ثروات إفريقيا.. مستقبل الطاقة

الإنتاج والاحتياطيات المعدنية المقدرة في أفريقيا
الإنتاج والاحتياطيات المعدنية المقدرة في أفريقيا

كتب- محمد أحمد عبيد

تعد دول القارة الإفريقية من الدول الواعدة لما تمتلكه من امكانات وثروات طبيعية ومواد خام تتمثل فى احتياطات هائلة من المعادن والمعادن النفيسة فضلا عن المساحات الهائلة من الأراضى الصالحة للزراعة والغابات .. واتخذت مصر تزامنا مع توليها رئاسة الاتحاد الإفريقى عددا من الإجراءات والخطوات الجادة للمضى قدما نحو مزيد من التعاون والتكامل الاقتصادى مع دول القارة التى تتمتع بمستقبل يمكنها من أن تلعب دورا كبيرا فى حركة الاقتصاد والتجارة على المستوى الدولى.

 

بلغ معدل النمو فى إفريقيا نحو 4.3% للناتج المحلى الاجمالى لدول افريقيا فى 2018 مقارنة بنحو 2.2% فى عام 2016، وقد ساهم القطاع الصناعى بنسبة تتراوح ما بين 17-23%، فيما يساهم القطاع الخدمى بنسبة تتراوح ما بين 44-47%. 


قال د. فرج عبدالله- مدرس الاقتصاد بأكاديمية الثقافة والعلوم- إن إجمالى الصادرات الإفريقية بلغ نحو 420 مليار دولار ضمن صادرات العالم المقدرة بنحو 17.6 تريليون دولار، أى بما يمثل نحو2.4%، وهى تعد نسبة ضئيلة جدا مقارنة بحجم قارة مثل إفريقيا، وعلى الجانب الآخر بلغت الواردات الإفريقية نحو 2.8% من حجم واردات العالم بإجمالى 493 مليار دولار، وبذلك يبلغ العجز التجارى 72.5 مليار دولار من اجمالى عجز تجارى فى دول العالم بلغ نحو242.5 مليار دولار فى 2017. وأضاف عبدالله أن حجم تجارة المعادن النفيسة والذهب تقدر بنحو 26.5 مليار دولار فى 2017 ونحو 0.62 مليار فى 2018 وفق بيانات 


Trade statistics for international business development، ومتوقع ان تزداد بنسبة 1-2% كزيادة سنوية، حيث بلغت صادرات إفريقيا من الذهب والماس والمعادن النفيسة نحو 7% من حجم الصادرات العالمية البالغة نحو 659 مليار دولار، وتسهم مصر بنحو 0.3% منها، وبالنسبة للواردات فقد بلغت نحو 0.227 مليار دولار كحسابات مبدئية لعام 2018، ونحو مليار واحد فى 2017، وبالتالى يصبح صافى التجارة نحو 19.7 مليار دولار لعام 2017، ونحو  91مليونا مبدئيا لعام 2018، ومن المتوقع ان تزداد بنسبة 2-4%  كزيادة سنوية.. خاصة أن صافى صادرات إفريقيا بلغت نحو 14.05 مليار دولار فى 2014.


وفيما يتعلق باحتياطيات البترول والثروات المعدنية قال عبدالله إن افريقيا تشارك العالم بنسبة 10% فقط من احتياطى النفط العالمى ونحو 8% من احتياطى الغاز، نظرا لاتساع مساحات الصحراء الكبرى، فإن من المحتمل ان تزداد اكتشافات الغاز والنفط خلال الأعوام المقبلة، لكن لا يعنى ذلك أن إفريقيا فى طريقها لتصبح شرق أوسط بل من الممكن أن تتفوق على الدول المصدرة للنفط فى الوقت الراهن إذا ما تم استغلال جميع الموارد المتاحة بالقارة بكفاءة، خاصة لما تمتلكه من ثروات معدنية ومحجرية كبيرة إضافة لذلك من الممكن ان تساهم التطورات فى مجال الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) فى ريادة القارة لمحيطها الاقليمى، ويمكن تعزيز دور مصر فى هذه القارة بعد استعادة الدور الريادى لمصر خاصة مع تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى.

 

كما أكد على أن انتاج افريقيا من النفط يقدر بنحو 5.28 مليون برميل يوميا، إذ يتركز انتاج النفط فى إفريقيا فى عدة أماكن فى جنوب الصحراء حيث توجد أكبر دولتين منتجتين للنفط (نيجيريا وأنجولا) بما يعادل 4% من الإنتاج العالمى للنفط، مع تواضع الدول الافريقية الاخرى حيث بلغ انتاج دولة غانا نحو 300 ألف برميل، فيما يصل متوسط الانتاج للدول الاخرى ما بين 200إلى 300 ألف برميل يوميا.


وفيما يتعلق بالغاز الطبيعى فإن مصر تعد الرائدة إفريقيا خاصة فى البنية التحتية لشبكات وخطوط انابيب الغاز الأمر الذى يستوجب المزيد من توجه الدولة المصرية إلى العمق الإفريقى بما يعزز دورها الإقليمى فى سوق الغاز خاصة وأن القاهرة قد استضافت مقر منتدى غاز شرق المتوسط خلال يناير الماضى.


ثلاث خطـــوات للتكامل الاقتصادى
اتفاقيات اقتصادية متعددة تم توقيعها خلال السنوات الماضية بين عدد من الدول الإفريقية.. لكنها ظلت لفترات طويلة «مجرد حبر على ورق» ولم يدخل أى منها حيز التنفيذ، وهو ما ساهم فى زيادة الفجوة فى العلاقات بين دول القارة السمراء على الرغم من امتلاكها الكثير من الموارد الطبيعية والبشرية التى تساهم فى تحقيق التكامل الاقتصادى فيما بينها لإحداث نقلة اقتصادية هائلة على المستويين الإقليمى والعالمي.


وخلال السنوات القليلة الماضية تغير الوضع كثيرا عندما بدأت الدول الإفريقية الانتباه إلى ضرورة وجود  تعاون اقتصادى مشترك قائم على تبادل المنفعة.. بدأت هذه التحركات من خلال اتفاقية التجارة الحرة القارية لتسهيل الحركة التجارية بين الدول الموقعة عليه والتى يبلغ عددها 49 دولة حتى الآن وتضم سوقا يزيد عدد سكانه على 1.2 مليار نسمة بناتج محلى إجمالى يبلغ حوالى 2.5 تريليون دولار، بالإضافة إلى وضع أجندة افريقيا للتنمية المستدامة 2063 والتى تستهدف  تحقيق الانطلاق لافريقيا من خلال عدد من البرامج فى عدة مجالات  بهدف زيادة حجم التجارة البينية بين دول القارة السمراء والتى لم تتعد حتى الآن 16%.. كما أن انظار الكثير من الدول الاقتصادية الكبرى بدأت فى الاتجاه نحو افريقيا كسوق جديد لضخ مزيد من الاستثمارات وعلى رأسها ألمانيا والصين.. حيث بلغ حجم الاستثمارات الصينية فى افريقيا حوالى 1.87 تريليون دولار بين عامى 2005 و2018.


د.على الإدريسى أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر قال إن هناك الكثير من الاتفاقيات التى تم توقيعها فى عقود سابقة بين عدد من الدول الافريقية ولكن للأسف لم تدخل حيز التنفيذ لأنها كانت تواجه الكثير من المعوقات خاصة مع عدم وجود استقرار سياسى وأمنى واختلاف فى وجهات النظر والرؤى بين الدول الافريقية وبعضها البعض.

 

ولكن الوضع بدأ يتغير فى السنوات القليلة الماضية حيث بدأ التحرك من جانب عدد من الدول الافريقية نحو إحداث تكامل اقتصادى افريقى حقيقى بقيادة مصرية وذلك لتحقيق أهداف رؤية التنمية المستدامة الافريقية 2063. وأضاف أن الفترة المقبلة تحتم على دول القارة الافريقية الدخول فى مرحلة التكامل الاقتصادى خاصة مع تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد العالمى والمشاكل التى تمر بها اقتصاديات الكثير من الدول الأوروبية بجانب الحرب التجارية بين الصين وأمريكا.


أما بالنسبة لاتفاقية التجارة الحرة فأشار إلى أن هناك مجموعة من الدول التى كانت معترضة على التنفيذ أو عدم وجود الرغبة الحقيقية لتفعيلها، بالإضافة لمصالح بعض الدول التى كانت تعارض فكرة إنشاء سوق افريقية مشتركة يمتد من مصر إلى شمال وجنوب افريقيا وهو مايمثل أكثر من 70% من اقتصاد القارة السمراء ويضم أكثر من 700 مليون نسمة تمثلهم هذه الدول، فبالتالى هذه الاتفاقية قادرة على رفع معدلات التبادل التجارى لأكثر من 30% وهو مايتعارض مع مصالح الدول الأوروبية لأنه يؤثر على حجم الواردات الافريقية من الخارج بعد توافر البديل الافريقى المناسب.
 

خطوط ملاحية وتذليل العقبات التشريعية أهم خطوات الانفتاح على القارة
على الرغم من الخطوات التى تتخذها الحكومة المصرية نحو الانفتاح على السوق الإفريقى إلا إنه مازال حجم التجارة البينية بين مصر والدول الإفريقية لايتعدى 1% فقط وفقا لتصريح المهندس عمرو نصار وزير الصناعة والتجارة خلال لقائه مع لجنة العلاقات الإفريقية بمجلس النواب.. والتى أكد خلالها على أن هناك خطة لزيادة هذه النسبة إلى 1.5 : 2% خلال عام.


مدحت الشريف وكيل اللجنة الاقتصادية مجلس النواب أكد أن اللقاءات والمؤتمرات الاقتصادية والاتفاقيات المتعددة التى جمعت بين مصر والدول الإفريقية تعكس الأمل فى زيادة التعاون على المستوى الاقتصادى بين مصر وتلك الدول وبالتالى زيادة حجم التجارة بينهم والتى لم تتعد 1% فى الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن مصر بدأت بالفعل فى اتخاذ خطوات على أرض الواقع لتفعيل هذه الاتفاقيات وزيادة حجم التجارة.


وأضاف أن عدم وجود خطوط ملاحية بين مصر والدول الإفريقية يمثل عائقا أمام زيادة حجم التجارة بينهم.. وهو مايحاول المهندس عمرو نصار وزير الصناعة والتجارة تداركه حاليا من خلال الاستعانة بالخطوط الملاحية العالمية بين مصر وإفريقيا ولكن لن يتم ذلك إلا إذا كان هناك جدوى اقتصادية حقيقية لتشغيل هذه الخطوط بين مصر وأشقائها الافارقة ولن يتم ذلك إلا من خلال زيادة حجم الصادرات بين هذه الدول.


من جانبه أشار د. مصطفى بدرة أستاذ التمويل والاستثمار إلى أن الحكومة المصرية بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات فى اتخاذ خطوات فعلية نحو الانفتاح على الأسواق الإفريقية لتكوين سوق مشترك مع الدول الاقتصادية منها.

 

ولكن مازال هناك بعض العقبات التى تقف فى وجه تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر والدول الإفريقية ولابد من البحث لها عن حلول عاجلة ومنها عدم وجود وسائل نقل للتجارة فلا توجد بين مصر والدول الإفريقية أى خطوط ملاحية أو طيران أوسكة حديد.. بالإضافة إلى أن التشريعات والقوانين فى بعض هذه الدول تقف عقبة أمام تطوير الجانب الاقتصادى مع مصر.