بعد أن كانت لخدمة المواطنين..

صور| أنفاق المشاة.. ممرات إلى العالم السري للجريمة

 أنفاق المشاة.. ممرات عبور إلى العالم السري للجريمة
أنفاق المشاة.. ممرات عبور إلى العالم السري للجريمة

-    نفق شبرا يتحول إلى «سوق شعبي».. و«الشرابية» مأوى للبلطجية.. و«الهرم» بؤرة تحرش

 
-    خبير مروري: تعيين حراسة أمنية وتركيب كاميرات لرصد الوقائع «ضروري»

 

ممرات تحت سطح الأرض، طولها أكبر من عرضها، يعبر من خلالها المواطنين إلى المناطق المقصودة لقضاء مصالحهم.. هكذا هى «أنفاق المشاة» التي تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى أوكار للأعمال غير المشروعة.

 

«أوكار جريمة»

 

ورغم أهمية الأنفاق في تسهيل نقل المواطنين، إلا أنها تحولت إلى أوكار لأنشطة غير مشروعة، تدق ناقوس الخطر، بعد أن غرق بعضها في الظلام وأكوام القمامة، وتحولت أخرى لأماكن لتعاطي المخدرات، وثالثة احتلها الباعة الجائلين، وحولوها إلى أسواق شعبية، ورابعة أصبحت مأوى للمتسولين والشحاذين وأطفال الشوارع.

 

في هذا السياق ترصد «بوابة أخبار اليوم» من خلال جولة في بعض أنفاق القاهرة والجيزة، حالها على أرض الواقع، إضافة إلى أبرز الممرات المهددة بالانهيار، خلال السطور التالية..

 

 «شبرا.. سوق شعبي»

 

البداية بنفق شبرا الخيمة، ففي هذا الممر، لا صوت يعلو فوق صوت «الباعة الجائلين»، بعد أن تحولت تلك البؤرة الضيقة التي لا يتعدى عرضها مترين، إلى سوق شعبي مهمل.

 

واحتل باعة لعب الأطفال ومستلزمات الرجال والفتيات وكذلك المنازل أرجاء النفق، وافترشوا أرضيته ببضائعهم «من الإبرة للصاروخ»، رغم طفح مياه الصرف الصحي في أرجائه.

 

ورصدت «بوابة أخبار اليوم» انتشار إعلانات الشقق السكنية وعيادات الأطباء ومستحضرات التجميل على جدران النفق، إضافة إلى ضرب التشققات أرضية النفق وحوائطه مما يهدر انهياره، فضلًا عن انتشار المتسولين وبائعي المناديل في أرجائه.

 

ولم يخلو النفق من الأنشطة غير المشروعة، فرصدنا تبادل شخصين «رجل»-تعدى الستين عاما- و«سيدة» في العقد الخامس، لحقيبة سوداء دون أن ينظر أحدهما للأخر، وسط غياب الرقابة.

 

وأكد بعض الباعة المنتشرين في النفق، أنه تحول إلى مأوى للمتسولين، وتبادل مدمني المخدرات لسمومهم، إلا أنهم أكدوا في ذات الوقت، أنه وسيلة لأكل العيش.

 

«الشرابية.. مصدر خطر»

 

تحول «نفق باغوص أو الشرابية» إلى مصدر رعب وخطر هو الأخر، بحسب شكاوى أبناء المنطقة، حيث أصبح وكرا للخارجين على القانون، كما انتشرت فيه أعمال سرقة المارة بالإكراه وترويعهم على يد شباب تقلهم «موتسكيلات»، يخطفون حقائب السيدات والفتيات، ويهربون على الفور. 

 

ويقول محمد غنيم، أحد أهالي الشرابية: إن أعمال السرقة بالإكراه تنتشر في نفق باغوص، وخصوصًا في ساعات الليل، كما ينتشر فيه تعاطي المخدرات، لافتًا إلى أن هذا الممر هو الأقرب لانتقال أهالي المنطقة، والبديل الوحيد هو كوبري غمرة لكنه بعيد عن المنطقة.

 

وطالب «غنيم» بضرورة تخصيص حراسة على النفق، لحماية شباب المنطقة من الأعمال غير المشروعة، مع إعادة إنارته وترفيقه بالشكل الذي يبعث على المشاة الأمان، أثناء السير به.

 

  «أبو وافية.. بين القمامة والعبوات الناسفة»

 

كما ضرب الإهمال نفق «أبو وافية» بجور مركز شباب الساحل بمنطقة الخلفاوي بشبرا، أيضًا لدرجة أن أهالي المنطقة اشتبهوا أكثر من مرة في زراعة مجهولين لعبوات ناسفة في بعض أرجاء النفق، إلا أن بانتقال خبراء المفرقعات، يتبين سلبية تلك البلاغات، والاشتباه في القمامة.

 

واشتكى الأهالي من تراكم المخلفات والقمامة في أرجاء النفق، مشددين على ضرورة إعادة تطويره.

 

«الهرم.. بؤرة تحرش»

 

لا يختلف الحال في نفق الهرم بالجيزة عن باقي الأنفاق، فرغم أنه حلقة الوصل الوحيدة بين شارع الهرم وكل من شارع المنيب وميدان الجيزة، إلا أنه شهد عدد من وقائع التحرش بالفتيات، وتم ضبط العشرات من الشباب من أصحاب تلك الوقائع خلال الشهور الماضية، ما اضطر محافظة الجيزة لتركيب كاميرات لرصد تلك الوقائع.

 

كما نسمع بين الحين والأخر، عن بلاغ سلبي بالاشتباه في جسم غريب داخل نفق الهرم، وتتعهد محافظة الجيزة دومًا بتطويره ورفع كفاءته، إلا أن حلم التطوير لم يلمسه الأهالي حتى الآن.

 

«كباري علوية»

 

في هذا السياق، يقول اللواء حازم حمادي، الخبير الأمني، إن أنفاق المشاة تشهد انحرافات بالجملة وخاصة في المناطق الشعبية، مطالبًا السيدات والفتيات بعدم المرور بها، لأنها غير آمنة بالمرة.

 

وأضاف الخبير الأمني في تصريحات لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن تلك الأماكن بالفعل تحولت لأوكار تبادل مخدرات، وأصبحت بمثابة «دولة غير شرعية تحت الدولة»، وتحتاج تدخلًا سريعًا من قبل الجهات المسئولة لوقف تلك أعمال البلطجة والسرقات وكل صور مخالفة القانون داخلها.

 

وشدد «حمادي» على ضرورة استبدال تلك الأنفاق بكباري المشاة، متابعًا :«مش هنعين على كل حاجة حراسة».

 
«عقوبات رادعة»

 

أما اللواء أحمد هشام، الخبير المروري، فأوضح أن تلك الأنفاق تم إنشائها خصيصًا في المناطق الشعبية، ذات الكثافة السكانية العالمية، بسبب الزحام الشديد وتباطؤ الحركة، وكثرة عدد المركبات ووسائل المواصلات، من سيارات «السيرفيس» إلى «التوك توك»، و«عربات الكارو».

 

وذكر لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن البعض يستغل الأنفاق لتنفيذ الأعمال المخالفة للقانون، إلا أن ذلك يعتبر في عرف القانون «جريمة ترتكب في الطريق العام»، سواء تناول لمخدرات، وممارسة العلاقات غير الشرعية، وفي هذه الحالة لابد أن تتولى المباحث المروية ومباحث الأمن العام، مراقبتها، وضبط كل صورها مع القبض على كل مرتكبيها.

 

وبالنسبة للعقوبة، كشف «هشام»، أن في حالة ضبط مروجي المخدرات، فيتم حبس الفرد من سنة لـ3 سنوات في حالة التعاطي، ومن 7 لـ25 سنة بالنسبة للإتجار، وفي حالة الأعمال المنافية للآداب، فتتراوح مدة الحبس من 6 شهور لـ3 سنوات.

 

واقترح الخبير المروري حلًا جذريًا للأزمة، موضحًا أنه يعتمد على تكثيف الجولات الأمنية والخدمات السرية لضبط المخالفين، وإعطاء انطباعًا جيدًا للمواطنين من جهة ثانية بالضرب بيد من حديد على المخالفين، وتفعيل عملية الأمن والأمان.