مصر تنقل تجربتها في مكافحة الفساد للدول الأفريقية

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

الحرب على الفساد أحد اشرس معارك الشأن الداخلي التي تخوضها مصر حاليا بالتوازي مع معركتى التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية ، وهى المعركة الأخطر داخل البناء المؤسسي في إطار جهودها للإصلاح الاقتصادي والتنمية والتطوير والتحديث ، والتي لا تعرف سوى حماية المال العام ، وحماية المواطنين من الفاسدين ومصاصي الدماء والمتاجرين بقوت الشعب ، وبنجاح الجهود الوطنية في مكافحة الفساد وجرائمه ، أصبح لدى مصر تجربة رائدة وخبرة يمكن نقلها لمختلف الدول في أساليب محاصرة الفساد وتتبعه.

إن الدعم والمساندة التى تبديها القيادة السياسية في مصر لجهود الحرب على الفساد ، والضرب بيد من حديد على الفاسدين لتحقيق الردع لمن يفكر فى السعى فسادا ، عزز حرص مصر التى ترأس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقى على نقل تلك التجربة إلى الأشقاء الأفارقة كى تكون معينا لهم فى مواجهة أخطر الآفات فى القارة السمراء وهى الفساد ، وذلك على ضوء ما تعتبره اتفاقية الاتحاد الأفريقى لمنع ومكافحة الفساد ، الوثيقة القانونية الأساسية للقارة الإفريقية لمكافحة الفساد.

دوائر اهتمام مصر بمكافحة الفساد اتسعت وارتفع صوتها لتشمل القارة الإفريقية إيمانا من الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الاتحاد الإفريقى بأن الفساد يقف عقبة دون تحقيق أهداف أجندة التنمية 2063 فى القارة الإفريقية ، لما يحدثه من استنزاف مواردها وهدر لجهود تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة ، وفى ظل رئاسة مصر للاتحاد فقد أولت أهمية متقدمة لهذا الموضوع الحيوى بين القضايا ذات الاهتمام فى برنامج ونشاط الإتحاد ، حيث تشير التقارير الدولية إلى أن معدلات الفساد فى القارة السمراء هى الأعلى عالميا، وتقدر بنحو 50 مليار دولار سنويا ، إضافة إلى التدفقات المالية غير القانونية إلى خارج إفريقيا والتى قدرت بنحو 900 مليار دولار وأغلبها عبر شركات متعددة الجنسيات وتجارة المخدرات والأسلحة والبشر.٠

وفى هذا الصدد جاءت مبادرة استضافه مدينة شرم الشيخ "المنتدى الإفريقى الأول لمكافحة الفساد"، لتتسق مع الأولوية المتقدمة التى يحظى بها موضوع مكافحة الفساد لدى مصر ، حيث تنطلق فاعليات المنتدى بعد غد (الأربعاء ) ويستمر على مدى يومين بمشاركة ٥١ دولة يمثلها وزراء العدل والداخلية ورؤساء هيئات مكافحة الفساد وأجهزة المحاسبات و الكسب غير المشروع فى الدول الإفريقية. 


عرض التجربة المصرية فى مواجهة الفساد ، سيكون واحدا من أهم البنود المدرجة على جدول أعمال المنتدى ، حيث أظهر تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام ٢٠١٨ تحسن ترتيب مصر فى مؤشر مدركات الفساد بنحو 12 مركزا ، وجاء ذلك نتيجة تنفيذ "الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" التى أطلقتها مصر قبل ٥سنوات ، و تم توزيعها على 84 جهة ما بين وزارات وجامعات وأجهزة حكومية ومحافظات ، و أثمرت عن العديد من الإجراءات والقرارات المهمة التى تضبط الأداء المالى ، وترسى مبادئ الشفافية والنزاهة لدى العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وتساعد فى الوقاية من الفساد وإشراك المجتمع فى محاربته ، وتحد من ظاهرة التهرب الضريبى ، وتعزز تنفيذ سياسة التدوير الوظيفى بالجهاز الإدارى فى الوظائف الأكثر عرضة للفساد ، وتبنى منظومة وطنية متكاملة لتبادل المعلومات بين وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمؤسسات المالية والمصرفية ، بالإضافة إلى إنشاء اللجنة الفنية الوطنية لمكافحة الرشوة ، و الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومى الإدارى للدولة، وتحسين الخدمات الجماهيرية ، وسن وتحديث التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد، ودعم الجهات المعنية بمكافحته، ورفع مستوى الوعى الجماهيرى بخطورة الفساد وأهمية مكافحته وبناء ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة، وتعزيز التعاون المحلى والإقليمى والدولى بجانب مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى مكافحة الفساد.

وأعطى الرئيس عبد الفتاح السيسى أكبر مساندة عرفتها الرقابة الإدارية فى معركتها على الفساد فهي تشكل الجهة الأساسية المكلفة بالتحقيق فى قضايا الفساد وإعادة أملاك الدولة المنهوبة ، بعدما ضرب الفساد بجذوره فى أعماق الجهاز الإدارى للدولة عبر عقود طويلة مضت تم خلالها التراخى فى مواجهته ، مما جعل استئصاله مهمة صعبة على مختلف الأصعدة ، وبهذا الدعم تمكنت الهيئة بالتنسيق مع الجهات المعنية المنصوص عليها فى تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد من تحقيق أهداف الاستراتيجية

ففى ظل سعى الدولة المصرية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال إطلاق رؤية مصر 2030، ورفع معدلات النمو الاقتصادى، حققت هيئة الرقابة الإدارية بالتوازى مع هذه الأهداف، المعادلة الصعبة فى محاربة الفساد على مدار ٤ سنوات متواصلة تنفيذا لتعليمات الرئيس السيسى، بتبنى استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ، والتى أعلن فى ختام المنتدى الثالث إفريقيا 2018، عن إطلاق المرحلة الثانية منها (2019 - 2022)٠

وحجم مايتم الكشف عنه بشكل متتابع من قبل الرقابة الإدارية منذ أطلق الرئيس يدها فى هذا المضمار ، يؤكد إلى أى مدى اصبح هذا الجهاز الرقابى الصديق الأول للمواطن المصرى فى حماية مصالحه وملاذ شكواه ، وأنها خط الدفاع الأول لحماية المشروعات القومية والخطط التنموية واستعادة أراضى الدولة وتحفيف بؤر الفساد أى كان موضعها ، وأنها تقود هذه المهمة القتالية بكفاءة واقتدار لصالح مصر والمصريين ، وتؤكد القضايا التى ضبطتها الرقابة أن الحرب على الفساد شملت كافة الأجهزة الحكومية وكل من له علاقة بالإضرار بالمال العام أو مصالح المواطنين ، وأن المعركة متواصلة بإطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسى المرحلة الثانية من الاستراتيجية التى حددت عددا من الأهداف الأساسية ، ومنها تطوير جهاز إدارى على درجة عالية من الكفاءة بمختلف المواقع فى الدولة ، وإعداد بنية تشريعية وقانونية داعمة لجهود المكافحة وتوسيع آفاق وأساليب التعاون الإقليمى والدولى فى منع الفساد بكافة صوره ٠ 

و تمثل نجاح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد فى قيام الدولة بإصدار قانون الخدمة المدنية الذى ساهم بشكل كبير فى إصلاح نظم التعيين والتقييم والترقية لموظفى الدولة، بجانب زيادة الاعتمادات المالية المخصصة لتدريب العاملين بالجهاز الحكومى، وربط بعض الحوافز للعاملين بمدى الالتزام بمدونات السلوك، وإصدار قانون منع تضارب المصالح للموظفين الحكوميين وميكنة إقرارات الذمة المالية، فضلا عن نجاح الاستراتيجية فى تحقيق العدالة الضريبية، والحد من التهرب الضريبى والجمركى وزيادة تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. 
تنظيم دورات تدريبية ، أحد أهم الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ، فلأول مرة أطلقت هيئة الرقابة الإدارية منظومة تدريبية بنظام التعلم عن بعد عبر الإنترنت للتدريب على نشر قيم النزاهة والشفافية بنظام التعلم الإلكترونى لجميع موظفي الجهاز الإداري بالدولة، والتي تهدف إلى رفع الوعى التثقيفي بقيم النزاهة والشفافية لدى العاملين بالدولة، ويمكن أيضا للمواطنين ومنظمات المجتمع المدني الحصول على هذه الدورة من خلال التدريب في عدة مجالات وهى مفهوم الفساد وأنواعه، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومدونة السلوك الوظيفي للعاملين المدنيين بالدولة، وأخيرا الاتجاهات الحديثة للإدارة ومفهوم مكافحة الفساد، والشفافية، والنزاهة، وذلك عبر التصفح الإلكترونى للإنترنت من خلال أجهزة الحاسب الآلي واتباع خطوات التدريب بالبرنامج ، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أعلن في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يوافق التاسع من شهر ديسمبر، وتفعيل نشاط الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، وتقديم 250 منحة تدريبية للكوادر الإفريقية، العاملة في مجال الوقاية من الفساد.