صور| نساء مصر «بطلات».. 4 سيدات اقتحمن «مهن الرجال» من أجل «لقمة العيش»

أم باسم السباكة
أم باسم السباكة

«أم باسم» سباكة الدرب الأحمر تنافس الرجال: الصبر «سر الصنعة».. وأطالب بمدرسة سباكة للبنات


 «سمية».. أول متخصصة في «اللحام» تحت الماء: أسعى إلى «جينيس» بأعمق غطسة


 «أم كريم» قهوجية الحسين: الرزق يحب الخفية.. والزبائن مصدر سعادتي

«منى» تركت تعليمها لمساعدة والدها في ورشة الميكانيكا ولقبها بـ«بلية»

 

بدأت النساء تتحرر من قيود المجتمع، وتختار طريقهن بإرادتهن دون ضغوط، فقررت امتهان مهن رجالية في المقام الأول، وضربت بالعادات والتقاليد عرض الحائط، لتتجهن إلى مهن شاقة لإثبات الذات، فحقا وراء كل امرأة عظيمة إراداتها، فالكل يعلم كيف بدأ النساء مشوارهن ، لكن لا احد يعلم كيف سينتهي هذا المشوار الشاق، ولكنه بالتأكيد سيكلل بالنجاح.


ونرصد في هذا السياق، أبرز قصص النساء البطلات، اللاتي اقتحمن المهن الصعبة، وتفوقن على الرجال، تابعوا تلك الحكايات في السطور التالية...

 

«أم باسم».. أشهر سباكة مصرية
البداية بـ«أم باسم» أشهر سباكة مصرية.. فـ«البنسة والشينيور والمفتاح الانجليزي».. هم الأدوات الأساسية لسيدة ستينية، اقتحمت عالم السباكة ولم تخجل من مهنتها يومًا، ظلت تبحث عن مهنة شريفة تعيش منها بعد طلاقها من زوجها، حتى التحقت بدورة تدريبية جعلتها تقتحم عالم السباكة، وكانت بمثابة الخطوة الأولي في مشوار نجاحها.. إنها أشهر سباكة في منطقة الدرب الأحمر التي يطلبها الأهالي بالاسم.


لجأت «أم باسم» لهذه المهنة بعد أن طلقها زوجها، وتركها وحيدة مع 3 أبناء، ظلت تبحث عن مهنة تنفق منها على نفسها وأولادها وتأكل منها عيشا، حتى عثرت علي دورة تدريبية تعلمت من خلالها المهنة بشكل كبير.. عندما التحقت بالدورة كان الرجال مندهشين من الوضع.. فكيف لسيدة أن تمتهن مهنة كهذه.. فهي تعتبر مهنة رجالية في المقام الأول.


لكن «أم باسم» لا تبالي ولم تهتم بكل هذه السخافات، واستطاعت أن تثبت ذاتها وتسير في مشوارها دون أي عرقلة حتى حصلت علي المركز الأول في هذه الدورة، وتفوقت علي الرجال.


 التقت «بوابة أخبار اليوم» أم باسم السباكة، وحاورتها عن بداية مشوارها، وتفاصيل اقتحامها هذا المجال.


في البداية، أكدت أن الرجال لا يتقبلون النقد أو النصيحة وهذا ما اكتشفته بعد الاحتكاك بهم أثناء الدورة التدريبية ، فأصبح لديها خبرة في مجال السباكة لأنها تمتهن «الصنعة» منذ 20 عاما، وأتقنتها وأصبحت سيدة صبورة وأصبح عملها هو محور حياتها.


وعن الصعوبات التي تواجه «أم باسم»، فذكرت أنها فصال الزبائن في السعر فهي لا تحبه لأنه حقها.


أما عن ردود الأفعال، فقالت «أم باسم»: إن الأهالي والأقارب والأصدقاء استنكروا الوضع، وكانوا رافضين تماما عملها، ولم تستسلم لهذه التعليقات وردود الأفعال السلبية لأنها تسير بمبدأ «مقابلة السلبيات بالنسيان»، فلم تكتفي أم باسم بالاقتصار علي المهنة فقط، فقامت بتعليم مجموعة من الفتيات أصول الصنعة والمهنة لأنها تري أن هذه المهنة لا تقتصر علي الرجال فقط ، وأكدت أن ممارسة المهنة تعطي الكثير من الخبرة.

 

حكاية «أم كريم».. قهوجية الحسين
أما «أم كريم» فهي أشهر قهوجية في المحروسة.. «قهوة مانو ، قهوة كعب عالي ، واحد شاي يا أم كريم» هذه الكلمات تتكرر يوميًا في إحدي المقاهي بالحسين،  وتعتبر قهوتها هي سر رضا الزبائن عنها.


قالت أم كريم لـ« بوابة أخبار اليوم » إنها اضطرت  للعمل في المقهى بدلا من زوجها نظرا لظروف مرضه، وزيادة المسئوليات علي عاتقها سواء من زواج بناتها وصولاً إلي مصاريف التعليم، لافتة إلى أن زوجها كان يدعمها دائما ويوجهها وينصحها.

 

وأضافت أن أولادها اعترضوا في البداية علي عملها، ولكنهم تقبلوا الأمر في النهاية ويفتخرون بها أمام زملائهم .


وبدأت «أم كريم» تعلم أصول المهنة في 6 شهور لتتعرف علي طلبات الزبائن ،  وأشادت بحسن معاملة الزبائن واحترامهم لها، والغريب أن الزبائن الرجال يساعدونها ويشجعوها ويدعموها بالكلمات التحفيزية، أما السيدات فيعاملوها بتعالي وتكبر دائما وينظرن لها نظرات تضايقها. 


وأكدت «أم كريم» في نهاية الحديث، أن سر إرضاء الزبائن عنها هي تلبية طلباتهم في أسرع وقت، وعند وجود أي منازعات أو مشادات كلامية في المقهى تتدخل وتحاول تهدئة الموقف لأن شعارها هو «أهم حاجة سمعة المكان».

 

«سمية زيدان».. أول لحامة تحت الماء
أول سيدة مصرية تقتحم عالم اللحام تحت الماء.. رفضت أن تنتهج مجالا متكررًا، فالتميز سمة من سماتها، اتهمها زملاؤها بالجنون لكنها لا تبالي، فهي شغوفة وطموحة، وعرض عليها العمل بالخارج لكنها رفضت، ورأت أن بلدها هي الأولى، لأنها تريد أن تعمل بالأكاديمية البحرية لتكلل قصة نجاحها.. إنها «سمية زيدان»، نموذج للمرأة الناجحة النموذج المشرف.


تخرجت «سمية» في كلية التكنولوجيا  قسم الهندسة تكييف وتبريد عام 2014 لتحصل بعد ذلك على منحة من الأكاديمية البحرية بالإمارات، وقررت اختيار قسم اللحام تحت الماء ليثير اختيارها دهشة جميع الأساتذة، فمن المعروف أن هذا التخصص بالغ  الصعوبة والخشونة  لذلك فكل من يختارونه به رجال .


وبالفعل رفضت الأكاديمية في البداية طلبها، إلا أن إصرارها جعلها تحصل على الموافقة في النهاية لتصبح البنت الوحيدة بين عدد كبير من الشباب، وأعلنت التحدي ورفضت كل الانتقادات التي كانت تلاحقها وعبارات الإحباط .


وبدأت «سمية» في محافظة الإسماعيلية التدريبات والاختبارات على اللحام فقط، ثم توجهت بعد ذلك إلى مكان تصليح السفن للتدريب على اللحام تحت الماء.


وتؤكد لنا «سمية» أن الموضوع لم يكن سهلا على الإطلاق، حيث كانت شرارة اللحام هي التي تنير لها أثناء عملية اللحام تحت الماء بسبب الظلام الدامس، كما أن طبيعة المياه تجعل حركة اليدين غير ثابتة رغم أن الثبات عنصرهم  لإتمام عملية اللحام وهو ما يبين صعوبة قيام فتاة بتلك العملية. 


وتشير إلى أن والدها كان دائم التشجيع لها، ولم يعترض على فكرة خوضها للتجربة بسبب ديموقراطيته في التعامل معها فقد منحها الثقة وحرية الاختيار، وهو ما سهل التجربة عليها كثيرًا، حيث كان يسافر معها كثيرًا إلى الإسماعيلية لمساندتها ودعمها فى الحصول على الدورات التدريبية .


ورشحت سمية من قبل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية في الغوص لعمق كبير، فقالت إنها تتدرب منذ ثلاثة أشهر لتحقيق هذا الإنجاز الكبير بالنسبة لها، والذي سترفع به اسم مصر عاليًا.


وقالت إنها تلقت عدة عروض للسفر لدول عربية وأوربية لكنها رفضت تلك العروض، وتتمنى أن تعمل في مصر وتطور الغطس التجاري، كما تمنت دعمها لتحقيق حلمها والعمل في قناة السويس.


 أما عن أحلامها، فقالت إنها تحلم بالعمل في إحدى الشركات الكبرى المصرية أو الأكاديمية البحرية، وأن المجال يفتح أمام البنات للالتحاق به، خصوصا أن المرأة الآن تقلدت أرفع المناصب في الدولة من وزيرة إلى سفيرة وحتى قاضية .

 

«الآنسة بلية»: مين يقدر ينافسنى
أما الأسطى منى «الميكانيكي»، فهي الابنة الثانية لأسرة لديها ست فتيات، وهي مازلت آنسة حتى الآن.


«بقالي أكتر من 30 سنة في الورشة، وكنت بشتغل مع أبويا وأساعده فى ورشته من وأنا طفلة وكان بيناديني باسم بلية، واحنا أسرتنا ست بنات أنا ترتيبى التانية فى أخواتى، واسمى منى سيد، وحتى الآن متجوزتش ورفضت رجالة اتقدمولى كتيير ومش بفكر فى الجواز دلوقتى، أنا اتجوزت الصنعة وبصرف على نفسى بدلاً من أنى أمد ايدى لحد».. بهذه الكلمات بدأت «الاسطى منى» حديثها معنا، عن مشوارها مع الصنعة.


وأكدت لـ«بوابة أخبار اليوم»، قدرتها على منافسة الرجال بعد أن اقتحمت مجالهم، قائلة: «أقدر أنافس أى ميكانيكى فى مصر لأنى بحب صنعتي وبفهم فيها كويس، وربنا مدينى القوة على فك الكاوتش وتغييره رغم أن المهنة دى بتحتاج راجل».


وعند مرورك بمنطقة «بين السرايات» بالقرب من جامعة القاهرة، وبالتحديد في شارع أحمد الزيات، تجدها جالسة علي كرسي أمام الورشة التي تعمل بها، ترتدي «البالطو» الأزرق الخاص بحرفة الميكانيكا، وعلى رأسها حجاب قديم يغطي رأسها، تعلوه قبعة رجالي رمادية اللون.


وكشفت الأسطى «منى» عن استعدادها للعمل الشاق الذي لا يقدر عليه إلا الرجال، لكنها استطاعت إثبات نفسها في المهنة بشهادة زبائن الورشة، الذين أشادوا بإتقانها لمهنة ميكانيكي السيارات بجدارة تفوق بعض الرجال الذين يعملون في هذه المهنة.


تبدأ الأسطى «منى» عملها بالورشة منذ الساعة الثامنة صباحاً، حيث تفتح الورشة أبوابها، وتجلس علي الكرسي في انتظار الزبائن، تقوم بترتيب محتويات الورشة من عجلات السيارات وأدوات الميكانيكا والزيوت والمفكات ورمان البلى، وغيرها من مستلزمات المهنة.


وعند قدوم أحد أصحاب السيارات للورشة لإصلاح عطل ما، تقوم «منى» بالكشف علي السيارة ومعرفة سبب العطل وإصلاحه وتحصيل أجرة إصلاح السيارة مضافا لها «القهوة أو البكشيش» الخاص بها الذي تحرص كل الحرص على تحصيله قبل أجرة الورشة نفسها، حتى تنهى عملها الساعة الخامسة مساءً.


وأضافت: «أنا أحسن من شباب كتير مش شغال وقاعد على القهاوي منتظر أمه أو أبوه يصرف عليه ويجوزه، والشغل مش عيب ومفيش حاجة اسمها شغلانة رجالة أو ست أنا أفهم فى الميكانيكا أكتر من أى راجل، وشغلى ده أحسن من أنى أتسول من الناس اللقمة».


فيما قال الحاج عبد الرحيم على، أحد زبائن الورشة: «من يوم ما سكنت في المنطقة والأسطى منى موجودة، ومن يوم ما اشتريت العربية وأنا زبون دايم للورشة والأسطى منى بتصلحها لما يحصل عطل فيها، وهى حافظة العربيات أكتر من أى مهندس ميكانيكا، والعيب الوحيد للأسطى منى أنها لازم تاخد البقشيش أو القهوة بتاعتها ومش أقل من 10 جنيه، وإلا مش هتخلي الزبون يمشي بالعربية بتاعته، والمحلات والمكتبات اللى جنب الورشة والزبائن بيخافوا من تغير مزاج الأسطى منى أو عصبيتها؛ لأنها مشهورة بألفاظها السوقية وبذاءة اللسان».