40% من دعم الوقود يذهب للأغنياء..ورفعه يصحح مساره للفقراء

40% من دعم الوقود يذهب للأغنياء..ورفعه يصحح مساره للفقراء
40% من دعم الوقود يذهب للأغنياء..ورفعه يصحح مساره للفقراء

قالت وزارة المالية:«إنها تستهدف خفض عجز الموازنة من 9.8% بالموازنة الجارية إلى 8.4%، وتحقيق فائض أولى 0.2%، لكنها أمور تبدو مهددة مع تصاعد الأزمة واشتعال الأسعار.

 

يأتي ذلك في ضوء أن سعر البترول بالموازنة 67 دولارا للبرميل، وسعره الآن 77 دولارا، وكل دولار يكلف الموازنة بين 2 و3.5 مليار جنيه، حسب تكلفة النقل ونسب ومعاملات التكرير، وهو ما يؤثر سلبا على فرص الفقراء ومحدودي الدخل».

 

وفي البداية سنطرح سؤالا يسهل من عملية شرح مستجدات ما يحدث على الساحة حاليا فيما يتعلق بعملية دعم المنتجات البترولية، وهو كيف يؤثر ارتفاع سعر البترول عالميا على فاتورة دعم المحروقات؟.. وللإجابة على هذا السؤال نقول: «إن الدولة خصصت في موازنة العام المالي الحالي «2017-2018» 110 مليارات و148 مليون جنيه لدعم الوقود والمنتجات البترولية، وفق مربوط سعر عالمى 57 دولارا للبرميل، ومن المرجح أن تصل هذه الفاتورة إلى 130 مليار جنيه مع نهاية السنة المالية في آخر شهر يونيو الجاري، وتقابلها أكثر من 100 مليار جنيه للفرص البديلة من المنتج المحلى، ما يعنى فاتورة إجمالية تتخطى 220 مليار جنيه.

 

ولكن تكمن الأزمة الكبرى في الموازنة الجديدة 2018/2019 فقد خصصت الدولة لدعم الوقود 89 مليارا، و85 مليون جنيه، بتقدير 67 دولارا للبرميل، بحسب البيان المالي الذي عرضه وزير المالية على مجلس النواب في إبريل الماضي، تقابلها أكثر من 160 مليار جنيه تكلفة الفرص البديلة، بفاتورة إجمالية تتجاوز 255 مليار جنيه، ما يعنى أنه في الوقت الذي ارتفع فيه سعر البترول بالموازنة 10 دولارات للبرميل، وانخفضت فيه قيمة الدعم بالموازنة الجديدة 21 مليار جنيه تقريبا، قياسا على الموازنة الجارية.

 

وارتفعت قيمة ما تتحمله الدولة 60 مليار جنيه تقريبا عن السابق، وبالتالي فإن قفزة السعر العالمية الأخيرة أضافت عبئا على الموازنة يتجاوز 25 مليار جنيه، أى أكبر من قيمة تراجع الدعم الظاهرية في مشروع الموازنة.

 

ومما سبق يتضح لنا أن خطوة تحريك أسعار الوقود تستهدف بالأساس إصلاح خلل هيكلي في منظومة الدعم، والحفاظ على النجاحات المتحققة فى الهبوط بمؤشر عجز الموازنة العامة، ولكن ارتباط ملف الوقود بمنظومة إنتاج وتجارة وتسعير دولية، ربما لا يمنح الحكومة فرصة كاملة للسيطرة على المؤشرات والأرقام التي تتضمنها الموازنة بشأن تكلفة تدبير المشتقات البترولية، ويظل الأمر مرهونا بالتوقعات والقراءة الاحتمالية لحالة سوق النفط عالميا.

 

وبحسب دراسة حديثة عن تكلفة تدبير الوقود، فإن الدولة تتحمل 255 مليارا و815 مليون جنيه تكلفة سد العجز في احتياجات الوقود عبر الاستيراد، عند مستوى 77 دولارا للبرميل، بجانب خسائر الفرص البديلة للإنتاج المحلى، ما يعنى أن نصيب كل مواطن من نزيف الوقود يتجاوز 2550 جنيها سنويا، وبالتالي تذهب حصة كبيرة من دعم الوقود لقطاع من شرائح الطبقة الوسطى العليا ورجال الأعمال والتجار والمصانع والمشروعات التجارية.


ويأتي ذلك على عكس مخصصات السلع التموينية التي تذهب للفقراء ومحدودي الدخل بشكل مباشر، وهو ما يجعل تقليل حصة المواطن في دعم المحروقات لصالح زيادة حصته في دعم التموين، أمرا أكثر إفادة، باعتباره تحركا مباشرا نحو تحسين حياة قطاعات واسعة من الفقراء.

وأشارت بعض التقديرات والمؤشرات شبه الرسمية إلى أن أكثر من 40% من المخصصات الموجهة لدعم الوقود والمحروقات تصل مباشرة لغير المستحقين، سواء عبر سيارات الأغنياء، أو سيارات المصانع، أو الطائرات الخاصة، أو أسطوانات البوتاجاز للمطاعم والمحلات، والغاز والمازوت للقطاع الصناعي، وغيره.

 

ويظهر ذلك ما يعنى أن الأغنياء حصلوا على 56 مليار جنيه من مخصصات دعم الوقود في العام المالي الجاري، ومن المنتظر أن يحصلوا على 35 مليار جنيه من الـ89 مليارا المخصصة في موازنة 2018/ 2019، والرقم مرشح للزيادة مع تصاعد مخصصات الدعم حال ارتفاع أسعار البترول عالميا.

 

وللتوضيح أكثر علينا أن نقترب من بعض الأرقام، أبرزها أننا نستهلك ما يقرب من 4.5 مليار لتر بنزين 92 بقيمة إجمالية 48.6 مليار جنيه «عند 75 دولار لبرميل خام برنت حاليا»، و5.3 مليار لتر بنزين 80 بقيمة 80.5 مليار جنيه، و15.5 مليار لتر سولار بقيمة 174.5 مليار جنيه، و8.06 مليون طن مازوت بقيمة 66 مليار جنيه، و330 مليون أسطوانة بوتاجاز بقيمة 58.7 مليار جنيه، أى أن إجمالى الاستهلاك يقترب من 430 مليار جنيه.

 

وإذا تم خصم منها قيمة الإنتاج المحلى البالغ 240 مليون برميل سنويا، أي 162 مليار جنيه تقريبا، نكون أمام عجز يتجاوز الـ100 مليار دولار، هذا بتجاهل أن نصف الإنتاج المحلى يخص الشريك الأجنبي، وتشتريه الحكومة بالسعر العالمي، وأن الـ240 مليون برميل تتكلف 2.4 مليار دولار تكرير، بجانب تكلفة النقل والتخزين والتوزيع واللوجستيات الأخرى.