حوار| والدة الطفل «زين» قاهر «السرطان» تحكي تجربتها مع المرض اللعين

والدة الطفل «زين»
والدة الطفل «زين»

◄| أصعب لحظات حياتي عندما علمت بتجدد الخلايا السرطانية مرة أخري

◄| «عتمة ونور»‬.. اسم كتاب جديد يشرح معاناتي مع المرض


وجه بشوش، ابتسامة صافية وملامح رقيقة وعيون يملؤها التحدي والقوة تخفي خلفها اوجاعا مؤملة عاشتها مع نجلها، فلم تكن تتخيل يوما من الايام انها ستنتصر علي هذا المرض وانها ستعبر كافة الجسور الصعبة من اجل انقاذه من براثن السرطان الذي توحش داخل جسده واستطاع ان يهزمه اربعة مرات وبأنواع مختلفة.


الكاتبة رضوى موسي، والتي قامت بتدشين كتاب أسمته «زين حكاية عتمة ونور» رغم السنوات الصعبة التي عاشتها مع نجلها زين الا انها كان دائما مايتملكها التفاؤل فلم تكل من الذهاب يمينا ويسارا من اجل البحث عن شعاع الامل والنور وداخلها ايمان ويقين بقدرة الخالق في شفاء ابنها. 

 

اصبحت والدة زين بين ليلة وضحاها حديث الصباح والمساء بعد ان كتب الله لنجلها الشفاء، متقبلا دعوات الالاف من اصدقائها علي صفحات التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر والتي كانت دائما ما تدون خلاله كل لحظة عاشتها في رحلة علاج زين. 

 

فرأت رضوي ان هذه المدونات من الممكن ان تتحول إلي كتاب تروي فيه كل ماحدث من بداية مرض زين منذ ست سنوات وحتي شفاءه من اجل اعطاء امل في الحياة لكل طفل ناله هذا المرض اللعين وليكون عبرة ان الانسان قادر علي تخطي اي صعوبات تواجهه وليس المرض فقط.

 

 التقت «بوابة ‬أخبار اليوم» والدة زين لتحكي كافة الاسرار والحكايات عن حكاية «عتمة ونور» ولتكشف كيف استطاعت تدوين كل لحظة من مراحل العلاج المختلفة.

 

• في البداية.. مبروك نجاح كتاب «‬زين.. حكاية عتمة ونور»
- الله يبارك فيك، هذا الكتاب نتاج تعب وجهد وربنا كلل هذا التعب وهذا الجهد بهذا النجاح العظيم فالحمد لله.


• نود ان نعرف من هي رضوي موسي الكاتبة ؟
- انا ام مصرية امريكية ابلغ من العمر 35 عاما حاصلة علي بكالوريوس تجارة انجليزي جامعه عين شمس دفعة 2004..اعيش بالولايات المتحدة الامريكية مع زوجي وانا ام لثلاثة اطفال زين 12 عاما وملك 10 وايه 3 اعوام، واملك انا وزوجي شركة مقاولات بامريكا وشاركت في تأسيس جمعية خيرية غير ربحية تحت مسمي اصنعوا الابتسامة هدفها مساعدة الاطفال في محاربة السرطان.


فقدان الثقة 


• هل كنت تتوقعين هذا النجاح والتفاعل الكبير فور اصدار الكتاب؟
- بصراحة توقعت ان يكون هناك شغف من الناس لقراءة معاناتي طوال رحلتنا مع المرض، لكنني لم اتوقع هذا النجاح وفوجئت بشراء البعض عددا كبيرا من النسخ.


• لماذا اخترت »‬عتمة ونور» اسما لكتابك؟
- الاسم جاء من ان جميعنا في الحياة دائما مانمر باوقات فيها »‬عتمة» ولا نستطيع النظر لها سوي باليأس والتعب والمشقه ولكن لابد من ان يأتي بعد العتمه نور، وأقصد بالنور هنا الامل الذي يأتي بالدعاء والتوكل علي الله بعد فقدان الثقة والاستسلام لليأس، واتذكر دعاء نصحني به والدي ان اكرره دوما وهو »‬يا مرض لدي رب كبير رحيم» وبالفعل اجد راحة كبيرة عقب ترديده.


• ما سبب كتابتك على الغلاف اسم يوسف بجوار رضوي موسي؟
- المتعارف عليه في امريكا ان الزوجة دائما ماتحصل علي لقب عائلة زوجها وزوجي اسمه تامر يوسف ولكنني اعتز جدا بأسم والدي فقررت كتابة اسمه يوسف بجوار رضوي موسي وفخر لي ان اضع اسم عائلة زوجي بجوار اسمي.


• لماذا قررت توثيق قصة زين مع المرض في كتاب؟
- رحلة علاج زين تعلمت منها اشياء كثيرة ومواقف عديدة لا تنسي واوقات صعبه عشتها ففكرت بعد ان تلقيت صدمة مرضه ان اكتب كافة التفاصيل لتكون حافزا لي دوما في تخطي الازمات كما انني حرصت علي تدوين شعورنا كأسرة تعرض ابنها للسرطان وكيفية تعاملنا مع المرض في محاولة مني لتقديم العون والدعم النفسي لمن يمر بنفس الظروف.


• هل كان لديك نية من كتابة هذه الاحداث ان يتحول لكتاب في يوم من الايام؟
- كنت افكر بالفعل في اصدار كتاب ولكنني كنت انتظر محتوي قويا لتقديمه للناس ولم اجد اقوي من تجربتي الشخصية في محاربتي للسرطان، فكنت أكتب بعض المواقف في لحظة حدوثها علي شكل نقاط وقمت بتزويدها ببعض التفاصيل المهمة فيما بعد ليصبح السرد اقوي واعمق، ودونت احداثا أخري أعتمادا علي الذاكرة، وللعلم كان مدونا في البداية باللغة الانجليزية قبل ترجمته إلي العربية.


• وكيف خرج للنور بعد ذلك باللغة العربية ؟
- بعدما كتبته باللغة الانجليزية نصحني البعض بكتابته باللغة العربية للوصول إلي أكبر فئة ولحرصي علي ابلاغ رسالتي في أبسط صورة ممكنة، وبالفعل ترجمته باللغة العربية بالتعاون مع الدار المصرية اللبنانية وتم عرضه بعد ذلك في معرض الكتاب بجناح الدار.


• كم استغرق وقت تأليفك هذا الكتاب؟
- منذ خمس سنوات ونصف بعد معرفتي بالمرض وتخطي الصدمة الاولي.


سن مبكر


• هل كانت هذه أولي تجاربك في الكتابة؟
- لا.. فانا اعشق الكتابة ومنذ سن مبكر وانا افضل الكلمات المكتوبة علي تلك المنطوقة وكلما ضاقت بي الدنيا كنت اهرب إلي الكتابة فهي الصديقة الوفية التي اجدها في وقت الحاجة، ولكن كتابي حكاية »‬عتمه ونور» هو اول انجازاتي في الكتابة علي ارض الواقع.


• وما هي الرسائل التي كنتي ترغبين في توصيلها؟
- هناك العديد من الرسائل لكن في المجمل تكمن اننا قد نخطط لحياتنا ونعتقد انه الانسب لنا ولكن الله وحده الذي يعلم ماهو الافضل لنا واحاول من خلال الكتاب نشر الامل والحب ونكون دائما مؤمنين  بأن العتمة سوف يأتي بعدها النور وكيفية التعامل مع المرض وماهو دور الاب والام والاخوة والاقارب وازاي الاسرة تقف مع بعضها البعض كيد واحدة.


تفاصيل صعبة


• هل كتبت كافة التفاصيل التي مررت بها ام فضلت اخفاء البعض؟
- لم  اخف  شيئا وسردت كافة التفاصيل بما فيها الصعبة التي مريت بها وهناك تفاصيل لم اكتبها علي صفحة التواصل الاجتماعي الفيس بوك وقمت بالاحتفاظ بها من اجل كتابتها داخل الكتاب.


• هل بالفعل هناك نسبه من مبيعات الكتاب ستذهب لمرضي السرطان؟
- بالفعل.. تحدثت في ذلك مع الدار المصرية اللبنانية ورحبوا بالفكرة وللعلم اي شخص قام بشراء الكتاب سيساهم بالتأكيد في هذا الدعم.


• البعض قد يري ان توثيق هذا الكتاب من الممكن ان يعيد الاوجاع اليك مرة اخري مارأيك؟
- بالعكس اعتبر هذا الكتاب مساعدة في اي وقت لمريض السرطان ويعتبر صدقة لزين ولم اكن استطيع ان اعطي ظهري لمثل هذه الذكريات حتي وان كان بعضها مؤلم بالنسبة لي لكنني في النهاية اعتز بما عشته ولتذكرني دائما بأنني تغلبت علي هذا المرض.


• الم تخش نظرة الناس اليك وانت تسردين مثل هذه التفاصيل المريرة ؟
- لا.. انا علي يقين دائما ان الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية واسمع جميع الاراء لكنني في النهاية اشعر بالسعادة عندما يحدثني البعض عن الكتاب حتي وان كانوا ضد فكرة الكتاب وضد افكاري ومعتقداتي ولكن يكفيني انهم قاموا بقراءته فضلا عن ان رسالتي في هذه المذكرات رسالة ايجابية.


• هل وجدت اي معارضة سواء من اصدقائك او احد من عائلتك في كتابة قصتك في كتاب؟
- اطلاقا لم اجد احد عارضني بالعكس الجميع شجعني ووافقني الفكرة وكنت سعيدة بذلك جدا وهذا ما ذكرته من قبل ان الاسرة لابد وان تكون يد واحدة في مثل هذه المواقف.


• قدمت اهداء في بداية كتابك لكل من والدك وزين وشقيقك وزوجك حديثنا عن دور كل شخص في دعمك ؟
- بصراحه كل شخص من الاربعة لهم معي دورا كبيرا وهذا ما احكيه داخل الكتاب عن الترابط الاسري في وقت الازمات والمعاناة فأبي علمني من الصغر ان اعاند الظروف الصعبة وكانت كلماته بالنسبة لي هي القوة والدعم الحقيقي اما زين فساعدني علي تذكر انه دائما مايوجد طريقة واحده للنظر للاشياء وان الامور الصعبة لن تبقي للابد ومع الصبر ستتحول هذه الامور للاسهل. بالنسبة لشقيقي لم يتركني لحظة وكان دائما مايصبرني وكان متحمس لفكرة الكتابة منذ البداية اما تامر زوجي لايوجد كلام يكفيه لانه كان ولازال بالنسبة لي ونعم السند لاننا بنكمل بعض فعلا.


قساوة الظروف


• وهل تأثرت نجلتك ملك بكل هذه الضغوط اثناء رحلة العلاج؟
- بالتأكيد.. ملك كبرت ونضجت قبل اوانها واصبحت شخصية حاملة للمسئولية ورغم قساوة الظروف التي مررنا بها الا انني فخورة لكوني أم لها وبما تحملته وهذا ماسردته داخل الكتاب وكيف استطاعت التأقلم علي كل هذه الصعوبات التي واجهناها كأسرة.


• ما هو اكثر فصل تأثرت به عند كتابتك ؟
- »‬كله بيعدي» يعتبرمن اصعب الفصول التي أبكتني وانا أكتبها، لانني تذكرت حينها أصعب اللحظات التي مرت علي ومناجاتي لربي التي كانت سبب سعادتي فيما بعد.


• هل من الممكن ذكر هذه اللحظات؟
- بالطبع.. تذكرت عندما واجهني الاحباط حين علمت ان هناك بعض الخلايا السرطانية تجددت مرة اخري بعدما كان شفي زين تماما، بل وبكمية أكبر من ذي قبل ليصل حجمه لـ٣ كيلو ونصف داخل جسده، وابلغني الاطباء ان هذه الخلايا خبيثة وفي تكاثر مستمر فوجدت نفسي اناجي ربي بدعاء لن انساه اقول فيه »‬يارب يا تقويني يا تخفف عني» وكان هذا الدعاء بمثابة الفرج ورأيت نورا في هذه الليله لم اره من قبل.


كيس دم


• ما سبب ذكرك داخل الكتاب عن اهمية التبرع بالدم؟
- بالفعل كما يقال كيس الدم يساوي حياة ولعل أبرز دليل ماحدث لزين عندما احتاج لنقل دم بشكل كبير، نظرا إلي ان العلاج الذي كان يتلقاه من ضمن تأثيراته السلبيه نقص كرات الدم بالاضافة إلي أضعاف مناعة الطفل بشكل ملحوظ مما ادي لتغيير لون وجهه ودخوله في غيبوبة، لذلك تحدثت عن اهمية التبرع بالدم وانصح الجميع بضرورة التبرع كل شهرين كفعل أساسي للمواطنين وذلك لاحتياج الكثيرين إليه، هذا بجانب ان عمليه التبرع لن تأخذ من وقت المتبرع سوى نصف ساعة فقط.


• كلمة اخيرة توجهينها لمن؟
- اوجهها لكل من يقع في مصيدة اليأس والاحباط، انشروا البهجة ولا للاستسلام وتوكلوا علي الله فنحن اقوياء.