صناعة الرخام في خطر| الصين تحتل «شق الثعبان».. والعمال: «مصيرنا الشارع»

الصين تغزو «شق الثعبان» قلعة صناعة الرخام والجرانيت
الصين تغزو «شق الثعبان» قلعة صناعة الرخام والجرانيت

- تسريح العمالة المصرية وإحلال العمالة الصينية والماكينات الحديثة.. أبرز المشكلات

- منافسة المنتج المصري وتراجع المنافسة التصديرية لمصر واستغلال دعم الدولة وعدم فرض رسوم على صادراتها.. أبرز الأزمات

- العمال: المستفيد الوحيد هم أصحاب المصانع.. وحوالي 2000 عامل تركوا «آكل عيشهم»

- «مواد البناء»: المصانع الصينية تخالف القانون من حيث عدد العمالة والتأمينات عليها

 

فور وصولك منطقة «شق الثعبان» قلعة صناعة الرخام والجرانيت في مصر، والتي تحتل المركز الرابع عالميا، وتصدر الرخام إلى حوالي 118 دولة حول العالم، تجد تلك المنطقة الاقتصادية الهامة قد تعرضت مؤخرا لغزو المستثمرون الصينيون، الذين يستأجرون المصانع من المصريين مقابل مبلغ مالي كبير، ويستغنون عن العمالة المصرية بعمالة صينية وماكينات حديثة، وكذلك يبيعون منتجاتهم من الرخام والجرانيت بأسعار وجودة أقل عن نظيرتها المصرية؛ ما يتسبب في ركود المنتج المصري، وتراجع المنافسة التصديرية لمصر، وكذلك استغلال دعم الدولة على الوقود والكهرباء والمياه، وعدم فرض رسوم على صادراتها.

 

 

في هذا السياق قامت «بوابة أخبار اليوم» بجولة في منطقة شق الثعبان، واستمعت إلى شكاوى العمال وأصحاب المصانع المصريين بعد الغزو الصيني للمنطقة، والأضرار التي لحقت بهم، وكيفية عودة المنطقة الحيوية لسابق عهدها كقلعة مصرية وطنية رائدة في صناعة الرخام وتصديره إلى العالم كله.

 

 

غزو الصين لـ«شق الثعبان»

 

في البداية يقول أحمد شوقي، صاحب مصنع، إن دخول الصين إلى منطقة شق الثعبان تسبب في ضرر كبير على أصحاب المصانع من المصريين، لأنها تقوم بشراء الخامات من الخارج وبجودة أفضل وسعر أقل من الخامات المصرية التي تستخدمها باقي المصانع بالمنطقة، ويأتي المستثمر الصيني بالماكينات المستوردة معه، ويستغنى عن العمالة المصرية، ويلجأ للعمالة الصينية دون المصريين.

 

وأوضح ماهر إبراهيم، عامل، أن المصانع الصينية بشق الثعبان لا تحتاج استخدام أي شئ مصري من ماكينات ومعدات وعمال وكل مستلزمات الإنتاج يجلبها من الصين، وبالتالي العمال مصيرها الشارع.

 

 

 

وذكر إيهاب رأفت، عامل، قبل غزو الصين لمنطقة شق الثعبان كان المصنع يعمل به 200 عامل أو 150 عامل، لكن بعدما قام الصينيون باستئجار المصانع بمبالغ كبيرة حوالي 40 ألف أو 50 ألف في الشهر ويأتون بالمعدات معهم وبماكينات حديثة، وذلك يؤدي إلى تسريح العمالة وإحلال التكنولوجيا بدلا منهم، والمستفيد الوحيد هو صاحب المصنع الذي يتحصل على مبالغ طائلة من الإيجارات، إنما المتضررين هم العمال إذ يعتمدوا على عدد قليل جدا لا يتجاوز 10 عمال.

 

ولفت أكرم عبدالله، صاحب مصنع، إلى أن فتح الباب للعمال الصينيين في المنطقة الصناعية، والسماح لوفود الآلاف من الشباب الصينيين للقاهرة تحت مسمى الدراسة، وتزايد عددهم، أدى لغزو سوق العمل بمصر بدون رقابة، كما أنهم يعملون بلا تصاريح، ما يعنى عدم التحقق من قانونية تلك العمالة، ومع توقف بعض مصانع الرخام عن العمل نتيجة ضعف التصدير، اضطر أصحابها لتأجيرها للصينيين، وهكذا استأجر الصينيون قرابة 200 مصنع، بعد مرور أصحابها بضائقة مالية، بالتزامن مع تخلى الحكومة ورفضها منحهم قروضًا لشراء ماكينات جديدة تزيد من معدل الإنتاج.

 

 

وأشار إلى أن بعض الصينيين يصنعون منتجات رديئة وغير مطابقة للمواصفات، بتكلفة أقل، ويبيعونها في السوق المصري، كما يصدرونها باعتبارها منتجًا مصريًا ما يجعله خارج المنافسة التصديرية لمصر، وبالتالي أصبح لدينا صناعة رخام وجرانيت صينية في قلعة صناعة الرخام المصرية.

 

وأوضح رامي عبد الرحمن، صاحب مصنع، أن القانون المصري يمنع استخراج تصريح المحاجر لغير المصريين، وأصبح الصينيون أصحاب التصاريح من الباطن، خاصة أن المحاجر المصرية تتميز بإنتاج اللون «البيج» من الرخام الذي يتهافت عليه الصينيون لسهولة تشكيله وتغيير لونه وإضافة مواصفات جديدة له، بالإضافة إلى رخص ثمنه، وعدم إجادة المصريين للتسويق، ما فتح المجال أمام الصينيين للدخول في هذا المجال بقوة، واستئجار العديد من المصانع في منطقة شق الثعبان.

 

 

واستطرد أن صاحب المصنع المصري يسعى للتهرب من مشكلات الضرائب والعمالة والبعد عن المخالفات مستفيدا من الحد الأدنى للمكسب الذي يعطيه له الصيني، وفى هذه الحالات يكون شرط المستأجر الصيني إخلاء المصنع من العمال، فهو يحتاج إلى المصنع فقط، وهو الأمر الذي ينذر بكارثة بعد أن شهدت المنطقة بالفعل الاستغناء عما يقرب من 2000 عامل مصري واستبدالهم بماكينات حديثة وعمالة صينية.

 

 

وذكر رأفت محمود، صاحب مصنع، أن المصانع الصينية بالمنطقة تصدر الرخام لجميع دول العالم، وبذلك يتحايلون على الحكومة المصرية التي لا تستطيع فرض رسوم على الصادرات باعتبارها صادرات مصرية رغم أنها مصانع مؤجرة من المصريين للصينيين، ويستخدمون الكهرباء والمياه والطاقة المدعمة من الدولة.

 

 

«مواد البناء»: المصانع الصينية تخالف القانون

 

كان السيد البدوي، نائب رئيس غرفة صناعة مواد البناء بإتحاد الصناعات، قد أكد أن صناعة الرخام والجرانيت بمنطقة «شق الثعبان» تواجه عددا من المعوقات التي تحد من توسعها وازدهارها نتيجة زيادة الوجود الصيني بالمنطقة من خلال شراء وتأجير ورش ومصانع صغيرة.

 

 

وقال إن الجانب الصيني أدخل الآلات والمعدات الحديثة خاصة في مجال الجرانيت وهو ما ساعد على تصنيع منتجات جديدة لم تكن موجودة من قبل بالسوق المصرية قادرة على منافسة منتجات عالمية بأسعار منخفضة.

 

 

وأضاف أنه رغم أن وجود الصينيين يعد أمرا إيجابيا، ويظهر قوة السوق المصرية وإمكاناتها العالية في جذب الاستثمارات العالمية؛ الإ أن هذا الوجود بمنطقة شق الثعبان يعتمد تماما على العمالة الصينية في مخالفة صريحة لقانون العمل المصري الذي يلزم بألا تزيد نسبة العمالة الأجنبية على 10% فقط، إلى جانب عدم سدادهم التأمينات على هذه العمالة لوجودها بصورة غير شرعية، وهو ما يوجد نوعا من المنافسة غير العادلة مع المنتجين المصريين مما دفع البعض لغلق مصانعه، خاصة أن القطاع يحتاج مدخلات إنتاج مستوردة إلى جانب ارتفاع تكلفة النقل ومصروفات تراخيص المحاجر.