حكايات| من الصحراء لعرض البحر.. رحالات يخضن مغامرات خارج الحدود

الرحالة المصرية ريهام في إحدى مغامراتها
الرحالة المصرية ريهام في إحدى مغامراتها

يجد الرجال مساحة كبيرة من الانطلاق والحرية في رحلات السفر المتنوعة، على النقيض تماما، النساء العربيات يواجهن صعوبة كبيرة في الحصول على نفس المساحة؛ بل وأقل بكثير خلال الترحال.. فهل من سبيل لرحلات سياحية تعطي للمرأة حقها في الانطلاق بكل حرية وأمان؟

 

بفحص للخريطة العربية، ووسط تجارب عدد من الرحالات النساء، اللاتي خضن تجارب السفر والترحال، ترى غالبيتهن أن إطار حياتهن هو المدن التي تقطنّ فيها فقط.

 مغادرة الـ Comfort Zone

 

ترى الرحالة المغربية إيمي طاهري، أن الفتيات والسيدات عليهن خوض تجربة السفر ليس في وجهة واحدة بل في أكثر من وجهة، وعليهنّ التخلي عما تعتبرنه Comfort Zone.

 

وتضيف: "بالنسبة لي أكثر وجهة استمتعت فيها بمفردي كانت تركيا"، ضاربة المثل بمدينة إسطنبول فهي من الأماكن التي تجعل الفتاة سعيدة، حيث تحمل المزيج الأوروبي والشرقي بشكل مبهر ومبهج، مشيدة بتعامل الأتراك مع السياح، مؤكدة على التشابه بين طبع الأتراك والعرب.

 

اقرأ حكاية أخرى: بالدبابات والمدرعات.. معركة سياحية مصرية في قاع البحر

 

وعن الوجهات السياحية الأوروبية تقول الرحالة المغربية، إنها تجد نفسها في فرنسا، حيث الحرية والانطلاق السعادة، وهي تعودت على السفر إلى فرنسا منذ الصغر.

 

وتنصح "إيمي" الفتيات والسيدات الراغبات في الترحال البدء بزيارة الدول العربية أولاً، لأنها أكثر أماناً، كما أنهن لن يواجهن مشكلة في التعامل بسبب اللغة، مما يجعلهن تتأقلمن بسهولة مع محيطهن.

 

وتوضح أننا كعرب نمتلك أفكاراً مغلوطة عن بعضنا، مؤكدة أن لها أصدقاء عرب صدموا عندما اطلعوا على الثقافة المغربية، حيث أدركوا أنهم لم يكونوا على دراية صحيحة بالشعب المغربي، فالدول العربية تختلف عن بعضها واصفة أنه "اختلاف حلو".

 

 

لدينا طعام لذيذ يعجب كل من يجربه، نملك أماكن مختلفة للزيارة لها طابع خاص من طبيعة وبحر وصحراء وجبال، كما أن لهجتنا المغربية ليست صعبة كما يعتقد البعض، مع القليل من التركيز ستفهمها سريعا، هكذا روّت "إيمي" عن بلدها المغرب.

 

وتؤكد أن السفر ليس مجرد زيارة لمكان جميل من التقاط الصور، فالترحال يمنح الفتيات والسيدات مزايا شخصية بشكل سريع مثل الثقة بالنفس، والسعادة، والنضج.

 

السفاري يكسر حاجز الخوف

 

تعرض "إيمي" تجربتها في رحلات السفاري النسائية، قائلة: "شاركت في تنظيم رحلة نسوية لصحراء مرزوقة في المغرب، ومعروف إنها من المناطق الصعبة، ونسمع عن حالات اغتصاب هناك، وهو ما يثير الخوف بداخل الفتيات، قررنا التوكل على الله وخوض تجربة السفر لأن المكان هناك ساحر للغاية لذا تغلبنا على الخوف، وتحركنا نحو صحراء مرزوقة وكان الطريق طويلا جدا ومرهقا، وعندما وصلنا وجدنا أن المكان آمن، وأهل المنطقة من البدو رحبوا كثيرا وأكرمونا كثيراً بحسن ضيافتهم".

 

وأكدت أن الصعوبة الوحيدة كانت الخوف، معبرة: "بمجرد الوصول لوجهتنا في الصحراء نسيت كل هواجسي واستمتعت بهدوء الصحراء وجمالها". 

 

تعرفي على وجهتك جيدا

 

تنصح الرحالة المغربية كل فتاة تريد الترحال بأن تقرأ عن وجهتها قبل بدء السفر، وتدرس جيداً المناطق والعادات والأطعمة، وهذا أمر سهّلته الشبكة العنكبوتية، كما يفضل الإطلاع جيداً على خرائط جوجل، والاستماع لرأي الآخرين على موقع يوتيوب عن البلد المختار زيارته.

 


وتقول إيمي: "أنا أهوى القيام بالبحث والدراسة عن وجهتي قبل أي رحلة، وأحدد من خلال ذلك، المدن التي أريد أن أزورها وفق اهتماماتي، وأيضا الوقت اللازم لأخذ جولة كاملة بها، فأنا مثلا أحب ثقافة التعرف على أطعمة كل بلد، فأبحث عن أفضل أماكن تدعم الأكل والمطاعم، فإن بحث الفتاة أو السيدة جيدا عن تفاصيل وجهتها ستحدد ماذا ستفعل بالضبط".

 

اقرأ حكاية أخرى: مصريون على حدود الكوكب.. أحدهم «سندباد» يعيش مع «البيروفيين»

 

وعن تكاليف الترحال تقول إنها دائماً تقوم بإجراء حساباتها المالية جيداً، ولا تترك أي شيء للصدفة أو الظروف، فمثلاً تقوم بحساب كلفة الفندق، والطعام والمواصلات وأيضاً مصاريف التسوق، حتى بعض الأشياء البسيطة فهي دائما تحب أن تأخذ تذكاراً من كل بلد كالأكواب، فتحسب تكلفتها جيداً.

 

حرية الانطلاق

 

تقول الرحالة المصرية، ريهام أبو بكر، وهي إحدى الرحالات الشغوفات بالصحراء ورحلات السفاري، إن تلك الرحلات آمنة جدا للفتيات، مؤكدة أنها تُنظم رحلات بنفسها سواء بها رجال أو نساء وفتيات فقط.

 

وتقول "ريهام" إنه من الممكن جداً تنظيم رحلات سفاري نسائية فقط، وتمنح الفتيات والسيدات حرية كبير على أكثر من مستوى سواء الانطلاق وعدم التقيد بملابس معينة، بالإضافة إن الفتيات تتعامل بطبيعتهن دون أية حسابات.

 

وترى الرحالة المصرية فوائد السفر للفتيات والسيدات لا تختلف كثيرا عن فوائدها للرجال، فالترحال لا يُفرق بين رجل وامرأة، فالفتاة تكتسب العديد من المزايا العملية والشخصية عن طريق الإطلاع على أماكن جديدة، وتوسع المدارك والتعرف على ثقافات جديدة.

 

 

 

 

دبي الأكثر أمنا

 

الرحالة العراقية داليا علوان ترى أن أفضل الوجهات الآمنة والممتعة بالنسبة لها هي الدول الإسكندنافية، فهي مليئة بالهندسة المعمارية الفريدة والمناظر الطبيعية الخلابة كما أنها البلدان الأكثر أمانا على مؤشر السلام العالمي والأعلى في مؤشرات سعادة الأفراد.

 

وعربيا ترى "داليا" أن أكثر المدن أمانا للسيدات والفتيات هي دبي، حيث يمكن التجوال في شوارعها بكل حرية، وانطلاق، بالإضافة إلى ملاءمتها للأجواء العائلية وتوفيرها للعديد من التجارب الفريدة والأنشطة والنظافة والحداثة ووجهات التسوق العديدة والطعام الحلال للمهتمات بذلك، ويلي دبي، عدد من المدن المصرية، مثل الغردقة وشرم الشيخ، والتي وصفتها بأنها آمنة جدا ومنظمة وتمتاز بشواطئ وحياة بحرية غنية تعد الأجمل في العالم، فهي عامرة بالفنادق والمنتجعات والأنشطة البحرية المختلفة.

 

وتنصح "داليا" الفتيات بالسفر إلى مدينتي دهب وأسوان المصريتين، مؤكدة أنهما تجربتان مختلفتان في أحضان الطبيعة والتعرف على الناس البسطاء والحياة الهادئة والبعيدة عن صخب المدن.

 

وعلى الصعيد الآسيوي ترى الرحالة العراقية أن الجزر الاندونيسية "بالي – لمبوك – فلوريس" تمتاز بطبيعة ساحرة جداً وشعب طيب، وهي آمنة وجاذبة خاصة لممارسي رياضة اليوجا، وفيها تنوّع جميل من الأديان والمأكولات والثقافات المتعايشة بسلام.

 

السفر الرخيص عبر البحر

 

"داليا" ترى أن الرحلات البحرية على متن بواخر المسافرين العملاقة، من أفضل أنواع الترحال للفتيات والسيدات، مؤكدة أن هناك وجهات عديدة لمثل تلك السفن تُمكن المسافرة من رؤية عدة مدن من المكلف جدا الوصول لها بالطائرة، ففي الباخرة أنت تستيقظ كل يوم في ميناء جديد ومنظر جديد وثقافة جديدة، كما أنها توفر عناء الحصول على تأشيرات لزيارة كل تلك المدن فمن السفينة يأخذ كل مسافر تصريح دخول وخروج من الميناء دونما الحاجة لاستخراج تأشيرات خاصة بكل بلد، السفينة مريحة جداً وتتوافر بها وسائل الترفيه وبيئة من الرفاهية ليست متاحة أثناء السفر العادي، وتكون الرحلة شاملة جميع الوجبات، وبذلك تضيف قدرا من راحة البال، فأنت مطمئن أن غرفة نومك موجودة ووجباتك متوفرة حين عودتك وعلى مدار الساعة داخل الباخرة مما يجعلك تركز فقط على الاستمتاع بالرحلة والمزارات والمدن الجديدة والتقاط الصور.

 

 

واتفقت داليا مع إيمي في أن الفتيات قادرات على تنظيم جميع أنواع الرحلات، فهناك مجتمعات رياضية ومجتمعات لمحبي التصوير وأخرى لمحبي الطبخ وغيرها الكثير، وبالطبع تكون الرحلات المقتصرة على السيدات أو الفتيات مختلفة وبها قدر كبير من الانطلاق والحرية.

 

دورة مكثفة في ثقافات الشعوب

 

السفر من وجهة نظر داليا طلب للعلم بالإضافة لعامل الترفيه وتغيير الأجواء وكسر الروتين، فهو دورة مكثف في ثقافات الشعوب، ومعرفة أهلها وتجربة مأكولاتها كما أنك تقف كثيرا عند بعض مناظر الطبيعة المختلفة عما تعودت عليه لتتأمل عظمة الخالق.

 

وتصف تجربتها عن السفر قائلة: "السفر في رأيي يزيدك إيمانا بالله وتقديرا لكوكبنا الجميل، ولنعرف أن هناك تنوعا وجمالا وطرق حياة مختلفة، وباختصار يُكسب السفر الشخص تواضعا مصحوبا بثقة في النفس وبكونك قادرا على التلاؤم مع مختلف الأوضاع وأنماط البشر والبيئات".

 

 

موقف لا ينسى

 

"من المهم جمع المعلومات لتكوين فكرة عن البلد وأفضل المناطق للزيارة بحسب الأشياء الملائمة لشخصيتي" هكذا تقول الرحالة العراقية عن إعدادها لكل رحلة، وتضيف أن تكاليف الفندق تأخذ الجزء الأكبر من ميزانيتها تليها تذاكر الطيران.

 

اقرأ حكاية أخرى : في النوبة.. ركوب الأمواج «أكل عيش مش لعب عيال»

 

وتنصح داليا الفتيات بالبحث على الإنترنت عن المكان المناسب للميزانية، ويفضل أن يكون موقعه مركزي وبه أماكن للممكن للممارسة المشي، وترشيد الميزانية مع الاحتفاظ ببطاقة سحب آلي تحسباً لأي طارئ.

 

وتروي داليا أحد المواقف الذي تعرضت له بسبب عدم الدراية بتفاصيل المكان وهو حديقة "هايد بارك" في لندن، إذ أغلقت أبوابها وكانت لا تزال في الداخل، وهي منطقة مترامية الأطراف وشاسعة، وعند الوصول لأي مخرج يتضح أنه قد أغلق أبوابه، وفي النهاية وبعد عناء اضطرت للقفز من أعلى السور فقط لأنها لا تعرف موعد إغلاق الحديقة، إذ تقول: "التجربة كانت مريرة، وتعلمت منها التأكد من مواعيد زيارة الأماكن".