حوار| محمد صبحي: «خيبتنا» اسم صادم.. ومسارح وسط البلد لاتصلح للتعامل معها

محمد صبحي أثناء حواره لبوابة أخبار اليوم
محمد صبحي أثناء حواره لبوابة أخبار اليوم

 

محمد صبحي: مسارح وسط البلد لاتصلح للتعامل معها

 

- لن أسمح بعرض أعمالي المسرحية بالتليفزيون قبل 3 سنوات

 

- أعود للدراما في 2019.. والعرض في شهر رمضان أشبه بسوق عكاظ

 

- لم أحسم موقفي من رئاسة لجنة الدراما.. ودورها ليس رقابيًا فهي من أجل الحفاظ على شرف المهنة

 

- اعتزلت السينما اعتزالا معلقًا من 1987.. والمناخ الحالي لا يسمح لي بالعودة

 

 

 

«محمد صبحي» فنان ذو رؤية خاصة لما يجب أن يقدمه للفن، ويرى أنه يجب أن تكون الأعمال الفنية ترتقي بعقل المشاهد، وأن يكون هناك معايير ثابتة لابد أن يلتزم بها أي عمل وهي الابتعاد عن "الدين والسياسة والجنس".

 

وكشف الفنان محمد صبحي خلال حواره لـ«بوابة أخبار اليوم» عن عودته للدراما التليفزيونية بعد غياب سنوات، وأوضح سبب اعتزاله السينما، كما كشف عن موقفه من رئاسة لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام.

 

 

في البداية.. حدثنا عن المسرحية الجديدة "خيبتنا" وهذا الاسم الصادم؟

 

بالفعل "خيبتنا" هو اسم صادم، وكنت قد كتبتها في عام 2004، عقب اجتياح أمريكا للعراق، وتدمير حضارتها، وكنت أرى وقتها ما سوف يحدث من كوارث واسميته بـ"الجحيم العربي" في المسرحية، ولكن حينما قررت تقديمها في عام 2018  أطلقت عليه "الربيع العربي"، هذه المسرحية تتحدث عن العقل العربي الخامل الأقل ذكاءً، وأنه هو السبب في كل مشاكلنا، وإذا صدّرنا هذا العقل لأقوى دولة في العالم سيؤدي هذا إلى انهيارنا، وتتحدث المسرحية عن أن المشكلة في أننا نساعد الأعداء في تنفيذ مؤامرتهم لتدمير أوطاننا، ونقدم لهم على طبق من ذهب أكثر مما يتمنوه في تخريب الوطن، مسرحية "خيبتنا" هي صرخة من أجل عدم تكرار هذا الموقف الذي حدث في ثورات الدمار العربي.

 

هل كانت هناك ملاحظات أو مشاكل مع الرقابة فيما يتعلق بمضمون أو التصريح لـ"خيبتنا"؟

الحقيقة حصلت على تصريحات الرقابة أكثر من مرة، في2007، و2010، و2012، و2018، ولم تواجه أي رفض أو تعليق أو ملاحظات، لأن الرواية تقدم بحس وطني وتعطي طاقة إيجابية، وتؤكد أن المشكلة في المواطن أيا كان، لأن المواطن إذا صرخ في كل الثورات العربية، وعبر عن رأيه ومطالبه بدون أن يكسر أو يخرب فهذا حقه، ولكن الذين يكسرون ويخربون فهذا يعد خللا لدى المواطن.

 

هل بُعد مكان المسرح يمثل عقبة في إقبال الجمهور على مشاهدة مسرح محمد صبحي؟

 

بعد تجربة عرض مسرحية "غزل البنات" على مسرح مدينة سنبل، وإقبال المشاهد على مدار 7 أشهر وتحمل المشوار، ونفس الشئ يتكرر حاليا مع "خيبتنا"، ومازال الزحام مستمر من الجمهور، وهذا يؤكد أن البطل الحقيقي هو المشاهد الذي أثبت أن الجمهور يريد العمل الجيد ويذهب إليه في أي مكان، وهذا شئ يدعو للفرح، هذا إلى جانب أن مسارح وسط البلد أصبحت تمثل عناءً شديدًا بالنسبة للجمهور بسبب الزحام، كما أن المسارح التي وقفت عليها بوسط البلد أصبحت الآن لا تصلح للتعامل معها.

 

هل أنت مع أم ضد عرض المسرحية على القنوات التليفزيونية بعد فترة قصيرة من وجودها بالمسرح؟

 

أرفض عرض المسرحية على شاشة أي قناة قبل عرضها على خشبة المسرح للجمهور 3 سنوات على الأقل، فعلى مدار 50 سنة من عملي بالمسرح كل العروض التي قدمتها عرضت على التليفزيون بعد وقت مابين سنتين إلى 5 سنوات من وجودها في المسرح، فالعرض المسرحي يستغرق وقتًا طويلًا في التحضير، بمعنى أن النص يكتب في وقت ليس أقل من عامين، ويستغرق بروفات على الأقل 8 شهور، فليس من المنطقي أن أعرضها على التليفزيون بعد بضعة أشهر.

 

 

كيف ترى فكرة مشاهدة عمل مسرحي عبر شاشة التليفزيون.. فهل هذا يحقق المتعة للمشاهد؟

 

هناك قانون في أوروبا وأمريكا، ولا يوجد لدى العرب، يمنع تلفزة المسرح، بمعني أن المسرحية لا تعرض على التليفزيون، وهذا يتيح إعادة تقديمها أكتر من مرة على خشبة المسرح  حتى ولو بعد سنوات، وأنها إذا طرحت على المشاهد في التليفزيون لا يمكن تقديمها بعد ذلك على المسرح، كما أن المتعة في مشاهدة المسرح مختلفة ولا تتحقق أمام شاشة التليفزيون.

 

لماذا ابتعد محمد صبحي عن الدراما التليفزيونية رغم تقديمك لأكثر من 20 عملا ناجحا وهاما؟

 

ليس اختفاءً، فقد قدمت أخر مسلسل "ونيس" الجزء السابع والثامن، الذي عرض نهاية فبراير 2011، ولكن بعد ثورة 25 يناير، الحياة توقفت في الدراما، وأصبح هناك تعب ومعاناة لكي نقدم عمل تليفزيوني والبحث عن القناة التي تعرضه، ومشكلة في نوعية العمل الذي تطلبه الجهة المنتجة، وهل يتناسب مع فكري في بناء مواطن أم لا، وإذا لم أجد ما يناسبني في العمل المعروض علي أرفضه، ومع ذلك قد يكون هناك مشروع لمسلسل درامي أقدمه خلال العام الحالي 2019، ولكن إلى الآن لا توجد أي تفاصيل خاصة به.

 

هل عرض عليك عمل وطلب منك توجيه معين في مضمونه؟

 

لا الحقيقة كل ما يعرض علي ولا يناسبني أرفضه، وإذا قرأت عملا معينا أرغب في تقديمه وتوجيه رسالة معينة منه، أقدمه في مكاني وهو المسرح.

 

 

لماذا تضع شرطا في تعاقداتك بعدم حذف أي شئ في العمل من خلال القناة التي تعرضه؟

 

هذا بند موجود في كل تعاقداتي من 1976 تقريبا، ولن أتنازل عنه، وتسبب في مشكلة في مسلسل "فارس بلا جواد"، حيث طلب مني أن أحذف 40 مشهدا، ورفضت تماما، وهذا المبدأ بالنسبة لي يتضمن أمرين الأول: "عدم حذف أي مشهد أو كلمة من العمل الفني إلا بموافقة كتابية مني"، والثاني: "عدم قطع المسلسل أثناء العرض بإعلانات، لأن ذلك لا يوجد به أي احترام للعمل الفني"، ففي فترة السبيعنيات وبداية الثمانينيات كان الإعلان فقد قبل وبعد الحلقة، وما يحدث حاليا من كمية عرض إعلانات خلال الحلقة جعل المشاهد يتوجه إلى اليوتيوب لمشاهدة المسلسل.

 

 

وكيف تتعامل مع مشكلة الإعلانات في العمل الذي تقدمه في 2019؟

 

الحقيقة أن أخر مسلسلين لي، اتفقت مع التليفزيون المصري وقتها أني سأقوم بعمل قطع إجباري خلال الحلقة في المونتاج ولا يضر بسياق الدراما، ويتم فيه عرض الإعلانات، واعتقد أن هذا في صالح العمل الفني، حتى لا يتم القطع بشكل عشوائي لإذاعة الإعلان بما يضر بالسياق الدرامي.

 

هل المسلسل الجديد سيعرض في موسم دراما رمضان؟

 

أرفض تماما عرض أي عمل لي في شهر رمضان، منذ الجزء السادس من مسلسل "ونيس"، وارى أن هذا الصواب، لأن العرض بعيدا عن شهر رمضان يكون أكثر نضجا وانضباطا، فأرى أن العرض في شهر رمضان يكون أشبه بسوق عكاظ.

 

 

لماذا لم يتضح موقفك حتى الآن من الموافقة على رئاسة لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام؟

 

الحقيقة تم تأجيل موعد اللقاء أكثر من مرة مع الأستاذ مكرم محمد أحمد لظروف خاصة به وبي، ولكن حتى الآن لم يتصل بي أحدا، وليس لدى فكرة أو جديد فيما يخص هذا الموضوع.

 

 

هل لديك خطة واستراتيجية معينة في حال توليك رئاسة لجنة الدراما؟

 

دور لجنة الدراما هو حماية الدراما وشرف المهنة والفنان، وأنها تضع خطة واستراتيجية لعودة الريادة الفنية لمصر، وهذه العودة تكون من خلال تشجيع الأعمال الجيدة، وهذا سيؤدي إلى الانسحاب التدريجي للأعمال التافهة التي تقدم، مع مراعاة أن دور لجنة الدراما ليس توجيهيا للمنتج أو المؤلف لتقديم فكر أو عمل معين.

 

 

وما تعليقك على ما يقال أن دور لجنة الدراما رقابيا؟

 

هذا هو المفهوم الخاطئ عن دور اللجنة، ولكن الحقيقة أن دورها هو الارتقاء بالأعمال الفنية، بمعنى أنها تمنع ما يمس شرف المهنة، فعلى سبيل المثال ضرورة عدم البدء في تصوير العمل الدرامي إلا بعد الانتهاء من كتابته كاملا ولا يصرح لصناع العمل بالتصوير إلى بعد انتهاء كتابة جميع حلقات المسلسل، لأن عدم الالتزام بذلك وبدء تصوير المسلسل بعد كتابة 5 حلقات فقط يمثل تشويها للمهنة، كما أن دور لجنة الدراما هو العمل على عودة سيطرة المخرج والمؤلف وليس المنتج أو وكالة الإعلانات أو الممثل، لتنفيذ العمل الذي في ذهنهما وهما أدرى به، وأؤكد أن دورها ليس رقابيا، فهناك أجهزة رقابية في الدولة تعاملنا معها على مدار 50 عامًا ولها معايير محددة وهي "البعد عن السياسة والدين والجنس" ونلتزم بها ونقدم أعمالنا وفقا لها.

 

 

مارأيك في تحديد عدد معين للمسلسلات التي يتم تقديمها في رمضان 2019؟

 

أرفض تماما هذا الكلام، وأنا ضد أن يتم تحديد عدد من المسلسلات، وهذا يعتبر احتكار وأنا ضد الاحتكار سواء من الدولة أو القطاع الخاص، لأن أي نوع من أنواع الاحتكار هو تدمير للحالة الفنية في مصر.

 

هل ترى أن هناك تعمد في توقف قطاعات الدولة المختلفة عن الإنتاج الدرامي؟

 

ليس تعمدا، ولكنه تجاهلا، فالتليفزيون المصري حارب من أجل تأسيس  شركات صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي وقطاع الإنتاج، وكانوا يقدمون أعمالا مهمة، ويقومون بتسويقها في الوطن العربي كله وكان هناك ربح كبير، لكن ماحدث في التليفزيون من بداية ثورات الربيع العربي أفسد الدراما، فكنا نحتاج بدلا من شراء قنوات فضائية تكون في أيدي الدولة، أن نهتم بالتليفزيون المصري على أنه صوت الدولة والإعلام الرسمي، فأنا لست ضد أن يكون هناك إعلام موجه من الدولة ولكن بشرط أن يكون القائمين عليه يفهمون جيدا السياسات التي تقدم من أجل بناء مواطن صالح، ولابد أن يكون هناك إنتاجا مفتوحا، وتدعم الدولة الأعمال الجيدة لمواجهة تقديم الأعمال التي تسئ للفن المصري.

 

لك رأي في الأجور المرتفعة لبعض النجوم.. ولماذا رفضت أجرا عاليا عرض عليك من احد المنتجين؟

 

بالفعل رفضت أجر 50 مليون جنيه عرض علي لتقديم عمل درامي، لأني أرى أن مصر تمر بفترة تتجه فيها إلى البناء والخروج من عنق الزجاجة، وعلى الفنان أن يراجع نفسه ويقدم فن جيد وبأجر أقل، وحتى تكون وجهة النظر واضحة لا أطالب أن يكون ذلك إلزاميا على الفنان أو يكون بإصدار قانون أو وصاية تجبره على فعل ذلك، ولكن يكون نابعا من داخل الفنان وإحساسه بالمسؤولية، وأن تكون لديه ضوابط داخلية في أن يقلل من أجره من أجل جودة العمل الذي يقدمه، وهذا رأي خاص ولا ألزم به أحدا.

 

تم تكريمك مؤخرا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن.. كيف رأيت هذا التقدير؟

 

هذا التكريم اعتبره أعلى وسام في حياتي، وشرفني الرئيس أبو مازن بمنحي أعلى وسام فلسطيني للثقافة والعلوم والفنون عن مجمل أعمالي، وللرسائل التي أقدمها في أعمالي خاصة أنني على مدار 37 عاما أحمل القضية الفلسطينية في أعمالي وأذكر بها أجيال ناشئة.

 

 

أين محمد صبحي من السينما؟

 

اعتزلت السينما اعتزالا معلقا من عام 1987،  بمعنى إذا استطعت العودة بسينما حقيقية سأفعل ذلك، إنما طالما أن السينما التي أريدها صعب أن تتحقق وتتوفر، فأقدم رسائلي عن طريق التليفزيون أو المسرح.

 

ألم تجد عملا واحدا مناسبا لتعود به عن الاعتزال السينمائي منذ 1987؟

 

الحقيقة لا، ولم أخسر من ابتعادي كل تلك الفترة، السينما ليست كالتليفزيون والمسرح في السينما يجب أن أكون ممثلا فقط، ولا يصح أن أكون مالكا لكل الأدوات فيها لأنها صناعة كبيرة، والمناخ حاليا لا يسمح لي بالعودة إلى السينما.