قصص وعبر| قضية خلع بـ«الليمون»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اتخذت الزوجة أحد أركان بهو محكمة الأسرة بزنانيري، تخفي وجهها وراء الإيشارب الأسود، حيث إحدى عينيها تكسوها زرقة داكنة، وتجمعات دموية، وانتفاخ لم تمكنها من رؤية واضحة، وتعلو وجهها مسحة حزن دفين، نظراتها تشبه نظرات الخائف من شيء ما، يشوبها ريبة وقلق.

 

أفسحت لعقلها الطريق، تراود مخيلتها تصرفات زوجها الذي فقد رشده، وقام بالاعتداء عليها، وضربها ضربًا مبرحًا، وطردها من المنزل، لم تبال بما يؤلمها، وإصابتها بعاهة مستديمة، غير قيامه بطردها، وسط دموع أطفالها الصغار الذين هرولوا وراءها مسرعين يحاولون الإمساك بطرف جلبابها، ليبدو المشهد مأساويًا، وكأنهم لم يروها مرة أخرى، لكنه يحمل بين ضلعيه قلب من صخر، فلم يبال ببكاء أطفاله ونحيبهم على فراق أمهم والاعتداء عليها بالضرب، بسبب عثوره على نصف ليمونة معطوبة قد قامت بإلقائها في سلة القمامة.

أقرأ ايضاً  قصص وعبر| الأم وابنتها وحفل تعذيب على شرف الرذيلة

أفاقت على صوت الحاجب يدعوها للدخول أمام قاضي محكمة الأسرة، وبخطوات مثقلة، وعين مغرورقة بالدموع تكشف عن وجهها، وبصوت متهدج تقول «كل ده بسبب نص لمونة»، تعاظمت الدهشة على وجوه المتاقضين، والمتقاضيات من الأزواج فوق مقاعدهم وبشوق، وفضول، خيم الصمت على القاعة، بينما تنطلق الكلمات من بين ثنايا فم الزوجة تموج انفعالاتها على الوجوه.

 

بدأت الزوجة تروي «قصة الليمونة»، قائلة: لقد كنت لزوجي الأم والصديقة، والأخت، لم أقصر في واجباته نحوه، رغم حرصه الذي وصل إلى درجة البخل الشديد، مما اضطرني لطلب المساعدة المادية من والدي وشقيقي لشراء الطعام، فما كان منه إلا أن يقوم بكتابة قائمة يحدد فيها الوجبات التي أقوم بإعدادها طوال الشهر، واعتمد على مساعدتهما لنا، وامتنع عن إعطائي مصروف للمنزل.

أقرأ ايضاً  قصص وعبر| قتل ابنه خوفًا من الفضيحة

وفي يوم تعديه علي بالضرب، فوجئت به تنطلق شرارات الغضب من عينيه، وتحول إلى مخلوق آخر لم أعرفه، عندما وجدته ممسكًا بنصف ليمونة معطوبة قمت بإلقائها في سلة القمامة، واتهمني بالتبذير، والافتراء على النعمة، وحدثت بيني وبينه مشادة بعد أن فاض بي الكيل من تصرفاته النمكية المملة.

 

انقض عليّ كالأسد وسدد لي ضربات مبرحة ولكمات، أصابت إحداها عيني بعاهة مستديمة، ولم أكن أقدر على المشاهدة بها، وطردني من المنزل، ورغم ذلك لم أتقدم بتحرير محضر ضده، وانهمرت في بكاء شديد، قائلة: لقد تركني لمدة شهر بمنزل عائلتي، ولم يكلف نفسه حتى بالسؤال عني، أو يتذكر لي صنيعًا طيبًا، لذا تقدمت لرفع دعوى خلع منه حفاظًا على كرامتي، التي أهدرها، وخوفًا على أطفالي الصغار وتنشئتهم في جو أسري سليم.