حكايات| التنقيب «الدموي» عن الآثار.. قرابين بشرية ومطالب جنسية لـ«الأسياد»

التنقيب عن الآثار - أرشيفية
التنقيب عن الآثار - أرشيفية

تغير الحال بين ليلة وضحاها، وأحلام اليقظة التي تسطو على التفكير عند سماع كلمة التنقيب عن الآثار، لابد أنها دافع قوي لمن يبحثون عن الذهب الساقط من السماء، فجعران واحد لا يتخطى طوله 30 سم قادر على شراء شقة وسيارة وإتمام حفل زفاف وتأمين مستقبل، ولكن كل هذا له ثمن آخر شيطاني في كواليس مرعبة أوقعت الكثير من الضحايا.

 

أحلام الرغد والثراء دفعت ضحايا التنقيب عن الآثار لدفع كل ما هو غالي وثمين نظير الوصول إلى هدفهم في باطن الأرض، حتى أصبحوا دمى متحركة في أيدي تجار الآثار وبائعي الوهم في قصص وحكايات مرعبة، قد لا يصدقها البعض.

 

المشعوذ و«القربان»

أوهم مشعوذ أحد ضحاياه اللذين يحلمون بالثراء من خلال التنقيب عن الآثار، بوجود كنوز مدفونة تحت منزله في محافظة القليوبية، لا يمكنه الحصول عليها بعد العديد من المحاولات الفاشلة، حتى يقدم للجن قربانا من دم أحد أقاربه قبل التنقيب، الأمر الذي دفع الشاب إلى تمزيق جسد شقيقته أشلاء.


قام الجاني بدعوة شقيقته إلى المنزل لتناول الغداء معه، ثم قتلها ومزق جثتها إلى أشلاء، بعثرها حول المنزل، وبعد كل هذا لم يجد ضالته وانتهى به الأمر حبيسا خلف القضبان.

 

الطفلة شيماء


ضمن الأشياء الشاذة التي يطلبها المشعوذون، هو ما حدث في محافظة أسيوط عندما أوهم الدجال المنقبين عن الآثار أن الكنز يتحرك ولا يستطيع إيقافه حتى يكون هناك إراقة للدماء أو مشاجرة كبيرة بين أهل المنزل حتى يوافق الجن - أو ما يطلقوا عليه «حارس الكنز» - ويتركه، ومن يخالف الأوامر يتحول إلى جبس وتراب، مستغلين بذلك هوس وفقر الباحثين عن الذهب والقطع الأثرية.


هذا ما أصاب الطفلة «شيماء» ضحية التنقيب عن الآثار، بعدما عثر على جثة طفلة مقتولة داخل جوال وسط القمامة، بقرية دشلوط في محافظة أسيوط، حيث أكد أهالي القرية أن سيدتين من أقارب الضحية اختطفتاها وقتلتاها بناء على طلب أحد السحرة، للكشف عن كنز أثرى مدفون، وكانت الطفلة بمثابة قربان لحارس المقبرة.


وتبين إن المتهمتين كانتا تنقبان عن الآثار في منزلهما، وطلب منهما أحد الدجالين أن «يقدما قرباناً للجن، حارس المقبرة، عبارة عن طفلة رضيعة، لاستخراج الكنز».

 

اقرأ حكاية أخرى| خريطة البراكين في مصر


وبالفعل وجدت جهات التحقيق حفائر بالمنزل بحثاً عن الآثار، وقال: «بعدما فشلت حيلة الدجال، طلب من المتهمة عفاف معاشرتها جنسياً في الحفرة، فرفضت، وقاموا بردمها».


بداية الواقعة كانت في يناير 2018، عندما تلقى مركز شرطة ديروط، بلاغا من «محمد عبدالبر» حول اختفاء طفلته «حكمت»، عامان، وبعد أسبوعين على البلاغ، وصل بلاغ آخر من الأهالي بالعثور على جثة الطفلة المتغيبة داخل جوال ملقى أمام منزل قديم لأسرتها، وتبين أن وراء الجريمة «عفاف. ف. ع»، و«أم هاشم. ع. ع»، من أقارب المجني عليها، وألقي القبض عليهما.

 

أبو راس والمساخيط 


في محافظة أسيوط أوهم دجال المنقبين عن الآثار أن كنز تخت منزلهم يتحرك ولا يستطيع إيقافه حتى يكون هناك إراقة للدماء أو مشاجرة كبيرة بين أهل المنزل حتى يوافق الجن - أو ما يطلقوا عليه «حارس الكنز» - ويتركه، ومن يخالف الأوامر يتحول إلى جبس وتراب، مستغلين بذلك هوس وفقر الباحثين عن الذهب والقطع الأثرية.  

 

هذا ما جرى لـ «محمود أبو راس» المقيم في إحدى قرى محافظة الشرقية، والذي ورث عن والديه قطعة أرض تبلغ مساحتها 5 أفدنة، وفي عام 2005 من يملك قطعة أرض بهذه المساحة هو إذا من ميسوري الحال، إلا أن محمود غاب عنه عقله بعدما لجأ إلى السحرة للتنقيب عن الآثار أسفل منزله، وبالفعل أوهموه بأن الأمر حقيقي بعدما أخرجوا له عملة فرعونية لا يتجاوز ثمنها إلا آلاف معدودة، ومن هنا جن جنونه وبدأ في بيع قطعة الأرض جزء تلو الآخر حتى يستطيع أن يفي بمتطلبات السحرة، وبعدها اختفوا وتركوه بجلبابه الذي يرتديه بعدما خسر كل شئ وانتهى به الأمر مشردًا فقد عقله، وسط دهشة أهالي قريته.

 

قتلى نزلة السمان

 

في الحارة الرباعية بالهضبة الوسطى نزلة السمان وتحديدا في العام 2009، قرر «أسامة عبد النبي، ومختار أحمد، الشيخ عصام، وعلى بسام بالتنقيب عن أثر فرعوني تحت المنزل، وعلى عمق 8 أمتار سقط الجميع داخل الحفرة وانهالت الأتربة عليهم» لتختلط دماءهم بوهم الثراء.


الصداقة جمعت المجني عليهم والطمع أيضا، حاولو الاتفاق على التنقيب عن الآثار، لينتهي بهم الأمر جثث داخل تجويف صخري بعد بحث استمر أربعة أيام متواصلة وتم تسليم الموقع إلى مسئولي هيئة الآثار لاتخاذ الإجراءات بعدما تبين وجود أثار فرعونية.

 

عامل المقهى و«السياح»

 

لم يكن «محمد بخيت» صاحب الـ30 عاما، يشعر بالرضا التام عن عمله في أحد المقاهي، لطالما راودته الأحلام في البحث عن فرصة للثراء، ومع انتشار البحث والتتقيب عن الآثار  استعان «بخيت» بأحد السحرة الذي يطلق عليه «الكشاف» للتنقيب أسفل منزله بحثا عن كنز أثري بعدما سيطر عليه حلم الثراء السريع. 


والغريب في الأمر أن ما قاله الدجال لمحمد كان صحيحا بوجود إحدى المقابر الفرعونية التي تحوي بداخلها كنوزا باهظة الثمن، فانطلق محمد مالك العقار وبعض أصدقائه وأحد العمال للتنقيب أسفل العقار وعند الاقتراب من الكنز بعد ظهور بعض القطع الأثرية توغل مالك العقار ومرافقوه ومعه الكشاف لفتح المقبرة ولكن قبل أن يستخرجوا الكنز انهالت عليهم الأتربة لتبتلعهم الأرض التي أبت أن تبوح بأسرارها لهم.


أوامر أسيادنا


حادث المنيا كان الأبشع والأغرب من نوعه، قبل 13 عاما استيقظ أهالي قرية شمس الدين ببني مزار على مذبحة راح ضحيتها 12 شخصا رجالا ونساء وأطفالا بهدف بتر الأعضاء التناسلية وتقديمها قربانا حتى يتم العثور على الكنز المفقود.


ومن ضمن هوس التنقيب عن الآثار هو ما كشف عنه صاحب أحد المحال التجارية بوجود مقبرة داخل محل عمله، وعندما أخذ رأي المشعوذين قالوا له أن الكنز لن يظهر إلا في حالة الإتيان بمرأة حائض تقف فوق المقبرة وحينها سيسمح لهم الحارس بالدخول، وهناك من يوهم المنقبين بأن الكنز لن يخرج إلا في حالة إراقة للدماء عن طريق ذبح طفل لا يبلغ سن الرشد، وهناك من يطلب فتاة بكر لمعاشرتها وبعد إراقة الدم يتم عمل التعويذات لطرد الجن حارس الكنز، أو من خلال ذبح قطة سواء لا يوجد بها نقطة بيضاء، وهنا تكون السذاجة والطمع عاملان مؤثران للرضوخ لهذه الطلبات التى يسقط خلالها الأرواح، وهنا انتشرت حالات خطف الأطفال في الجنوب، ويحكي البعض أن هناك من ذبح ابنه بحثا عن الكنز ولم يصل إلى شئ، وبعدها أصابه الجنون.


قتل طفلته وقدمها قربانا للجن


طلب أحد الدجالين والمشعوذين من أحد المنقيين، قربانا عن طريق قتل ابنته البكر، في قرية غمازة الكبرى بالصف في الجيزة. 


وتقول والدة الطفلة "مي" المجني عليها، عمرها 6سنوات، أن والد الطفلة أصابه الجنون تنقيبا عن الآثار تحت المنزل، حتى أخذ ابنته وقتلها بناء على طلب أحد المشعوذين، التنقيب عن الآثار ليس من فترة بسيطة، وعندما يسأله أحد عن سبب الحفر يقول: نحن بصدد عمل بئر للصرف الصحي.

 

اقرأ حكاية أخرى| «صلع» المصريات..  احذرن «البروتين»


وتستكمل والدة الطفلة "مي" المجني عليها، يوم الحادث أخذها والدها ليشتروا خبز، وفوجئت بالأهالي يبلغوني أنه أخذ ابنتي كي يعزم عليها ويقدمها قربانا للجن، ويعدما عثرنا على جثتها وجدنا في شعرها كيس صغير به أرز ونحاسه، وأثار خنق في رقبتها، وقدماها به أثار ضرب وفروة رأسها ودماءها متناثرة في كل مكان.


واستكملت شقيقة المجني عليها، قتلوا أختي وهي طفلة ليس لها ذنب في شئ كل هذا بسبب الآثار، والسعي وراء خرافات الدجالين، "حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل".