حكايات| مارمينا العجائبي.. بركات الجندي القبطي تُبطلها «المياه الجوفية»

مارمينا العجائبي.. بركات الجندي القبطي تُبطلها «المياه الجوفية»
مارمينا العجائبي.. بركات الجندي القبطي تُبطلها «المياه الجوفية»

طالبو البركة ينشدونها هنا في دير مارمينا العجائبي، إذ يتوافد الزوار من شتى أنحاء المعمورة، في المنطقة المجاورة للساحل الشمالي الغربي لمصر.. البركة هنا ليست معنوية فقط كما يعتقد البعض، بل مادية فالمكان مسجل ضمن قائمة التراث العالمي والذي يمثل جذبا كبيرا للسياح، ولكن تلك البركة العالمية مهددة بفعل «المياه الجوفية».




«عجائبك كثيرة جدا أيها البطل المحروس لا يحصى لها عددا يا شهيد الرب القدوس.. صنعت عجائب عظام مع كل من قصدك وأيضا راعي الأغنام اعترف بعجائبك..السلام للعجائبي مارمينا الأمين السلام للبطل القوي الشفيع في المؤمنين"، هذه التمجيدات كان يرددها عشرات الآلاف من الزائرين كلما وطئت أقدامهم هذه البقعة التي يتباركون بها منذ أكثر من قرن ونصف الزمان.

ورغم الأهمية الدينية للدير إلا أن مشاكل المياه الجوفية ومياه الصرف الزراعي تهدد خروج الأثر الوحيد المسجل ضمن منظمة اليونسكو  في الإسكندرية.


حكاية المكان

قبل أكثر من 1700 عام كان هناك جندي مصري يدعى مارمينا العجائبي في الجيش الروماني، واستشهد عام 309 ميلاديا ودفن في صحراء مريوط على بعد حوالي 65 كيلو متر جنوب غرب الإسكندرية، وأصبح مزار مارمينا حجر الزاوية الذي أقيمت حوله المدينة التي سميت أبو مينا.


ازدهرت المدينة في القرنين الخامس والسادس ميلاديا وأصبحت مركزا متميزا يقصده الزائرون طلبا لأخذ البركة والشفاء وللسياحة الدينية المسيحية، بل وأصبحت المدينة أهم مزار  مسيحي بعد القدس والأراضي المقدسة.
 


اقرأ حكاية أخرى: نيامٌ بين الثلاثة والسبعة.. «أهل الكهف» برواية الإسلام والمسيحية

 

وفي الثامن من يوليو  سنة 373 ميلاديا دشنت أول كنيسة بها، ومنذ نهاية القرن الرابع الميلادي وحتى القرن الثامن نما هذا المركز سريعا حول  قبر القديس مغطيا مساحة تزيد عن ألف فدان وقد عانت المدينة المسيحية من الهدم والسرقات عبر السنين، وذلك منذ غزو الفرس 619 ميلاديا وحتى محمد علي باشا "1805 وحتى 1848"، والذي دمر بقايا المدينة حتى لا تظل مطمعا للسرقة.

وقد تمت الحفريات على مراحل متعددة وبمعرفة جهات متنوعة بدأها الأثري الألماني كاوفمان (1905- إلي 1907)، ثم المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية (1925 -1929، ووارد بركينز 1942 والمتحف القبطي بالقاهرة والمعهد الألماني للآثار والدكتور بيتر جروسمان.


تحركات اليونسكو

وكانت لجنة التراث العالمي، قد وافقت على تسجيل  قبر أبو مينا في قائمة التراث العالمي المميز في عام  1979 ، حيث أنها حافظت على ما فيها من كنيسة وبيت عماد وبازيليك ومؤسسات عامة وشوارع وأديرة ومنازل ومشاغل، ولذلك استحقت أن تنضم للمنظمة ولكنها انتقلت إلى قائمة المواقع المهددة عام 2001  بسبب ارتفاع المياه الجوفية وتهديدها لسلامتها.

ووفقا لموقع التراث العالمي فإن إدراج موقع على القائمة المهددة بالخطر ليس عقوبة، ولكنه بمثابة جرس إنذار ويهدف  لتخصيص مساعدة فورية وتنببه المجتمع الدولي إليها لحثه على إنقاذ هذه المواقع ، وفي حال فقد الموقع لسماته المميزة فيتم شطبه تماما .


إنقاذ الأثر

يعتبر الموقع حاليا مهددا بالاندثار  وذلك بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية وهناك  مشروع حاليا لخفض منسوب المياه في المنطقة الأثرية وقد تسبب  النظم غير الملائمة لري الأراضي الزراعية المحيطة بالموقع الأثري في ارتفاع منسوب المياه الجوفية.
 

وتنفذ وزارة الآثار مشروعا لإنقاذ الأثر من خلال خفض نسبة المياه الجوفية، حيث كشف محمد متولي مدير عام آثار الإسكندرية الإسلامية والقبطية "لبوابة أخبار اليوم" أن  وزارة الآثار في انتظار وصول 170 طلمبة مستوردة وفقا لمواصفات محددة لحماية قبر أبومينا العجائبي، مشيرا إلى قيمة هذه الطلمبات تبلغ 15 مليون جنيه ومن المنتظر وصولها في غضون شهرين.

 

اقرأ حكاية أخرى: أقدم 5 مدن مصرية لا تزال «حية».. «أركاديا» تحمل مفاجأتين


وأشار إلى أن مواصفات الطلمبات هي قدرتها على تحمل الملوحة العالية التي تعد السمة الأساسية للتربة والمياه هناك، موضحا  أنه يتم حاليا تنفيذ خطة  موازية بالتنسيق مع محافظة الإسكندرية ومسؤولي الري لتنظيف وتعميق وتطهير المصارف المحيطة المنطقة الأثرية، بجانب نزع الحشائش بالإضافة إلى ترميم بعض الشواهد الأثرية التي عثر عليها  تمهيدا لوضعها وضمها للموقع،بالإضافة إلى الانتهاء من إزالة التعديات بالمنطقة بالتعاون قوات الأمن.

وفي حال انتهاء  خطة وزارة الآثار، يمكن طلب استدعاء لجنة اليونسكو  لتقييم الوضع والتأكد من  وضع المقبرة  تمهيدا لإزالتها من القائمة الحمراء المهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي.