من داخل رواق والده بالسيدة نفيسة..

حوار| نجل الشيخ الشعراوي الأصغر: كل من يتأسى برسول الله «يشبه والدي»

نجل الشيخ الشعراوي الأصغر أحمد الشعراوي
نجل الشيخ الشعراوي الأصغر أحمد الشعراوي

من منطلق إيمانه أن إطعام الجائع يعد من أفضل الأعمال إلى الله أنشأ إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، رواقا في السيدة نفيسة رضي الله عنها بالقاهرة، يتولى إطعام الجائعين على مدار العام وهو أمر ربما لا يعرفه الكثيرون.

 

وفي هذا الرواق يجتمع أيضا العلماء وأهل الذكر لإحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ويحرص أبناء الإمام الراحل على التواجد في الرواق للإشراف عليه وإقامة مجالس العلم  ومن بينهم نجله الأصغر أحمد الشعراوي الذي التقيناه في رواق والده ليتحدث عن عدد من المواقف التي عايشها مع والده خاصة في شهر رمضان.


 في البداية سألناه كيف كان الشيخ الشعراوي يحيي ليالي رمضان؟


ندعو الناس للامتثال بأخلاق النبي والنظر إلى أفعاله، ونحاول أن نسير على نهجه قدر المستطاع، وهكذا كان الشيخ الشعراوي عمره بالكامل يتحدث وينصح بما ينفع الناس، وفيما يخص رمضان فكان مواظبًا على الذكر والصلاة وقراءة القرآن وتفسيره طبقا لمنهجه الذي وضحه بأن خواطره حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن، وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل وله ظهرت معجزاته ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي «افعل ولا تفعل».


من الشيخ الذي تعتبره استكمالا لمسيرة الشيخ الشعراوي؟


لا يمكن وجود شخص يشبه آخر في كل شيء، حتى في مجال العبث واللهو، فمن الممكن أن يكون هناك البعض ممن يشبهون في طريقتهم الشيخ الشعراوي في بعض الأجزاء لكن لن يكون في كل شيء، وما يمكنني قوله هو أن الشيخ الذي تستطيع الاطمئنان له هو من يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم.


وفي مرة كان قادمًا من السفر وحينها كنا في سن الشباب وكثرت الموجات الإلحادية والتي كان القائمون عليها مدربين جيدًا، فسألته من الشيخ الذي يمكنني أن أساله في بعض الأمور عندما يلتبس علي أمر، فكان رده أن كل الشيوخ جيدين، ولا يزكي على الله أحدًا، فطلبت منه أن يعطيني إجابة محددة، فأخبرني أن هناك مقياس «العالم الذي لا يتأسى بسيدنا رسول الله لا تأخذ منه عبرة، ولا تأخذ علمك من متكبر لأن الكبر عكس العلم، ولا من بذيء اللسان لأنه لا يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا من بخيل لأنه يكون بخيل في العلم والعواطف، ولا من متجهم الوجه حيث كان الرسول دائم الابتسامة».


بماذا تميز الشيخ الشعراوي عن غيره؟


شهادتي فيه مجروحة، ولسنا نحن من يمكنهم تقييم الشيخ الشعراوي، من يستطيع التحدث عنه علماء مثله، أما لو تحدثت عنه كأب فيمكنني القول بأنه تميز بالإخلاص في العمل والانكسار لله.


ما هي أبرز المواقف التي تتذكرها لوالدك؟


المواقف كثيرة، وربما منها قصة اعتراضه على نقل مقام سيدنا إبراهيم عام 1954، فكانت هناك فكرة مطروحة لنقل مقام إبراهيم من مكانه، وإرجاعه إلى الوراء لتوسعة الطريق، وفي ذلك الوقت كان الشيخ الشعراوي يعمل أستاذاً بكلية الشريعة في مكة المكرمة وسمع عن ذلك واعتبر هذا الأمر مخالفاً للشريعة فبدأ بالتحرك واتصل ببعض العلماء السعوديين والمصريين في البعثة لكنهم أبلغوه أن الموضوع انتهى وأن المبنى الجديد قد أقيم، فقام بإرسال برقية من خمس صفحات إلى الملك سعود، عرض فيها المسألة من الناحية الفقهية والتاريخية، واستدل الشيخ في حجته بأن الذين احتجوا بفعل الرسول جانبهم الصواب، لأنه رسول ومشرع وله ما ليس لغيره وله أن يعمل الجديد غير المسبوق.

 

واستدل أيضاً بموقف عمر بن الخطاب الذي لم يغير موقع المقام بعد تحركه بسبب طوفان حدث في عهده وأعاده إلى مكانه في عهد الرسول. وبعد أن وصلت البرقية إلى الملك سعود، جمع العلماء وطلب منهم دراسة برقية الشعراوي، فوافقوا على كل ما جاء في البرقية، فأصدر الملك قراراً بعدم نقل المقام، وأمر الملك بدراسة مقترحات الشعراوي لتوسعة المطاف، حيث اقترح الشيخ أن يوضع الحجر في قبة صغيرة من الزجاج غير القابل للكسر، بدلاً من المقام القديم الذي كان عبارة عن بناء كبير يضيق على الطائفين.


الإمام الشعراوي معروف بمواقفه القوية حدثنا عنها؟


قال الشيخ في مرة أنا لا أريد أن أحكم بالإسلام، وإنما أريد أن يتم حكمي بالإسلام، لأن طالب الولاية لا يولى، وسبب كلامه هذا هو أن أخبر بعض الأشخاص قالوا للرئيس السابق مبارك، إن الشيخ الشعراوى أصبحت له شعبية كبيرة جدا، ولو أراد أن يصبح رئيسا لمصر سيصبح فى أى وقت، لم نعرف تعليق مبارك على ما قيل ردا على هذا الكلام، لكن فور أن نما لعلم والدى هذا الكلام، قال كلمته الشهيرة «أريد أن أُحكَم بالإسلام ولا أحكُم بالإسلام»، وهذه الكلمة معناها ببساطة أن الشيخ لا يريد الحكم كما ردد البعض، فهو يعلم تماما أن طالب الولاية لا يولى، وكان يرى أن آفة الجماعات الإسلامية فى مصر طلبهم للولاية وسعيهم إليها بكل قوة.


متى تم إنشاء هذا الرواق، وبماذا يهتم منذ نشأته وحتى الآن؟


أنشأه عام 1987 بناء على رؤية، الأساس فيه إطعام الطعام، لأن فيه ثواب كبير، فالمضغة في جوف جائع خير من بناء جامع، وليس الإطعام خلال شهر رمضان فقط وإنما طوال عام، فيقدم الغداء بعد صلاة الظهر ويحتوي على بروتين ونشويات وخضروات وبعد صلاة العشاء أطعمة جافة مثل الحلاوة والجبن والمربى والقشدة.