المكتبة المركزية بجامعة القاهرة.. تُحفة معمارية ومنارة معرفية

المكتبة الجامعية
المكتبة الجامعية

كعبة العلم في فضاء الحَرم الجامعي، ومهوى الدارسين من كل الجامعات المصرية والعربية، وكأن طائر "أبو منجل"، رمز الجامعة، يفرش أهدابه المعرفية من خلف ستارة التاريخ ليمنح ذلك البناء ألقًا حضاريًّا وسِحرًا فرعونيا فتقع في حُبه أفئدة الطلاب، ومن ثمَّ يقودهم إلى قاعات الكُتب.. إنها المكتبة المركزية بجامعة القاهرة.

وتعد المكتبة دُرة المكتبات العربية وواحدة من أجمل اللوحات المعمارية في العالم، إذ دمجت واجهتها بين توقير المعرفة التقليدية باستعمال الكتاب المفتوح عنصرًا رئيسيا، ثم إضافة رموز للتكنولوجيا الرقمية، وأخرى للعمارة الكلاسيكية الفرعونية، ليتم التناسق مع الطراز العام للحرم الجامعي، المُعبر عن شخصية مصر، في ماضيها وحاضرها ومستقبلها؛ وقد تم افتتاح المبنى الجديد في عام 2008م.

ولأن خلف كل عمل تنويري قصة مُلهمة، فقد بدأت قصة إنشاء مكتبة لجامعة القاهرة عندما تولى الأمير أحمد فؤاد رئاسة الجامعة عام 1908م، وكانت كلمته: "أنه لا غنى لنا عن مكتبة جامعية هي لنا بمثابة المعامل لكلية العلوم، ولا يخفى أن مواردنا لا تزال ضئيلة، فليس لنا إذن إلا الدعاية لهذا المشروع"؛ وبالفعل تمت الدعاية وتبرع إليها المصريون، وبذل الأمير جهدًا كبيرًا لإنشائها في أسرع وقت، حتى تم افتتاحها في 27 فبراير 1931م، وتوالت عليها الكتب من الهيئات العلمية بالداخل والخارج، كما تلقت مجموعة كبيرة من الكتب المطبوعة والمخطوطات والدوريات العربية والأجنبية والخرائط والنقود الأثرية والمعاجم والموسوعات والمراجع العامة والمُتخصصة.

وتؤكد د. سرفيناز حافظ، مدير المكتبة، أن عدد الكتب والدوريات والرسائل يفوق مائتي ألف كتاب في شتى العلوم المعرفية، بالإضافة إلى المجموعات العلمية النادرة؛ مثل مجموعة الأمير إبراهيم حلمي، وهي كتب نادرة في تاريخ مصر والسودان ووادي النيل، وتاريخ الشرق كله، وتتميز بتجليدها الفاخر؛ وكذلك مجموعة الأمير كمال الدين حسين، وأغلبها في الأدب والجغرافيا، ومجموعة المُستشرق الشهير "زيبولد"، وأستاذ الآثار "بونكر"، والدكتور "ماكس ماير هوف" التي تتميز بالتخصص في تاريخ الطب والعلوم، ومجموعة أحمد طلعت، ود. محمد عساكر، وغيرها من المجموعات النادرة.

وتُضيف د. سرفيناز، أن المكتبة تضم أيضًا متحفًا يحوي قطعًا نادرة مُرتبطة بتاريخ الجامعة، وكذلك قاعة بانورامية حديثة؛ أما القسم الذي أتابعه باستمرار وأعده الأهم بالمكتبة فهو قاعة د. طه حسين، المُخصصة لفاقدي البصر، والتي تضم مجموعة كبيرة من الكتب المُحولة إلى طريقة "برايل"، وعددًا كبيرًا من الأجهزة التكنولوجية التي تم تحويل الكتب فيها إلى تسجيلات سمعية، بالإضافة إلى ألف وسبعمائة قرص مُدمج في شتى العلوم المعرفية، ويتم تحويل أي كتاب غير متوافر يطلبه القارئ الكفيف إلى طريقة "برايل" أو إلى أسطوانة مسموعة في أسرع وقت؛ كما نقوم بتوفير مجلة "الأخبار برايل" بطريقة منتظمة فور صدورها خدمة لذوي الإعاقة البصرية من أبناء الجامعة أو الجامعات الأخرى.

وعن المراجع الأجنبية، تُشير د. سرفيناز، إلى أن المكتبة تضم سبعة عشر ألف كتاب في الثقافات الأجنبية المختلفة، وأشهرها الإنجليزية والفرنسية والصينية، بالإضافة إلى 76 ألف رسالة جامعية، وأكثر من خمس عشرة مكتبة خاصة مُهداة من عدد من العلماء الكبار أبناء الجامعة وتحوي خُلاصة المراجع التي أثرت في تكوينهم الفكري، ومن بينهم المؤرخ الكبير د. حسنين ربيع، والفيلسوف د. حامد طاهر، وغيرهما؛ كل هذا تتم فهرسته بصورة دقيقة من خلال أحدث الأنظمة الآلية المتكاملة للخدمات المكتبية.