مستشار الرئيس السنغالي: الشريعة الإسلامية ليست جامدة

 المؤتمر العالمي للإفتاء
المؤتمر العالمي للإفتاء

قال د. منصور مأمون النياس مستشار الرئيس السنغالي، إن الشريعة الإسلامية ليست جامدة، بل مرنة ومتحركة، تُساير الزمان والمكان، والتطور البشر ي باستمرار، وتنظم حياة المسلم تنظيمًا محكمًا، وتواكبه في أطوار حياته كلها.

وأضاف "النياس"، أنه من هنا تبرز أهمية الفتوى، وتظهر خطورتها، وحاجة المسلم إليها في كل وقت، فلا يجوز لأحد أن يعمل عملا حتى يعلم حكم الله فيه، فما من حركة يتحركها المسلم إلا قبلها فتوى، فإن كان المتحرك عالما أفتى نفسه، وإن لم يكن كذلك استفتى غيره، مصداقًا لقول الله عز وجل ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ النحل: 43.

وأضح الشيخ النياس، أن تنظيم الفتوى ومراجعة أساليبها وتحيينها من الأمور الهامة التي استمر عليها عمل الأمة من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى يومنا هذا، لافتا إلى أننا اليوم أحوج ما نكون إلى هذا التنظيم، وهذا التجديد الذي يرتقي بالمستوى العلمي للفتوى، وتطور قواعدها الإجرائية، ويوسع النظرة لاستيعاب قضايا العصر الحديث، بما يناسب مقاصد الشريعة.

وتابع: "الفتوى اليوم أحوج ما تكون إلى وضع ضوابط تصون قداستها، وتحدد شروطها في ظل هذا السيل الجارف من الفضائيات ووسائل التواصل، وتبادل المعلومات، واعتبار كثير من المستهترين بالعلم، الناقصين في الورع أن الإفتاء تزكية لعلمهم، ووسيلة لشهرتهم، ونحن اليوم أمام تحد كبير بين ضرورة تجديد الفتوى وصياغة منهج هذا التجديد، وإيجاد الآليات اللازمة لتطبيقه".

واستعرض مستشار الرئيس السنغالي، عدة تعريفات وتحديدات لبعض المفاهيم في الأصول المنهجية للتجديد كمعاني الأصول والتجديد والمنهجية والفتوى، مؤكدًا أن الفتوى هي حصيلة تنزيل الحكم الشرعي على الواقع من تتبعنا لمحطاتها السابقة، والقدرة على تنزيل الحكم على الواقع تستلزم تصور هذا الواقع، وتكييف النازلة، ولابد لتجديد الفتوى من وضع منهجية واضحة للتجديد على هذه المستويات الثلاثة الواقع والعلم و الربط بين الواقع والعلم.

ولفت د. النياس، النظر في كلمته، إلى أن تجديد الفتوى اليوم أصبح ضرورة وليس اختيارا، يدعو له تطور الحياة، وتغير كثير من معالمها، وتعقد الحياة نفسها، وتسارع وتيرتها مما يحتم الرجوع إلى منظومتنا الأصولية التي عليها العمدة في استخراج الأحكام بالتنقية والتوسيع والإضافة لتشمل هذه النوازل المستجدة وتلاحق تطورها.

واختتم مستشار الرئيس السنغالي حديثه بالقول: "لابد لتجديد الفتوى من تطوير أدواتها وأساليبها، وتجديد هذه الأدوات والأساليب، وفي مقدمتها المفتي نفسه، ويكون ذلك بتجديد علم أصول الفقه بتنقيته مما علق به وتوسيعه بمراعاة الخلاف ضمن ضوابط محددة، والإضافة إليه بالاهتمام بالمقاصد وإعطائها المكانة اللائقة بها ضمن أصول الفقه دراسة واستعمالا، والتركيز على اللغة العربية وأساليبها، مع الاستعانة بمستجدات العصر من أدوات ومناهج في تجديد أصول الفقه كعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من المجالات التي لها تأثير على الأحكام واستنباطها وتطبيقها.

وطالب "النياس"، بجعل الإفتاء علمًا مستقلا يقوم على فقه الواقع وفقه الدين، وافتتاح معاهد وكليات خاصة بتكوين المفتين، كما يجب الاهتمام بالاجتهاد الجماعي والإفتاء الجماعي، وبهذا يتم التجديد فيما يمكن التجديد فيه، وتتم المحافظة على الثوابت الشرعية الخارجة عن التغيير والتبديل.