القمة المصرية الروسية ترسم مستقبل التعاون خلال الفترة المقبلة

عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين
عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين

تشهد العاصمة الروسية موسكو خلال الأيام القليلة المقبلة، قمة جديدة للرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين، والتي وصفها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، بأنها القمة الأهم، مشيرا إلى أن الرئيسين عبد الفتاح السيسي و فلاديمير بوتين سيبحثان الوضع الإقليمي، خاصة في سوريا وليبيا واليمن والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

كما سيبحث الجانبان مسائل التعاون العسكري الفني واستئناف الطيران العارض إلى المنتجعات المصرية، والتعاون بين البلدين في مجالات متنوعة كالمنطقة التجارية الحرة وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين والتعاون في النقل والمواصلات.
و التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب وتنسيق الجهود في هذا الصدد.

وقال بجدانوف لوكالة تاس الروسية أن مصر تعتبر شريكا مؤتمنا وقد ثبت ذلك في الكثير من المواقف والأحداث، مؤكدا على المكانة المصرية والدور البارز الذي تلعبه في الشرق الأوسط وأنها مركز الكثير من الأحداث، حيث يوجد مقر جامعة الدول العربية بها كما أنها سوف تترأس في عام 2019 الاتحاد الأفريقي وروسيا يعنيها هنا التنسيق المحكم مع مصر فيما يخص القارة الأفريقية.

وكان سامح شكري وزير الخارجية قد تناول مع نظيره الروسي سيرجي لافروف الإعداد لهذه الزيارة على هامش مشاركتهما في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر الماضي في نيويورك.

وأكد سامح شكري أن هذه الزيارة ستساهم في فتح أفاق جديدة لعلاقات التعاون بين الدولتين في كافة المجالات، وأن الاستعدادات تجرى لكي تخرج هذه الزيارة بأعلى مستوى من النجاح.

وشدد على اهتمام مصر بزيادة الاستثمارات الروسية المباشرة في مصر، خاصة في مجالات التصنيع المشترك، مشيراً إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية في مصر، حيث تم التوقيع على الاتفاقية الحكومية لإنشاء المنطقة خلال الدورة الـ11 للجنة الثنائية برئاسة وزيري التجارة والصناعة، كما عرب وزيرا الخارجية عن ارتياحهما للتقدم الذي تم تحقيقه في مشروع المحطة النووية في الضبعة.

وكانت العلاقات المصرية- الروسية قد شهدت نقلة مهمة وخاصة بعد ثورة يونيو، والتي أيدتها روسيا مؤكدة دعمها لارادة الشعب المصري ،و اليوم اصبحت مصر وروسيا شريكتين على الصعيدين الثنائي والدولي.

كما شهدت الفترة الماضية زيارات متبادلة بين الرئيسين السيسي وبوتين والتي تم فيها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ودعم التعاون في كافة المجالات خاصة الاقتصادية والعسكرية وفي مجال الطاقة.

ولا شك ان الخطوة الأولى للتعاون المصري الروسي قد ولدت عام 1948 بتوقيع أول اتفاقية اقتصادية حول مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي‏. وشهدت العلاقة تطورات متلاحقة كان أبرزها بعد ثورة يوليو عام 1952 حين قدم الاتحاد السوفيتي لمصر المساعدة في تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالي و عدد من المصانع الكبري كمصنع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي.

وسياسيا كانت مصر في مقدمة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ‏عام 1991.

ومن جانبها اهتمت الكثير من وسائل الإعلام الروسية، بهذه الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي ،حيث استعرضت ملامح القمم السابقة للسيسي وبوتين في موسكو والقاهرة الموضوعات التي ستتناولها هذه الزيارة علي المستويين الاقليمي والدولي وموضوعات التعاون العسكري و التبادل التجاري بين البلدين والمشروعات المشتركة وإقامة منطقة للتجارة الحرة.

كما أشارت إلى جدول هذه الزيارة واللقاءات المرتقبة خلالها الي جانب القمة المصرية الروسية للرئيسين السيسي وبوتين ،مشيرة الي اللقاءات المنتظرة مع رئيس الوزراء ديمتري ميدفيدييف، ورئيسة مجلس الفيدرالية، ولقاءات في مجلس الفيدرالية ومعةعدد من أعضاء الحكومة والبرلمان الروسيين..

وأشارت إلى التعاون السياحي مع مصر وخاصة بعد توقيع الرئيس بوتين في بداية العام على قرار باستئناف الطيران المنتظم مع القاهرة، متوقعة بحث موضوع استئناف الطيران العارض مع المنتجعات المصرية وبصفة خاصة في شرم الشيخ والغردقة خلال هذه الزيارة .

وكان التمثيل التجاري الروسي في مصر قد اشار الي ان الزيارات بين رجال الاعمال في مصر وروسيا متواصلة ،مشيرا الي ان القاهرة قد شهدت مؤخرا زيارات لعدد من وفود رجال الأعماالروسيين ،حيث جري عقد لقاءات مع المسئولين والمعنيين في مصر لبحث مشروعات التعاون بالنفط والغاز وقطاعات الصناعات الزراعية وإنتاج المعادن،والنقل والسكك الحديدية، والهندسة الكهربائية، والمستحضرات الصيدانية.

كما تم عقد مشاورات للخبراء والمعنيين من مصر والاتحاد الأوراسي،والذي يضم وزرسيا البيضاء وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزستان، لبحث تطوير اتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين والذي من شأنه تنشيط وزيادة العلاقات التجارية الثنائية..

كما تناول التمثيل التجاري الروسي بمصر أهم مشروعات التعاون المشترك القائمة كمشروع محطة الطاقة النووية، مشيرا إلى أنه سيتم إنجاز أول مفاعل في عام ٢٠٢٦، في حين سيتم الانتهاء من الثلاثة المتبقية في عام ٢٠٢٨،مشيرا الي ان مصر سوف تحصل على أحدث وأسلم التقنيات في بناء محطة الضبعة ،كما سيوفر تنفيذ هذا المشروع أكثر من ٥٠ ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة النووية.

وقال إن هذا المشروع قد شهد دفعة مهمه خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر ديسمبر الماضي والتي جري فيها اجراء مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تطوير العلاقات الثنائية ،كما شهد الرئيسان توقيع اتفاقيات لبدء بناء محطة الضبعة للطاقة النووية ( ٤ وحدات كهرباء كل منها ١٢٠٠ ميجاوات) وتزويدها بالوقود النووي. وقد وقع الاتفاقان المدير العام لمؤسسة "روس أتوم " أليكسي ليخاشيف ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر.

وانتقل إلى تنفيذ مشروع المنطقة الصناعية الروسية بمصر، مشيرا إلى أن روسيا قد عملت مع مصر على تنفيذ مشروع المنطقة الصناعية الروسية ،منذ عام ٢٠١٥.

ووفقا لخطة الأعمال، التي وافق عليها كلا الجانبين، سيتم إنشاء ريز على ٥،٢٥ مليون متر مربع وسيتم بناؤها على ٣ مراحل. وتبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع على مساحة مليون متر مربع بعد التوقيع على اتفاق حكومي دولي، وسوف يستغرق هذا المشروع عامين وسيوفر ٧ آلاف وظيفة جديدة. وتقام المرحلة الثانية علي مساحة ٢،٦ مليون متر مربع، وسيتم الانتهاء منها بحلول عام ٢٠٢٢، في حين أن المرحلة الثالثة علي مساحة ٢،٦٥مليون مترمربع وتنتهي بحلول عام ٢٠٣١.

وقال التمثيل التجاري الروسي، إن بين الصناعات المستهدفة في "ريز" تصنيع الشاحنات الثقيلة والسيارات التجارية وسيارات الركاب والآلات الزراعية ، ومعدات تخزين القمح، ومكيفات الهواء، والمحركات، ومواد ومعدات البناء، والمنتجات المعدنية، ومعدات السكك الحديدية، والالكترونيات، والمعدات الطبية، والمستحضرات الصيدلانية، والبلاستيك وقال ان تكلفة أعمال البناء في المرحلة الأولى حوالي ١٩٠ مليون، دولار بينما إجمالي الاستثمار في المشروع حوالي ٧ مليارات دولار، موضحا أن تطوير المشروع سيخلق أكثر من ٣٥ ألف فرصة عمل.

وبالنسبه للزيارات الروسية لمصر أجل توسيع التعاون المتبادل بين البلدين في مختلف المجالات، أوضح انه قد زار مصر أكثر من ٨٠ وفدا من رجال الأعمال الروس في عام ٢٠١٧ ،وشمل جدول أعمال هذه الزيارات إنشاء المنطقة الصناعية الروسية (ريز) في مصر، وتنفيذ مشاريع النفط والغاز، والمشاركة في المناقصات لإعادة تأهيل مصنع الحديد والصلب وتحديث والبنية التحتية للسكك الحديدية ، والتعاون في القطاع البحري، وصناعة السيارات، وتحديث المصانع الكيماوية ، وإنشاء صوامع لتخزين وتجهيز القمح، والمستحضرات الصيدلانية، ولوازم معدات البناء، كما زار مصر ممثلو ١٧ شركة روسية القاهرة خلال شهر فبراير الماضي للمشاركة في معرض البترول إيجبس-٢٠١٨. ونظم هذه المشاركة "مركز التصدير الروسي".

يذكر أنه وفقا لإحصاءات دائرة الجمارك الاتحادية الروسية، خلال الفترة من يناير الي ديسمبر عام ٢٠١٧،تجاوز حجم التجارة الثنائية ٦.٧ مليار. دولار بزيادة قدرها ٦٢٪ مقارنة مع عام ٢٠١٦. وقد بلغ حجم الصادرات الروسية ٦.٢ مليار دولار. بزيادة ٦٤٪ً.

وكان حجم الصادرات المصرية إلى روسيا ٥٠٥ مليون دولار، أي بزيادة غير مسبوقة وصلت إلى ٣٥٪.وكانت أهم الصادرات الروسية إلى مصر وسائل النقل والقمح والمعادن والنفط والغاز ومنتجات الاخشاب والدهون والزيوت،في حين كانت اهم صادرات مصر لروسيا الفواكة والخضراوات والملابس والمعدات الكهربائية والبذور الزيتية،

ونوه التمثيل التجاري الروسي كذلك إلى أن إجمالي حجم الاستثمارات الروسية في مصر قد بلغ في العام الماضي ٤،٦مليار دولار، وقد تركز أكثر من ٦٠٪منها في قطاع النفط والغاز، حيث تجاوز إجمالي حجم الاستثمارات الروسية في هذا القطاع بنهاية العام الماضي ٣ مليارات دولار.