«الأزهر» يرد على تصريح «الهلالي» بجواز «المحلل» دون الدخول بالزوجة

الشيخ علي أحمد رأفت
الشيخ علي أحمد رأفت

أثارت فتوى د. سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حول «المحلل»، جدلا كبيرًا، والتي قال فيها إنه يكفي عقد الزواج عليها فقط دون دخول الزوج عليها.

 

وذكر "الهلالي" في فتواه ما قاله سعيد بن المسيب، أحد التابعين الملقب بأحد فقهاء المدينة السبعة، وهو: «عدم دخول الرجل على الزوجة التي طلقت ثلاثة من زوجها السابق حتى تحل له، ويكفى العقد عليها».

 

وأعرب «الهلالي» خلال تصريحه عن رغبته في تعريف الناس بأن هناك آراءً مختلفة، حيث إن جمهور الفقهاء ذهب إلى أن الزوج الذي يطلق زوجته 3 مرات لا يمكنه العودة لها إلا بعد الزواج من آخر، إلا أن «المسيب» رأى أنه يكفي العقد فقط.

 

ومن جانبه، رد الشيخ علي أحمد رأفت، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، على هذه الفتوى، قائلا إن الزواج بقصد التحليل يعتبر زواجًا غير صحيح شرعًا، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار عقد الزواج الصحيح؛ للحديث الصحيح المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ».

 

وأضاف خلال تصريح خاص لـ"بوابة أخبار اليوم"، أنه عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحلل فقال: «لَا نِكَاحَ إِلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ، لَا نِكَاحَ دَلْسَةٍ، وَلَا مستهزئٍ بِكِتَابِ اللهِ لَمْ يَذُقِ الْعُسَيْلَةَ».

 

واستكمل رده بأنه قد نُقِلَ مثل ذلك عن الصحابة، من ذلك ما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ: «ذَاكَ السِّفَاحُ»، والمقصود بالتحليل في الزواج : هو أن يتزوج الرجل المرأة المطلقة طلاقًا بائنًا بينونة كبرى؛ من أجل أن يُحلّها لزوجها الأول بعد أن بانت منه.

 

ولفت الشيخ علي رأفت، أن النبي صلى الله عليه وسلم، سمى من يقوم بذلك بـ«التيس المستعار»، ففي حديث عُقْبَةَ بن عامِرٍ عن النبي صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ أنه قال: «ألا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: هُوَ المُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ المُحَلِّلَ، وَالمُحَلَّلَ لَهُ» رواه الحاكم.

 

وأشار "رأفت" إلى أن حكم «التحليل» تابع لاشتراط التحليل في العقد، فإن شُرط في العقد، فقد ذهب كلٌّ من المالكية والشافعية والحنابلة إلى بطلانه، قال الماوردي رحمه الله: «إذا اشترط في عقد النكاح أن يتزوجها على أنه إذا أحلّها بإصابة للزوج الأول فلا نكاح بينهما، فهذا نكاح باطل»، والدليل على بطلانه ما رواه الحارث الأعور عن علي، ورواه عكرمة عن ابن عباس، ورواه أبو هريرة كلهم بروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله المحلِّل والمحلَّل له»، ولأنه نكاح على شرط إلى مدة، فكان أغلظ فسادًا من نكاح المتعة من وجهين: أحدهما: جهالة مدته، والثاني: أن الإصابة فيه مشروطة لغيره، فكان بالفساد أخص، ولأنه نكاح شرط فيه انقطاعه قبل غايته، فوجب أن يكون باطلاً».

 

وذكر الشيخ علي أحمد رأفت، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ما ذهب الحنفية إلى كراهته تحريمًا، جاء في «الهداية في شرح بداية المبتدي»: وإذا تزوجها بشرط التحليل فالنكاح مكروه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لعن الله المحلِّل والمحلَّل له»، وهذا هو محمله، فإن طلقها بعد ما وطئها حلت للأول، لوجود الدخول في نكاح صحيح؛ إذ النكاح لا يبطل بالشرط».

 

وتابع: " أما إذا لم يُشترط التحليل في العقد، فهو باطل عند الإمام مالك، وكذلك عند الحنابلة في ظاهر المذهب، ومكروه عند الشافعية"، قال الدمياطي: «ولا يصح النكاح مع توقيته، أي حيث وقع ذلك في صلب العقد، أما لو توافقا عليه قبل ولم يتعرضا له في العقد لم يضر، لكن ينبغي كراهته».

 

وشدد عضو الأزهر للفتوى الإلكترونية، على أنه لا بد من الإشارة إلى أن الزوجة لا تحلُّ للزوج الأول شرعًا إلا إذا دخل بها الزوج الثاني حقيقة في عقد صحيح، قال الإمام الرملي: «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» أي: ويطأها؛ للخبر المتفق عليه: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»، وهي عند الشافعي وجمهور الفقهاء: الجماع.

 

وأنهى الشيخ علي أحمد رأفت تصريحه، بأن أسباب هذه الظاهرة كثيرة، منها؛ جهل الأزواج وتسرعهم في إطلاق عبارات وألفاظ الطلاق، وقلة الوعي بآثار الطلاق البائن المدمرة، وازدياد نسبة الطلاق وخصوصًا الطلاق البائن بينونة كبرى، ورغبة المطلقين في الرجوع إلى بعضهما؛ فيلجآن لمثل هذه الحيلة الآثمة، والجهل بالحكم الشرعي في حرمته شرعًا، ورغبة البعض -من المحللين- الحصول على المال مقابل قيامهم بهذا الأمر، مطالبا بالحذر من مغبة الوقوع فيما حرَّم الله، والتعدي على حدود الله سبحانه وتعالى.