حوار| رئيس الجمارك السودانية: تدفق المياه سيستمر داخل مجرى النيل حتى المصب

جانب من الحوار
جانب من الحوار

- من حق مصر أن تحمى مصالحها ومصالح شعبها فيما يخص سد النهضة


أكد اللواء بشير الطاهر رئيس هيئة الجمارك السودانية فى حوار خاص لـ«الأخبار»  أن مصر لن تعطش أبدا وأن تدفق المياه فى مجرى نهر النيل لن ينقطع وسيستمر مدى الحياة حتى المصب، وأشار الطاهر إلى أن سد النهضة الإثيوبى هدفه توليد الطاقة وليس الزراعة، مؤكداً أن إثيوبيا عبارة عن هضبة لا تصلح للزراعة وخاصة المنطقة المحيطة بموقع السد. 
 فى البداية كيف ترى أزمة سد النهضة وتأثير هذا المشروع على مصر فى المستقبل؟
- فى البداية أريد أن أرسل تحية إعزاز وتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى والشعب المصرى الأصيل والشقيق متنمياً لها الأمن والأمان، وفيما يتعلق بمشروع سد النهضة أقولها صراحة إن السودان حكومة وشعباً لن ترضى يوماً ما أن تلحق بمصر خطراً مهما كان وقضية سد النهضة فيما يتعلق بالخلافات الفنية هو أمر وارد لكننى أؤكد أن مصر لن تعطش أبدا وتدفق المياه إلى نهر النيل لن ينقطع وسيستمر مدى الحياة حتى المصب وما يدور فى الأفق حول تعرض مصر لأزمة مياه بسبب مشروع سد النهضة فيه مبالغات كبيرة، لكن حقيقة الأمر أننا فى السودان حريصون على المصلحة العليا لمصر الشقيقة ولن نتخلى عن الشعب المصرى نهائيا، فالمصالح بين البلدين تحكمها أدبيات وتاريخ مشترك وراوبط اجتماعية ممتدة عبر التاريخ.
لكن على أرض الواقع هناك مخاوف حقيقية من تأثر مصر بسبب السد، بالإضافة لعدم وضوح الرؤية كاملة من جانب أثيوبيا؟
- لا، ليس كما تذكر، وأكررها مرة أخرى مصر لن تتضرر أبداً وهناك أكثر من 20 رافداً يغذون نهر النيل بالمياه على مدار العام بل إن السودان يتعرض للغرق بسبب كثرة المياه المتدفقة إليه من الهضبة الإثيوبية وغيرها من روافد نهر النيل ومن ثم فإن مصر لن تنقطع عنها المياه أو تتناقص نهائياً، لكن الأمر يحتاج إلى توافق بين الأطراف المشتركة فى مسألة سد النهضة للوصول إلى تفاهمات وإيضاحات ترضى جميع الأطراف، ومن حق مصر أن يكون لديها دراية بكل شىء بهذا الخصوص ومن حقها أيضاً أن تحمى مصالحها ومصالح شعبها لكن فى النهاية لن تتضرر مصر مستقبلاً والسودان يضع ذلك فى الاعتبار جيداً.
 هل الأزمات التى تشهدها المنطقة وخاصة فيما يتعلق بسد النهضة تحتاج إلى تكامل مصرى سودانى فى تلك المرحلة؟
- بكل تأكيد وهذا أمر ضرورى بالفعل مصر والسودان يحتاجان إلى إرادة سياسية قوية وقرارات جريئة من أجل مصلحة الشعبين وتحقيق التكامل الاقتصادى، فالتاريخ الذى يجمع الشعبين واحد وممتد عبر سنوات طويلة وصلت إلى أكثر من 10 آلاف عام ومن مصلحة البلدين أن يكون هناك وحدة تجمعهما وتكامل يربط بينهما يحقق المصلحة العليا للشعبين.
وما الأطر التى يمكن أن يقوم عليها هذا التكامل بين البلدين؟
- مصر تملك قاعدة صناعية كبيرة تلبى السوق السوادنى وأيضا الخرطوم لديها موارد طبيعية عظيمة وثروات كبيرة، بالإضافة إلى ثروة حيوانية وأراضٍ شاسعة، كل ذلك يمكن أن يحقق تكاملاً فى شتى المجالات بل يخلق قوة اقتصادية لها تأثير كبير على العالم، ومصر والسودان لديهما ثلاثة معابر برية لنقل البضائع ونقل المواطنين، بينها معابر شرق وغرب النيل وآخر على البحر الأحمر، بل إن هناك تواصلا وتقاربا وتفاهما بين الدولتين فى شتى المجالات.
وماذا عن أهم الاتفاقيات التجارية بين البلدين خلال المرحلة الحالية؟
- هناك اتفاقية تجارية تفضيلية بين مصر والسودان من خلال اتفاقية الكوميسا والتى تحكم عملية التبادل التجارى بين البلدين والتى تعطى ميزة تفضيلية للبضائع المصرية والسودانية فى التبادل الحر وأحياناً كثيرة تكون الجمارك صفرية على تلك البضائع، بالإضافة إلى وجود لجنة عليا مشتركة بين البلدين تعقد كل 6 أشهر تناقش العديد من القضايا ومنها قضايا الجمارك، بخلاف لجنة اخرى اقتصادية تجارية مشتركة ولجنة المعابر التى تعقد كل 6 أشهر وتلعب دورا محوريا فى عملية تنظيم دخول الركاب والبضائع بين البلدين لكن مصر والسودان وبحكم علاقاتهما الأزلية بوسعهما تحقيق تكامل حقيقى على أرض الواقع إذا تجمعت لدى قيادة البلدين إرادة سياسية قوية وتم اتخاذ قرارات جرئية تخدم مصالح الشعبين، ومن هنا أطالب القيادة فى مصر والسودان بالعمل على وصول العلاقات بين البلدين إلى مرحلة التكامل بالمعنى الحقيقى وتلاشى أى خلافات أو اختلافات فى وجهات النظر يمكن أن تعكر صفو العلاقات الطيبة بين الشعبين بفعل المصير المشترك والروابط الثقافية والاجتماعية والتاريخية التى تجمع بين البلدين الشقيقين من قدم التاريخ.
 شاركت مؤخرا فى مؤتمر الاتحاد العربى للمخلصين الجمركيين بالقاهرة ما هى نتائج هذا المؤتمر؟
- المؤتمر، الذى عقد تحت مظلة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، سعى إلى تحقيق أهداف طيبة داخل الجمارك العربية والوصول إلى صيغة مشتركة يتم من خلالها تنمية موارد الدول العربية، كما ناقش المؤتمر كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة فى العمل الجمركى، والحقيقة أن الاتحاد العربى للمخلصين الجمركيين يحتاج إلى دعم عربى كبير باعتباره وسيلة عربية لتفعيل التجارة البينية بين الدول العربية.
 وهل يوجد قانون يحكم تنظيم آليات الجمارك العربية؟
- حقيقة الأمر هذا السؤال يدخل فى منعطف شائك، لكن الإجابة عليه لابد أن تكون وافية، فالأمر يحتاج إلى صدور قانون جمركى عربى موحد يحمى الاقتصاد العربى ويكون مرجعية عملية للجمارك العربية لكن بالفعل تم مناقشة خروج القانون العربى الجمركى الموحد بأروقة جامعة الدول العربية، لكن هذا القانون لم يخرج إلى النور وما زال حبيس الأدراج منذ أكثر من 15 عاماً.
هل معنى ذلك أن هناك دولاً أو أشخاصاً يعترضون على صدور هذا القانون؟
- لا أستطيع أن أوجه اللوم لأى دولة أو شخص بعينه لكن يمكن القول أن كثيراً من الدول تحتاج إلى وجود اتحاد جمركى عربى والذى ينظم التجارة بين الدول العربية ويسهل حركة نقل البضائع، لكن نحتاج إلى خروج هذا القانون إلى النور والذى يتوافق مع كافة القوانين العالمية المتخصصة بهذا الشأن لكن هناك بعض الدول تعترض على خروج هذا القانون ، وربما ليس العذر فى ذلك ، لكونها تعتمد على المزايا الممنوحة لها من الجمارك والتى تمثل فى غالبية الأحيان أكثر من 65% من الدخل الاقتصادى لها، ومن ثم فإن تخوف تلك الدول من صدور هذا القانون يصب فى التزامها ببنوده التى يمكن أن تقلل من الأموال التى تحصل عليها من جماركها أو يفرض عليها القانون أعباء مالية تؤثر فى دخلها القومى.
 وهل لإدارة الشرطة الحق فى الضبطية القانونية للمخالفات التى تشهدها الجمارك؟
- بكل تأكيد هناك قانون الشرطة الذى يحكم المسائل المتعلقة بأى إجراء يحدث داخل مصلحة الجمارك، بالإضافة إلى قانون الجمارك السوادنى واللوائح المعمولة به وكل مخلص جمركى له حق الضبطية القضائية والتحقيق والقبض وإعداد مذكرة إحالة إلى النيابة المختصة ثم إلى المحكمة وإذا ارتكب المخلص الجمركى جرما او مخالفة يعاقب من خلال قانون الجمارك وإذا امتد هذا الجرم إلى عمل جنائى يتم إحالته طبقا للقوانين المعمول بها، أما إذا ارتكب فرد الشرطة أى جريمة جنائية ومنها التهريب على سبيل المثال يتم محاكمته وفق قانون الجمارك ووفق قانون الشرطة ويمكن الفصل من عمله فورا إذا ثبت إدانته.
ماذا عن السوق العربية المشتركة هل يمكن أن تتحقق على أرض الواقع؟
- حقيقة إنشاء سوق عربية مشتركة حلم طال انتظاره لكننا الآن فى حاجة كبيرة إلى تحقيق تكامل اقتصادى عربى ومنطقة تجارة عربية بينية، لكن هناك معوقات تقف حائلا دون تحقيق هذا الهدف المنشود، لكن إنشاء منطقة تجارة عربية مشتركة سوف يحقق طفرة كبير للاقتصاديات العربية.