نعم، لكن ينقصها القدوة مثل الزعيمات فى النصف الأول من القرن العشرين لذلك أرى أن الكتب المدرسية مقصرة فى ذلك فعلى القائمين على العملية التعليمية إبراز دور المرأة المصرية وخاصة الزعيمات فى تاريخنا.

المرأة المصرية تمثل كتيبة الإقتحام الأولى فى معركة التقدم فى القرن الـ 21، وهى فى نفس الوقت تمثل خط الدفاع الأخير فى حماية تراث الدولة المدنية الحديثة ضد قوى التخلف والظلام.

المرأة مقياس رقى الأمة.وأراها مفارقة غريبة بين المشاركة الكثيفة للمرأة فى التصويت،وإحجامها فى معظم الدوائر عن الترشح.لكن لاشك أن إنشاء المجلس القومى للمرأة وما يقدمه من دعم لقضايا المرأة فى العموم وتمثيلها السياسى فى الخصوص يجعلنى أراها مؤهلة لأن تكون زعيمة،ولكن لابد أن تحظى بمبادرة من داخل رابطة أو نقابة أو غيرها،تفتح لها المجال،ويكون المناخ مساعداً لها سواء كان مناخا ليبراليا منفتحا للحوار ولإختلاف الرأى.

من المسئول «برأيك»عن تفريخ كوادر سياسية نسائية:البرلمان أم الأحزاب؟

الإثنان مرتبطان ببعضهما البعض فإذا الأحزاب شجعت المرأة بالتأكيد البرلمان سيشجعها بدوره،ولكنى أرى أن هذه الفترة من أفضل الفترات إنحيازاً للمرأة أكثر من أى وقت سابق وذلك بسبب إنحياز القيادة السياسية لها وتشجيعها فى كل المجالات وفى كل مناسبة وذلك لأول مرة فى تاريخ مصر.

اختيارات «الشيوخ»

ما رأيك كبرلمانية مارست العمل السياسى فى مقولة أن البرلمان المسئول الأول عن غياب الحياة السياسية فى مصر؟

البرلمان الذى كنت إحدى نائباته لمدة 5 سنوات كان يمتاز بالحيوية وكانت به مناقشات وإستجوابات وطلبات إحاطة وكل ما ليس موجودا ببرلمان اليوم. 

البعض يطلق عليه برلماناً إستثنائياً نظراً لعملية الإصلاح التشريعى،لذلك أعتقد أن عودة مجلس الشورى بمسماه الجديد مجلس الشيوخ ستحدث نوعا من التوازن لكن الأمر يحتاج إلى إختيارات دقيقة لأعضاء «الشيوخ»بعد ان فقد الشارع كثيرا من الثقة فى أعضاء «النواب»،ربما ينجح البعض منهم بشعبية أو خدمات ما، ولكن يجب تحصين الشيوخ بحيث نضمن تمثيل المثقفين والسياسيين وأصحاب الرؤى المختلفة للحفاظ على التوازن المطلوب وترسيخ مناخ ما يسمى بتداول سياسى ودستورى للأجيال القادمة.

ما المفهوم الصحيح لكلمة «معارضة»؟.. وهل لدينا بالفعل معارضة حقيقية؟

المفهوم مغلوط لأن المعارضة الحقيقية هى معارضة بناءة أي انتقاد بعض من الممارسات الحكومية وإقتراح البديل، المعارضة الوطنية ليست خيانة والنقد الموضوعى ليس حراماً ولا عيباً. 

والحياة السياسية لا يمكن أن تستقيم بدون معارضة، لكن معارضة من أجل المعارضة فهى بلا فائدة.وللأسف نحن لدينا صحفيين معارضين يعبرون عن آرائهم فى مقالاتهم أكثر من السياسيين، لا أحد فوق المحاسبة المهم ان تكون المعارضة وطنية، وإنطباعى منذ بداية حوار الشباب أن السلطة السياسية لديها مرونة فى تقبل النقد والآراء المختلفة.

ثورة 30 يونيو أرست مبدأ المواطنة.. فكيف ترين الخطوات التى أتخذت فعليا لتحقيق هذا الهدف؟.. وهل ترينها كافية؟

ثورة 30 يونيو أبرزت المعدن المصرى الحقيقى لكننى أرى أننا لم نستغل فكرة المواطنة بشكل كاف،خاصة ردود فعل البابا تواضرس ضد ما تعرضت له كنائس مصر من عنف وحرق،والتجاوز الذى تعرض له البابا شخصياً. البابا كان نموذجا للوطنية والمواطنة،لذلك أتمنى من لجنة المواطنة التى لا نسمع عنها ولانرى منها شيئاً أن تكون أكثر نشاطاً وأكثر إبداعاً.نحن نعانى من نقص الإبداع والرؤية المستقبلية فى جميع المجالات، نحن نريد إبداعاً يحمس الشباب والشعب كله لكى يشارك فى عملية البناء للوطن.