المحطات الأخيرة من الصراع السوري.. نجاح وشيك لدمشق في نهاية المطاف

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

باتت سوريا بعد ما يناهز الثماني سنوات أكثر استقرارًا نوعًا ما، وأن الأمن بدأ يتبدل من بعد خوفٍ واضطراباتٍ أثقلت كاهل الشعب السوري، وجعلته بين شريدٍ وطريدٍ ونازحٍ من أراضيه، ومنهم من كانت حياته ثمنًا لهذا الصراع الدامي.

 

وتلاحقت الأحداث في سوريا بدءًا من مارس 2011، وتحولت الاحتجاجات الشعبية في خضم ثورات الربيع العربي، إلى صراعٍ مسلحٍ بين الفصائل المتناحرة بالأراضي السورية، في أوضاعٍ أشبه بالحرب الأهلية هناك، كما استدعى الأمر تدخل قوات أجنبية في الأراضي السورية، منها من أهال الصراع أكثر فأكثر.

 

ويبقى الحديث الآن عن هوية المنتصر في نهاية المطاف في سوريا، في وقتٍ تسيطر فيه القوات السورية على نحو ثلثي الأراضي السورية، في حين يرى المرصد السوري المعارض أن دمشق تبسط سيطرتها على نحو 60% من الأراضي السورية.

 

الصراع يلفظ أنفاسه الأخيرة

 وفي غضون ذلك، يقول السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحٍ خاص لـ"بوابة أخبار اليوم"، إن الصراع في سوريا في مشاهده الأخيرة، وأظهر فشل نموذج فك الدولة الوطنية السورية، مضيفًا أن نظام الحكم البعثي، وهو حكم عقائدي، استطاع تجاوز الخلاف العرقي في سوريا، ولملمة أوصال الدولة السورية.

 

وبدوره قال السفير حسين هريدي، الخبير السياسي ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إنه يعتقد أن الحكومة السورية والجيش العربي السوري قد نجحا في الصراع الدائر هناك،  مضيفًا، "نستطيع القول اليوم أن الحكومة السورية حققت انتصاراتٍ كبيرةً، وأصبحت تسيطر على غالبية الأراضي السورية، وخلال عام 2019 ستزداد نسبة الأراضي التي تسيطر عليها دمشق".

 

واعتبر هريدي أن الجيش السوري والحكومة أنقذتا سوريا من على حافة الانهيار، قائلًا إن سوريا كانت ستختفي من على الخريطة لولا نجاحات الجيش السوري في تحاشي ذلك.

 

الانسحاب الأمريكي

وحول الانسحاب الأمريكي من سوريا، شكك هريدي في جدية الأمر، وذلك بعد أن أرجأت الإدارة الأمريكية سحب القوات من 30 يومًا إلى أربعة أشهر، مستطردًا أن الأمر يمكن تجديده مرةً أخرى بعد انقضاء الأشهر الأربعة.

 

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء 2 يناير إن الولايات المتحدة ستنسحب من سوريا على مدى فترة من الوقت، وإنها تريد حماية المقاتلين الأكراد مع سحب القوات الأمريكية من هناك.

 

وأضاف ترامب في اجتماع لمجلس الوزراء في البيت الأبيض أنه لم يحدد أبدًا أربعة أشهر جدولًا زمنيًا للانسحاب، الذي كان قد أعلنه الشهر الماضي متجاهلًا مشورة كبار مساعديه للأمن القومي ودون تشاور مع المشرعين أو حلفاء الولايات المتحدة الذين يشاركون في العمليات ضد تنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية "داعش".

 

وتصريح ترامب هذا يمثل تراجعًا عن موقفين للإدارة الأمريكية تمثل في إعلان الانسحاب من سوريا وأفغانستان على حدٍ سواء، في فترةٍ وجيزةٍ، قبل أن يتم إرجاء الأمر في سوريا لبضعة أشهر، والآن يقول الرئيس الأمريكي إنه لا يضع إطارًا زمنيًا لانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية.

 

وتسيطر القوات الأمريكية على مدينة التنف، رفقة قوات سوريا الديمقراطية، التي دعمتها واشنطن، وقد أقامت قاعدة عسكرية هناك في عمق الصحراء بالقرب من الحدود مع الأردن عام 2016.

 

كما تسيطر هذه القوات بالكامل تقريبًا على ربع مساحة سوريا، وبالتحديد الجزء الواقع شرق نهر الفرات، والذي تنوي القوات التركية التقدم فيه، كما تخضع الرقة، العاصمة السابقة لتنظيم"داعش" قبل دحضه لسيطرة التحالف بقيادة واشنطن، إضافةً إلى بعض من أكبر حقول النفط في البلاد.

 

الظهير الروسي

وشكل التدخل الروسي في سوريا بدءًا من سبتمبر عام 2015 منعطفًا في الصراع الدائر هناك، وكان بمثابة ركيزة للنظام السوري، باعتبار أن موسكو كانت ولا زالت الداعمة الأولى لدمشق منذ بدء الصراع وحتى الآن.

 

ويقول حسين هريدي، "مما لا شك فيه أن التدخل الروسي في سوريا كان له بالغ الأثر في تحويل دفة الحرب لصالح الجيش العربي السوري".

 

ويضيف مساعد وزير الخارجية الأسبق أن موسكو استفادت بشدةٍ من الصراع في سوريا وحققت نجاحات بالنسبة لها، حيث أنها عادت من جديد للشرق الأوسط من البوابة السورية، واستعادت نفوذها في المنطقة، والذي كان موجودًا قبل حرب 1973 وأثناء تلك الحرب.

 

عائق الوجود التركي

وعلى جانبٍ آخر من الصراع في الأرض، تسيطر القوات التركية على شمال غرب البلاد، على الحدود المشتركة مع تركيا، وهو ما قد يمثل عائقًا أمام فرض دمشق كامل سيطرتها على أراضيها، حتى حال إتمام الانسحاب الأمريكي من سوريا، وإحكام القوات السورية قبضتها على المناطق التي كانت تخضع لسيطرة واشنطن وحلفائها على الأرض.

 

ويرى حسين هريدي أن روسيا تتعامل مع الوجود التركي في سوريا، وأنها تمثل حلقة الوصل بين أنقرة ودمشق، متحدثًا عن إمكانية انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية بحلول نهاية العام الجاري.

 

وقلل هريدي من أهمية حديث وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، الذي تعهد بدخول مدينة منبج وعبور نهر الفرات للقضاء على الفصائل الكردية التي تزعم أنقرة أنها امتدادٌ لحزب العمال الكردستاني، جازمًا بأن الاصطدام بين القوات السورية والتركية لن يحدث في تلك المدينة.

 

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، في وقتٍ سابقٍ اليوم، أن قافلة من المقاتلين الأكراد، تبلغ عددها 400 مقاتلٍ، انسحبت من منطقة منبج المضطربة في شمال سوريا، وأن ذلك جاء تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه لعودة الحياة الطبيعية إلى المناطق في شمال الجمهورية العربية السورية.

 

وعلى ضوء ذلك، تبدو القوات الحكومية الروسية بزعامة الرئيس بشار الأسد في طريقها لانتزاع النصر في بلاد الشام، بعد حربٍ ضروسٍ شهدت تقلباتٍ وتغيراتٍ على مدار ثماني سنوات من العجاف السوري.