حكايات| أسطورة عصا موسى.. بخلاف «فرعون» أسرار عن «الحية التي تسعى»  

عصا موسى «تعبيرية»
عصا موسى «تعبيرية»

إذا كان النبي، والملائكة تحفه من كل اتجاه، ولم يتماسك للحظات حين تحولت «عصاه» إلى ثعبان عملاق، فما حال من عاصروه أو من تناولوا قصصه بعد آلاف السنين؛ خصوصًا إذا ما كانت «العصا» لا ترتبط بالثعبان فحسب بل قصة طويلة بدأت بهبوطها من الجنة وانتهت بأسطورة غير عادية.

 

الهبوط من الجنة

حين هبط «آدم» من السماء إلى الأرض- حسب الأخبار الواردة التي قد تصل إلى حد الأسطورة – أنه نزل بـ«عصا موسى» من الجنة، وبقيت في الأرضِ إلى أن سلمها الملاك جبريل إلى النبي موسى، وقيل عنها إن موسى كان يتوكأ عليها؛ أي يستعين بها في المشي والوقوف، ويضرب بها أغصان الشجر، ليُسقطَ  ثمارها، فيسهل على غنمه تناوله.

 

الأسطورة نفسها، حول العصا زادت الأمور غرابة؛ حيث أخذت شكلًا من أشكال القدرات الخارقة للطبيعة، فقيل عنها إنها كانت إذا هجم سبعٌ أو عدو فإنها كانت تقاتله وتحاربه وتبعده عنهم وعن نبي الله موسى، وإذا ابتعد بعض الغنم عن القطيعِ، كانت تلك العصا تتكفل بإعادتهم إليه مرة أخرى، كما كان يقال إن طولُها عشرةَ أذرع.

 

اقرأ حكاية أخرى: نيامٌ بين الثلاثة والسبعة.. «أهل الكهف» برواية الإسلام والمسيحية

 

حين يتحدث الخشب!

منافع العصا - بحسب ما ورد في الأثر -  أنها كانت تتكلم مع النبي موسى لتسليته أثناء تجوله، كما كان لها رأسان، يعلق عليها أحماله من قوس وسهام، ثم عندما يدخل الليل كان رأسًا العصا يضيئان كالشمع، وإذا أراد أن يشرب من بئر تطُول كانت تلك العصا تصل لماء البئر مهما كان عميقا ويتحول رأساها إلى ما يشبهُ الدلْوَ فيملؤهُ ويشربُ منه.

أما إذا عطِشَ في صحراء ليس فيها بئر ولم يكن معه ماء فكان يغرزها في الأرض فتنبعُ ماءً بإذنِ اللهِ، فإذا رفعَها عن الأرض يتوقف سريان الماء، كما كان إذا اشتد عليه الحر يركزها فتطول شعبتاها ثم يلقي عليها غطائه ويرتاح أسفلها، وإذا اشتهى ثمرة كان يركزها في الأرض فتورق وتثمر فيأكل منها ما طاب، وكانت تدفع عنه حشرات الأرض.

 

العصا الثعبان

ربما تكون ما سبق روايات من باب الأسطورة والهالة المقدسة التي تحيط بعصا النبي؛ لكن الواقع القرآني ربطها بتحولها إلى ثعبان ضخم أمام فرعون وسحرته، وورد أيضًا أنها تحولت إلى ثعبان كان لها عرف كعُرفِ الفرسِ وكان متسع فمِها 40 ذراعًا وابتلعت كل ما مرَّت به من الصخورِ والأشجارِ حتى سمعَ موسى لها صريرَ الحجرِ في فمِها وجوفِها.

وقيل إن الله تعالى أوحى إلى موسى أن يدخل يده فيها تقوية لقلبه، لتصبح معجزة له دون أي ضرر، فأدخل موسى يدَه في فمها بين أسنانها فعادت عصا كما كانت.

 

اقرأ حكاية أخرى: النبي محمد «طفلا».. روايات عن بداية الكلام وأحب الأكلات

 

 سحر أم معجزة؟

أمام التفسيرات القرآنية، تتبخر كل محاولات إلصاق أحاديث السحر بـ«عصا موسى»، فأعمال السحر لها نسخ مكررة،  وقد يأتي أحد بسحر فيأتيه من يعارضه بسحر أقوى، أما هذا الأمرُ فهو معجزةٌ من معجزاتِ الأنبياءِ.

الظهور الأول لهذه المعجزة في القرآن الكريم، ارتبط بسؤال موجه من الله لنبيه عن تلك العصا التي يحملها بيمينه، وما ليجيب موسى أنها مجرد عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى، هنا يطلب منه الله أن يلقيها على الأرض ليرى من تلك العصا أمرا جديدا غريبا لا يتوقعه.

في تلك اللحظة تخلت العصا عن مادتها الصلبة ودبت الروح في ذراتها وأصبحت حية حقيقية تسعى، هنا في أول الأمر خاف موسى وابتعد عنها، إلا أن الله طمئنه بأن يقترب منها ولا يخف فسوف تعود لسيرتها الأولى مجرد عصا، لتكون تلك المعجزة رسالة تأييد من الله لنبيه أمام الفرعون بعد ذلك.

 

ابتلاع الحبال والعصي

أحد أبرز المشاهد القرآنية لـ«العصا» كان أمام جمع غفير من السحرة، الذين جاءوا من كل مكان طامعين في عطاء الفرعون، وهزيمة سحر موسى، أو هكذا ظنوا في بداية الأمر، وبعد أن يلقي السحرة حبالهم وعصيهم، وتتحول أمام أعين الناس بفعل السحر إلى حيات تتلوى على الأرض، يلقي موسى عصاه لتتحول فعليًا إلى حية ضخمة جدًا تبتلع كل حبال وعصي السحرة، ثم تعود كما كانت مجرد عصا.

هنا توقف الزمان لحظات، ويؤمن السحرة أنفسهم بأن موسى ليس ساحرًا، وأن كل ما جاء به النبي معجزة وليس سحرًا إذا فهو مؤيد من قوى خفية، فبدون تفكير يسجد جمع السحرة معلنين إيمانهم برب موسى.

 

اقرأ حكاية أخرى:  بأي لغة كلم الله نبيه موسى؟.. ليست «العربية»

«إسرائيل» وشق البحر

بخلاف موقف العصا مع سحرة فرعون، كان لتلك العصا دورًا بارزًا أخر في واقعة شق البحر أمام موسى وبني إسرائيل، فحين ضرب موسى بتلك العصا أنشق البحر إلى شقين عظيمين كل شق منهما كالجبل الضخم.

ثم مرة ثانية يضرب موسى البحر بالعصا لتحدث المعجزة، فحين حاول موسى أن يضرب بعصاه البحر مرة أخرى بعد العبور، فيجد أمرًا نافذًا من الله عز وجل أن يترك البحر«رهوًا» ليتضح لموسى أن تلك العصا مأمورة وليس في أصلها تحقيق المعجزات، وهنا يعبر فرعون وجنوده وينغلق عليهم البحر بدون أي تدخل من تلك العصا.