بقايا الاتحاد السوفيتي| جمهوريات ناقصة بمباركة روسية.. وأخرى تحت وصايتها

صورة مجمعة
صورة مجمعة

كافأت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد روسيا على مواقفها الداعمة للنظام السوري منذ اندلاع الاضطرابات السياسية في أنحاء سوريا، وعلى مدار سبع سنوات من الحرب الأهلية هناك، فأعلن الاعتراف بجمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، اللتين تعترف موسكو بهما أيضًا.

خطوة دمشق تسببت في غضب دولة جورجيا، التي تعتبر الجمهوريتين جزءًا من أراضيها، ودفعت تبلسيي لقطع العلاقات الدبلوماسية بينها وبين سوريا.

وسوريا هي خامس دولة في العالم تعترف بالجمهوريتين كدولتين مستقلتين بعد روسيا وفنزويلا ونيكارجوا (أكبر دول أمريكا الوسطى) وناورو (دولة في منطقة أوقيانوسيا).

ولكن ما هي قصة أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وما هي الجمهوريات السوفيتية السابقة التي لها ظروف مشابهو لوضعية هاتين الجمهوريتين غير المعترف بهما دوليا؟

أبخازيا

البداية مع جمهورية أبخازيا، الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأسود، والتي أعلنت انفصالها عن جورجيا عام 1991، في حين لا تعترف الأخيرة باستقلالها عنها.

وأعقب الانفصال حرب أبخازيا عام 1992، وفي عام 1993 أُجبرت الجيوش الجورجية على الانسحاب من المنطقة بعد حرب دامت لمدة عام مع الثوار الانفصاليين.

جمهورية أبخازيا عاصمتها هي ساخومي، ورئيسها الحالي هو راؤول خاجيمبا، ورئيس الوزراء هو بيسلان بارتسيس، ويبلغ تعداد سكانها نحو 216 ألف نسمة فقط، وهي تتبع نظام الحكم شبه الرئاسي.

 

أوستيتا الجنوبية

ومن أبخازيا إلى أوسيتيا الجنوبية، التي كانت مسرح الأحداث عام 2008، خلال الحرب الروسية الجورجية، التي عُرفت بـ "حرب أوسيتيا الجنوبية"، والتي بدأت رسميا يوم 8 أغسطس 2008 بهجوم عسكري من جورجيا على مقاطعتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وبعدها قامت القوات الروسية بهجومٍ مضادٍ سريعٍ على جورجيا.

وتقع أوسيتيا الجنوبية وسط جورجيا من ناحية الشمال، وحدودها محاذية لجمهورية أوسيتيا الشمالية، غالبية سكانها في جمهورية الجنوب من المسيحيين.

وتاريخيًا، استولت روسيا على أوسيتيا كاملة عام 1878، تم تقسيمها بعد الثورة البلشفية عام 1917 إلى كيانين، ألحق الشمالي بروسيا والجنوبي بجورجيا.

وفي عام 1991، انفصلت أوسيتيا الجنوبية عن جورجيا، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، في خطوةٍ لم تعتد بها جورجيا، وهو الحال نفسه مع أبخازيا.

وترفض جورجيا الاعتراف إلى الآن باستقلال أبخازيا أو أوسيتيا الجنوبية، وتدعمها أوروبا والولايات المتحدة في تلك الخطوة، ولا تحظى الدولتان بأي اعتراف رسمي حقيقة، فهما جمهوريتان إحاديتان الجانب، في ظل غياب الشرعية الدولية، وعدم الاعتراف بهما من قبل الأمم المتحدة.

أوسيتيا الشمالية

وكما أشرنا سلفًا فإن أوسيتيا كانت واحدةً قبل تقسيمها إلى جزئين، جزء يتبع روسيا، وجزء يتبع جورجيا، أما بالنسبة للجزء الذي يتبع روسيا، أوسيتيا الشمالية، فهي جمهورية تقع تحت الوصاية الروسية.

وتتبع روسيا الاتحادية نظام الحكم الفيدرالي، المعمول به أيضًا من قبل الولايات المتحدة، حيث تتمتع الجمهوريات التي تنضوي تحت الاتحاد الروسي بالحكم الذاتي.

وتتمتع جمهورية أوسيتيا الشمالية بالحكم الذاتي، وعاصمتها فلاديقوقاز، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من سبعمائة ألف نسمة.

جمهورية ترانسنيستريا

هي الجمهورية الواقعة شرق نهر دنستيريا هي منطقة متنازع عليها في أوروبا الشرقية، أعلنت استقلالها عام 1990 أثناء سقوط الاتحاد السوفييتي والإعلان المتتابع للاستقلال من قبل الجمهوريات السوفيتية، وقد استقلت آنذاك عن دولة مالدوفا.

بعد استقلالها نشبت حرب ترانسنيستريا عام 1992 بين الانفصاليين المدعومين من روسيا وقوات الشرطة المالدوفية،

ولا تعترف مالدوفا باستقلال ترانسنيستريا، ولا يعترف بتلك الدولة إلا جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ولا تعترف روسيا على المستوى الدولي بالجمهورية، لكن السلطة الموجودة هناك موالية لموسكو.

وفي استفتاء جرى عام 2006 صوّت 97% من سكان ترانسنيستريا لصالح الاستقلال والانضمام لروسيا الاتحادية كدولة ذات حكمٍ ذاتيٍ، لكنه لم يدخل حيز النفاذ بعد.

جمهورية الشيشان

ولروسيا عديد من الجمهوريات التي تتمتع بالحكم الذاتي، ولكنها تندرج تحت الاتحاد الروسي، وأبرز هذه الجمهوريات، الشيشان، التي قد يتوهم البعض بأنها جمهورية مستقلة بشكلٍ تامٍ، لكن هذا ليس صحيح، فحينما أراد الانفصاليون هناك ذلك واجهتم روسيا بالأسلحةن اندلعت حرب الشيشان الأولى والثانية على إثر ذلك في تسعينات القرن الماضي.

الحرب الشيشانية الأولى هي حرب دارت رحاها بين روسيا والشيشان بين ديسمبر 1994 وأغسطس 1996، أدت إلى استقلال فعلي وليس رسمي للشيشان عن روسيا وإنشاء جمهورية الشيشان إشكيريا.

وأعادت روسيا الكرة على الشيشان في أغسطس عام 1999، وأنهت روسيا خلال تلك الحرب استقلال الشيشان عنها، وجاءت الحرب ردًا على غزو داغستان من قبل اللواء الإسلامي الدولي (جيش إسلامي تأسس من المجاهدين في الشيشان وداغستان ودول إسلامية أخرى عام 1998).

جمهورية الشيشان عاصمتها مدينة جروزني، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة، تقع شمال شرق منطقة القوقاز، ويبلغ تعداد سكانها نحو مليون وأربعمائة ألف نسمة، ورئيسها الحالي هو رمضان قاديروف.

داغستان

تقع جمهورية داغستان جنوب الجزء الأوروبي من روسيا في منطقة القوقاز على طول ساحل بحر قزوين، وتحدها في الجنوب وجنوب الغرب كلٌ من أذربيجان وجورجيا، كما أنها تشترك في حدودها مع جمهورية الشيشان الروسية.

ومثلها مثل الشيشان، يدين معظم سكان جمهورية داغستان بالإسلام، ويشكل المسلمون نحو 94% من سكان الجمهورية، البالغ عددهم أكثر من مليوني ونصف المليون نسمة.

ولداغستان دستور خاص بها، ورئيس جمهوريتها الحالي هو رمضان عبد اللطيفوف، وحالها كحال جميع الجمهوريات التي تقع تحت الاتحاد الروسي وتتمتع بالحكم الذاتي.

جمهورية القرم

وختامًا سنكون مع جمهورية القرم، التي تشكل معضلةً كبرى، وتمثل أزمة سياسية حالية بين روسيا وأوكرانيا، حيث كانت شبه جزيرة القرم تتبع أوكرانيا إلى حين اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أوكرانيا ضد حكم الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش.

وضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا خلال استفتاء شعبيٍ تم تنظيمه في الإقليم منتصف مارس عام 2014، لم تعترف أوكرانيا ولا الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة بشرعيته.

وتمثل جمهورية القرم معضلةً كبرى، فمن جانبها تصر أوكرانيا على عودتها لسيادتها مرة أخرى، في حين تعتبر روسيا نفسها استردت حق تاريخي لها باستعادتها القرم مرة أخرى من أوكرانيا.

تعتبر هذه الجمهوريات الواقعة تحت الوصاية الروسية هي الأشهر لكن هناك جمهوريات أخرى كجمهورية أنغوشيتيا، المستقلة عن جمهورية الشيشان، وجمهورية ياقوتيا، وجمهورية تتارستان، إضافةً إلى جمهورية بورياتيا.