قمم مكة تقف في وجه التدخلات الإقليمية والخارجية

الرئيس عبد الفتاح السيسى
الرئيس عبد الفتاح السيسى

مع تطرق الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته أمام القمة العربية الطارئة التي عقدت بمكة، لوجود حاجة لمقاربة استراتيجية لأزمات المنطقة، وجذور عدم الاستقرار والتهديدات التى تواجه الأمن القومي العربي بحيث تجمع بين الإجراءات السياسية والأمنية، أكد أيضا أنه لا معنى للحديث عن تلك المقاربة بدون تصور واضح لمعالجة الأزمات المستمرة فى سوريا وليبيا واليمن واستعادة وحدة هذه الدول وسيادتها، وألا تكون مرتهنة لإرادة وتدخلات وأطماع دول إقليمية أو خارجية، أو أمراء الحرب والميلشيات الإرهابية والطائفية.

وقد طالب الرئيس بالعمل على مواجهة جميع التدخلات الإقليمية أو الخارجية فى الدول العربية، وعدم التسامح مع أى طرف إقليمى يهدد أراضى ومنشآت ومياه دول عربية، أو يسعى لممارسة نفوذه فى الدول العربية من خلال ميلشيات طائفية، وعدم تقبل أن يدعم طرف إقليمى بالسلاح والعتاد سلطة ميلشيات ويغذى الإرهابيين على مرأى ومسمع من المجتمع الدولى كله.

ولا تزال التداخلات الإقليمية فى الشأن العربى تحتاج لمزيد من الإجراءات والآليات الحازمة والتى من شأنها وقف تلك التدخلات، وإعادة الاستقرار فى الدول التى تعانى عدم الاستقرار، فكل الشواهد فضحت النظام التركى وإيران و دعمهما الكامل للمليشيات الإرهابية فى ليبيا وسوريا واليمن بهدف تهديد الأمن القومى العربى وتحقيق مصالح سياسية وبسط النفوذ على حساب أمن دول أخرى.

وأكد بشير عبد الفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التدخلات التى تتم من جانب قوى أقليمية ودولية فى شئون بعض الدول العربية تأتى بهدف حماية مصالح تلك القوى على حساب امن الدول، فإيران تسعى لأن يكون لها نفوذ سياسى من خلال تهديد الأمن القومى العربى وكذا تركيا التى دأب نظامها الحالى على دعم المليشيات والتنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح بل والتدخل العسكرى فى بعض الأحيان سواء فى سوريا أو العراق أو ليبيا فيما تتدخل إسرائيل بصورة مباشرة وغير مباشرة لدعم استمرار الانقسامات والحروب الأهلية وتواجد الجماعات الإرهابية فى دول الصراع.

وقال إن تركيا لا تزال هى الداعم الرئيسى لجماعة الإخوان الإرهابية والجماعات والكيانات المرتبطة بها وهو ما ظهر فى ليبيا من خلال مد التنظيمات الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية مثل فجر ليبيا بالسلاح، موضحا أنه تم ضبط العديد من السفن التركية التى تنقل السلاح للمليشيات الإرهابية فى ليبيا رغم أن ذلك يعد خرقا لقرار الأمم المتحدة والذى يحظر إدخال السلاح الى ليبيا لأى طرف منذ 2011 إلا أن تركيا انتهكت هذا القرار الأممى بهدف تغذية الانقسامات فى الأراضى الليبية، وشدد عبدالفتاح على ضرورة العمل العربى لإنهاء الانقسامات التى تعانى منها دول عربية والقضاء على المليشيات الإرهابية لسد الطريق امام القوى الإقليمية وعدم السماح لها بمزيد من التدخلات التى تهدف لضرب استقرار تلك الدول.

دعم الجماعات الإرهابية

وأكد كرم سعيد المتخصص فى الشئون الإقليمية بمركز الأهرام للدراسات، أن التدخلات الإقليمية الرئيسية فى الشأن العربى تأتى من جانب تركيا وإيران بهدف تحقيق طموحاتهما بإعادة صياغة الإقليم وفرص النفوذ وفقا لتوجهاتهما، فإيران تسعى لتهديد الأمن القومى العربى وتقسيم المنطقة على أساس طائفى وذلك من خلال التدخلات العسكرية فى كل من سوريا والعراق من جانب ودعم ميليشيا الحوثى فى اليمن بالأموال والأسلحة من جانب اخر، أما تركيا فحاولت إحداث عملية تحول ديموغرافى فى المناطق الحدودية مع سوريا من خلال التدخل العسكرى سواء عملية درع الفرات فى عام 2016 أو العملية العسكرية فى 2018 .

تأجيج الصراع

 وقال سعيد إن تركيا تساهم فى تأجيج الصراع الدائر فى ليبيا بتزويد الميليشيات الإرهابية بالمال والسلاح، كما تحاول تركيا لدعم تدخلاتها فى الإقليم بإنشاء قواعد عسكرية فى قطر والصومال، وأكد أن التدخلات الإقليمية من إيران وتركيا وقطر فى الشأن العربى تهدف بالأساس لتوزيع النفوذ الإقليمى واستثماره كأداة للضغط على القوى الدولية والسيطرة على ثروات ومقدرات الدول فتركيا على سبيل المثال تعانى من أزمة فى مصادر الطاقة ووجودها وتدخلاتها تسمح بتأمين مصادر الطاقة، كما أنها تقوم بتصدير السلاح بقيمة 6 مليارت دولار سنويا لذلك فهى تعمل على تأجيج الانقسامات فى ليبيا وسوريا لبيع الاسلحة، وشدد سعيد على ضرورة أن تتخذ قمم مكة إجراءات وان تصل لاتفاق على آليات محددة لوقف تلك التدخلات خاصة أن البيئة حاليا مواتية لذلك فى ظل أن إيران تعانى من أزمة بعد فرض مزيد من العقوبات الأمريكية ضدها لتقليص النفوذ الإيرانى فى المنطقة وأيضا تصنيف الحرس الثورى الإيرانى كمنظمة إرهابية، وكذلك سقوط تيارات الإسلام السياسى فى تونس والجزائر والسودان.

زعزعة الاستقرار

 وأكد هانى سليمان المدير التنفيذى للمركز العربى للبحوث والدراسات والباحث فى الشئون الإيرانية، أن أحد أهم ثوابت السياسية الخارجية المصرية والتى تتماشى مع الأعراف الدولية فكرة عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول وإيجاد حل سياسى فى دول الصراع، وما يحدث الآن بالمنطقة يؤكد تلك الرؤية وصحة وجهة النظر المصرية التى طرحتها القيادة السياسية، وقال إن التدخلات الإقليمية التركية على سبيل المثال تهدف إلى زعزعة الاستقرار فى المنطقة من خلال الأدوار التى تلعبها فى دعم الجماعات الإرهابية والمرتزقة فى ليبيا وكذا التدخل التركى فى سوريا، موضحا أن تركيا تعانى من عزلة سياسية أوروبية وعربية وتحاول من خلال تلك التدخلات ودعمها للميليشيات المسلحة ودعم مشروع الإسلام السياسى إنشاء مظلة من التثير وإيجاد أوراق ضغط لاستخدامها فى إحداث التوازنات وفقا لمصالحها الضيقة لذا فالنظام التركى يحاول امتلاك أدوات لمواجهة الدول الأوروبية وأمريكا من خلال دعم حركات الاسلام السياسى المسلحة وكذا تحقيق الحلم التركى فى إحياء الأمجاد العثمانية.

التدخلات الإيرانية

وبالنسبة لإيران، فهى تسعى لتهديد الامن القومى العربى وإحياء الدولة الفارسية القائمة بالأساس على هدم العالم العربى، وذلك من خلال تدخلات تقوم على أساس طائفى سواء من خلال دعم ميليشيا الحوثى فى اليمن بالصواريخ، وهو ما ظهر فى ارسال 13 سفينية إيرانية أخر 3 سنوات لإيران محملين بالأسلحة بهدف تصدرير الثورة الإسلامية وتهديد دول الخليج وعلى رأسها السعودية، حيث أن إيران منذ الثورة تحاول تصديرها للبحث عن دور إقليميى من خلال دعم الميليشيات الإرهابية، مشيرا إلى أن الحوثيين لا يملكون قرارهم  بل طهران هى صاحبة القرار بدليل أن مباحثات استوكهولم بعد أن كادت تصل لإيجاد حلول فى اليمن تدخلت إيران لتضرب هذا الاتفاق، وكذا تعمل إيران على إعاقة الاستقرار السياسى فى العراق ودعم الطائفية فى سوريا وتغيير الوضع الديموغرافى.

وأوضح سليمان أن كل من إيران وتركيا وإسرائيل لديهم مشروعات أيدولوجية تتعارض مع المشروع القومى العربى، ولها أهداف توسعية تدعهما من خلال هدم الاستقرار فى بعض الدول من خلال سياسات قائمة على التدخل فى شئون تلك الدول.