حوار| السفير وائل نصر: رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عودة لدورها التاريخي

السفير وائل نصر خلال حواره مع «الأخبار»
السفير وائل نصر خلال حواره مع «الأخبار»

السفير وائل نصر مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية:

 

البعد الأفريقي للسياسة المصرية في دائرة الاهتمام الأولي 

 

تركيا تساعد دواعش سوريا للهروب إلي أفريقيا بتمويل قطري

 

لسنا غائبين عما يحدث في منطقة القرن الأفريقي و شايفين الملعب كويس

 

 

منذ أيام احتفلت الدول الافريقية وبعثاتها الدبلوماسية بانحاء القارة » بيوم افريقيا»‬ الذي يوافق  25 مايو من كل عام، بمناسبة  ذكري انشاء منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي).

 

يأتي هذا اليوم  ليؤكد أن بذور مصر بذور أفريقية وارتباطنا بها مصيري،ففي الماضي تعلقت آمال الشعوب الأفريقية في الاستقلال والتنمية علي مساعدة مصر لحركات التحرر والتنمية فلم تعط ظهرها  وكانت عند حسن الظن، ويحمل التاريخ في صفحاته  العديد من المشاهد والمواقف علي مر العصور طبيعة هذه العلاقة والدور التاريخي.

 

السفير وائل نصر مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية، دبلوماسي مخضرم خبير بقضايا وظروف القارة السمراء، حيث يحمل خبرة لأكثر من 30 عاماً  في الشأن الافريقي، عمل كسفير في العديد من البعثات المصرية بالقارة إلي أن تولي منصبه الحالي، يعشق الأفريقيين والتعامل معهم، فهو يراهم مازالوا علي فطرتهم،يبتسمون دائماً رغم ظروفهم الصعبة، لم يتلوثوا بعد بالطمع والحقد والاستغلال.

 

يقول ان مصر لها مصداقية في أفريقيا أعلي من أي دولة أخري تضخ مليارات الدولارات بها،لانها تعرف جيدا أننا الدولة الوحيدة في العالم ليس لها أجندة خفية فيها.. تساؤلات وقضايا عديدة تشغل الرأي العام المصري حملناها إلي السفير وائل نصر .. ليجيب عليها في هذا الحوار :

 

 • كيف تري العلاقات الأفريقية  والهوية المصرية؟


- عندما نتحدث عن العلاقات المصرية الافريقية، فهي تقودنا إلي مسألة الهوية المصرية، والتي يعتريها العديد من الاسئلة، منها علي سبيل المثال،هل مصر دولة افريقية أم دولة عربية ام متوسطية ؟ وواقع الأمر ان مصر دولة افريقية ذات ثقافة عربية، وثقافتنا متعددة المناحي، فجذور مصر الحقيقية جذور افريقية وهذا لا خلاف عليه، لأننا دولة عمرها يقارب عشرة اَلاف سنة وبطبيعة الحال فلابد تكون هذه الجذور جذور افريقية .

 

وأجمل تعبير قرأته حول هذا، هوان مصر كانت عبارة عن بوتقة صهرت فيها كل الحضارات والثقافات التي مرت عليها، وخرجت بهذا »‬ الكوكتيل» الخاص بها، وهذه خلاصة الشخصية المصرية، فافريقيا هي بذورنا،بدليل انه عندما تنظر الي الأشكال والرسومات الفرعونية المرسومة والمنحوتة علي المعابد ستجد ان الابقار ذات القرون الكبيرة والضخمة هي نفسها ذات الشكل والحجم الموجودة الآن في دول افريقية ولا توجد في مصر.

 

• هذا عن الهوية الشخصية المصرية، اذن فماذا عن ارتباطنا بإفريقيا سياسياً ؟


ـ ارتباطنا بإفريقيا هوارتباط مصيري منذ عصر الحضارة الفرعونية، وهوفي الحقيقة ارتباط حياة، فحتي هذه اللحظة حياتنا مرتبطة بنهر النيل، وهو نهر افريقي، وبالتالي فالحضارة المصرية منذ آلاف السنين متوقفة علي هذا النهر، وعلي المستوي السياسي فلابد ان تكون علاقتنا مع كل دول المنبع وحوض النيل متفردة ومتميزة، كما يجب ان تكون لها الاولوية المطلقة . وتسعي وزارة الخارجية طوال تاريخها في هذا الاتجاه، وطبعا كانت هناك فترات لظروف فرضت نفسها أدت الي ضعف التوجه المصري أو جعله قلل من اهتمامنا تجاه افريقيا نتيجة لالتزامات أو ضغوطات أو ظروف أخري، ولكن نحن مدركون جيدا أن البعد الأفريقي للسياسة المصرية يقع في دائرة الاهتمام الأولي .

 

مصر لها مصداقية في أفريقيا أعلي من أي دولة أخري، وبصرف النظر عن القدرات المادية التي نعلم جميعنا أنها محدودة، انما لدينا امكانات اخري تفوق هذه القدرات المادية فقط، فمعني آخر لدينا خبراء في دول افريقية متعددة كالاطباء وفي نفس الوقت لا تقارن تكلفتهم المادية علي سبيل المثال بقيام دول كبري اخري بضخ مليارات الدولارات في دول افريقية وهي لا تعلم شيئا عن افريقيا وليس لها اي مصداقية في القارة،ولا تعلم حتي كيف تدير أموالها بها .

 

التسابق علي افريقيا


• كيف تقرأ السباق من قبل القوي الكبري علي قارة افريقيا ؟


- من اللافت انه خلال العامين الماضيين وجود حالة من السباق علي افريقيا من قبل الدول الصناعية الكبري، وان كان اكثر تركيزا علي الشرق الافريقي خصوصا في منطقة القرن الافريقي ودول حوض النيل، من غرب ووسط افريقيا، فوسط افريقيا مازال يعاني من مشاكل مزمنة عديدة . فعلي سبيل المثال دولة رواندا فقط قطعت شوطاً كبيرا من التنمية بعد خروجها من حرب اهلية خلفت وفاة اكثر من مليون ونص المليون مواطن، ومع ذلك استطاعت ان تنهض وتخطوخطوات سريعة جدا، فمدينة تيجالي علي سبيل المثال تعتبر قطعة مصغرة من أوروبا، وتشعر ان هذا الشعب الرواندي لديه رغبة قوية في ان يكون له دور في هذا الكوكب .

 

أقول ان التسابق في افريقيا له محوران : المحور الأول ويتضمن الاهتمام الاقتصادي، لأن افريقيا هي منجم لجميع المواد الخام الموجودة علي وجه الارض، وفي نفس الوقت تحتوي علي اكبر تربة خصبة في العالم تصلح للزراعة وتمثل 60 % من اجمالي المساحة علي مستوي العالم، فضلا عن كمية المياه الموجودة فيها تكفي لزراعتها لضعف حجمها، فكمية الامطار التي تسقط علي منطقة البحيرات العظمي فقط في شرق افريقيا الي 1670 مليار مترمكعب سنوبا،فقط الجزء الواقع في منطقة جنوب السودان يقدر بحوالي 550 مليار مترمكعب، كما ان نهر الكونغوفقط يصب مياهه العزبة في المحيط الاطلنطي تعادل كمية المطر التي تسقط علي البحيرات العظمي .

 

والمحور الثاني خاص بالجانب السياسي، فعندما ننظر في الوقت الحالي الي دول مثل تركيا وقطر وهما يشكلان محور »‬ غريب شوية »‬، ولا استطيع فهم أن هناك مصالح تركية في افريقيا اكثر من المواد الخام ، ولكن ان تقوم ببناء قاعدة عسكرية في الصومال علي البحر الاحمر، فهذه التصرفات تمثل علامات استفهام غريبة وغير مفهومة ! فتركيا بأي حال من الأحوال ليست دولة عظمي ولن تكون في دولة عظمي ولن يُسمح لها .

 

• ولكن ليست تركيا فقط من تمتلك قاعدة عسكرية، فهناك قاعدة عسكرية صينية في دولة جيبوتي، هل النوايا واحدة لكلا الطرفين أم هناك اختلاف؟

 

- بالطبع النوايا تختلف، فهدف القاعدة العسكرية الصينية هوتأمين طريق التجارة العالمي وتأمين ونقل منتجاتها من الشرق إلي أوروبا وأفريقيا، كما هناك تواجد قواعد عسكرية لدول اخري مثل امريكا وفرنسا وانجلترا، كذلك ايضا اثيوبيا سيكون لها تواجد عسكري في الفترة القادمة .

 

• هل يشكل الاتفاق التركي السوداني بشأن اعمار جزيرة سواكن السوادنية تهديداً لمصر، خاصة أن هناك بعض البنود بها تثير بعض الشكوك للقاهرة ؟

 

- من وجهة نظري الشخصية، لا تشكل جزيرة سواكن مصدر قلق شديد لمصر، لعدة أسباب،أولها أنها جزيرة صغيرة من حيث المساحة، ثانيا أن تكلفة إنشاء قاعدة عسكرية من اللاشيء علي هذه الجزيزة سيكون مكلفا جداً، ثالثا انه ليس هناك نية تركية لانشاء قاعدة عسكرية علي هذه الجزيزة ، لأنها بالفعل له قاعدة في مقديشيووهي تقوم في الوقت الحالي بعمليات توسيع لها لتصبح أكبر.

 

كما اعتقد أن السودان نظراً لظروفها الاقتصادية التي تمر بها حاليا، تحاول ان تجذب استثمارات أجنبية بها، ومن ناحية أخري أنني لا أعتقد أن السودان الشقيقة تحت أي ظرف من الظروف تساعد أوتساهم حتي في تشكيل تهديد لمصر، فلن يقبل الشعب السوداني بهذا علي الاطلاق .

 

• أين نحن من منطقة القرن الأفريقي؟

 

- هناك أشياء لا يجب أن تقال بشكل معلن، ولكن ما احب قوله هوأن مصر موجودة شايفين وقاريين  الملعب كويس قوي، وفاهمينه وعارفين احنا بنعمل ايه وهنعمل ايه »‬ مصر ليست غائبة عن الملعب »‬، سواء كنا في هذا الاطار أوفي إطار البحر الاحمر،فمصر لها القول الفصل فيما يتعلق بالبحر الأحمر، وهذا حقها بحكم موقعها الاستراتيجي والجغرافي، وحقها بحكم انها مصر، فعلينا كمصريين أن ندرك ونفهم »‬ يعني إيه مصر»، ففي أوقات كثيرة أشعر بضيق،لأن هناك من المصريين من لايدرك حقيقة حجم مصر، فمصر كبيرة قوي قوي، عما يراها المصريون أنفسهم .

 

عنق الزجاجة

 

• في رأيك لماذا ترسخت هذه الصورة عند المصريين ؟

 

- لاشك أن هزيمة 67 تركت أثراً عميقاً وهزت أجيالا من داخلها، حتي علي المستوي الاعلامي لم نستطع ان نخرجه من مرحلة الاحباط والاكتئاب التي عاشها بعد النكسة،وكذلك لم يستطع الاعلام استغلال انتصار اكتوير بشكل جيد ليدخل الشعب المصري في مرحلة الاحساس بالنصر والانجازات ما بعد النصر، للأسف كثيرون لا يعرفون ان مصر كان عليها حصار اقتصادي من الغرب من عام 1957 حتي عام 1979 ، ورغم ذلك عشنا هذه الفترة ولم نشعر بأن شئ ينقصنا، بل علي العكس فمصر حققت في فترة الستينيات أعلي معدلات نمواقتصادي في العالم في الوقت باعتراف المنظمات الدولة .

 

»‬ احنا محتاجين يكون عندنا ثقة بالنفس أكثرمن كده »‬، وفي رأي هذا يبدأ من التعليم، وكذلك الاعلام ليس فقط صحف وتليفزيون واذاعة، انما ايضا من خلال السينما والمسرح، يجب أن يدرك المصريون أننا حاليا نعبر عنق الزجاجة وبخروجنا سننطلق بعدها، يجب أن نتكاتف، لكي نتوسع بعد ذلك في دورنا الافريقي،كما قلت من قبل نحن منتشرون في القارة السمراء ولنا مصداقية اكثر من اي دولة في العالم، لأن الأفارقة يعلمون جيدا ان مصر هي الدولة الوحيدة في العالم ليس لها اجندة خفية في افريقيا، هذا فضلا عن الدور الكبير الذي لعبته مصر في دعم حركات التحرر والاستقلال للعديد من الدول الافريقية .

 

في نهاية الأمر، مصر لديها دور في أفريقيا بتلعبه وبقوة، خاصة أننا مقبولون عن غيرنا في أغلبية القارة . فلك أن تتخيل أهمية الدور الذي يلعبه الأطباء المصريون في أفريقيا،حيث ينظر إليهم كقامة كبيرة، فضلا عن أنه يقوم بدور عظيم وعلي أكمل وجه، فكانوا يعملون علي مدار الساعة، وليس عنده أي غضاضة في أن يستدعي في منتصف الليل لأي طارئ، كل هذه الاشياء ترسخ في العقلية والوجدان الافريقي تجاه المصريين،وللأمانة فالمصريون يحبون الافارقة ، حيث أننا كمصريين نشعر بالألفة والطمأنينة عندما نتواجد في أي من الدول الافريقية، فأنا شخصياً عندما أسافر إلي أي دول أفريقية أشعر بأمان وطمأنينة وألفة عن أي دولة اخري في العالم، بالناس تمتاز بالبساطة لا تفارقهم الابتسامة رغم أنهم رقيقو الحال إلي أبعد حال.

 

• ما الذي تفتقده القارة الافريقية ؟

 

- أري أن ما ينقص القارة السمراء عاملان، الأول وهوالثقة المتبادلة بين الشعوب الأفريقية المختلفة، حيث مازلنا للأسف نثق بالغرب بثقة مطلقة أكثر مما نثق ببعضنا البعض، وأري أن هذا خطأ عنيف وتاريخي، ولواستطعنا أن نصل إلي هذه المرحلة،فلن يتبق سوي شيء واحد ينقصنا ألا وهوالإدارة الجيدة للموارد . واذا أديرت المواد الأفريقية بطريقة حسنة وصحيحة ستجعل من هذه القارة أعظم القارة علي الأرض .

 

رؤية مصر

 

• متي تدخل اتفاقية التجارة الحرة مرحلة الانطلاق وتجني أفريقيا ثمارها ؟

 

- لا أستطيع أن أحدد وقتا محددا، لكن لكي أكون صريحا معك، تنفيذ الاتفاقية سوف يأخذ بعض الوقت، لأنك تتعامل مع دول بها انظمة بيروقراطية مختلفة، ولكي تقوم بعمل تزاوج بين هذه الانظمة والقوانين فهذا يحتاج وقتا.

 

ولكن حين تدخل هذه الاتفاقية مرحلة الانطلاق، فسوف تعود بعائد رهيب وهائل علي شعوب هذه القارة، فمصر لديها قدرات وخبرات تنفرد بها عن دول أخري، ومنها علي سبيل المثال في مجال الزراعة، فلدي مصر خبرة زراعية لا تضاهيها دول أخري، شعب يعيش علي 7% من مساحة الوطن وعلي نهر واحد واستطاع أن يبني هذه الحضارة والحضارات علي مدار السنين، كما استطاع أن يثبت نفسه في كل مكان، فضلا عن أنه قد يكون في يوم ما قوة عسكرية عظمي، فمصر لها تأثير في العالم شئنا ذلك أم ابينا، وعلينا أن ندرك أننا كبار .

 

• هناك دولا غربية  تستغل الموارد القارة بشكل غير عادل لها، وبالتالي لا تحقق الدول الافريقية الفائدة المطلوبة تحت مبدأ المنفعة المشتركة، فهل قد تثار صراعات من نوع اخر وهوصراع المصلحة بين هذه الدول الكبري ؟


- لن تحدث صراعات بين دول تريد أن تستثمر في القارة وأخري تطمع في ثرواتها ، وأفريقيا فاتحة أبوابها للجميع  للاستثمار، ولكن بشرط أن يعود هذا الاستثمار علي الدول المستثمر فيها بالفائدة، أي المنفعة المشتركة  وهنا تأتي مسألة الادارة ..والدول الغربية لها أطماع ،فكل دول تبحث عن مصالحها وهذا شئ مشروع ، »‬والمخطئ هوالذي يعرف أنك طمعان فيه،ويسيبك تعمل اللي أنت عايزه».

 

• ما رؤية مصر وما ستقدمه بعد توليها رئاسة الاتحاد الافريقي في 2019؟

 

- رئاسة مصر للاتحاد الافريقي، تمثل خطوة للأمام في اطار العلاقات المصرية الأفريقية، وعودة الدور المصري والدبلوماسية المصرية الفاعل عن حق، وهو دور لايمكن لأحد أن ينكره،وفي نفس الوقت قارة افريقيا في حاجة اليه وكذلك مصر، وبالتالي مصر سوف تركز علي بعض القضايا المهمة وفي مقدمتها قضايا السلم والأمن في افريقيا، ففي الوقت الحالي تعاني افريقيا من الارهاب وتعد مرتعا للارهابيين، نتيجة هروب الدواعش الذين كانوا في سوريا والعراق ، تنقلهم تركيا إلي إفريقيا بتمويل قطر، مثلما يحدث الاًن في ليبيا، وبقية دول القارة، فلاتوجد دولة تتقدم وتحقق التنمية اذا كانت تحارب من الارهاب ، كما أن تواجد الارهابيين في القارة السمراء وسهولة تنقلاتهم عبر دروب الصحراء الكبري، خلق تنظيمات كثيرة، وللأسف هذا يرجع إلي زيادة نسبة الجهل، وبالتالي تصبح عمليات استقطابهم من قبل هذه التنظيمات أمرا سهلا، خاصة اذا كانت بدعوي الدين .

 

أفريقيا تحتاج الي التوعية والتركيز أكثر في مجالات التعليم والصحة، وهي المجالات التي ستدفع بها مصر خلال رئاستها للاتحاد الافريقي، فضلا عن دورها في ملفات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة والهجرة غير الشرعية، فأفريقيا تمتاز بمصادر طبيعية متعددة يمكن استغلالها في توليد الطاقة النظيفة من طاقة شمسية وطاقة الرياح، فهل تعلم ان مصر كانت من اوائل دول العالم في توليد الطاقة الشمسية وهذا يعود الي مائة عام تقريبا .

 

مصر لديها قدرات والأهم من ذلك أيضا هناك ارادة سياسية وقيادة تخطط ولديها رؤية مستقبلية وواضحة، والقيادة السياسة عندما تكون قيادة حقيقية ووطنية ومؤمنة بقضايا بلادها، فهذا بالطبع يدفع الشعب الي زيادة ثقته فيها، واتصور أن ما شهدته مصر خلال السنوات الأربع الماضية،لم يحدث طوال الـ50 عاما الماضية،اذا تحدثنا بلغة الأرقام والحقائق فهناك تطور ملموس ومشهود سواء علي المستوي الداخلي او الخارجي .

 

• في الماضي حين كان يقرر مسئول مصري زيارة دولة أفريقية، يحرص علي اصطحاب مجموعة من رجال الاعمال معه، ،ولكن لم نعد نري هذا الأًن فلماذا ؟

 

- دائما اقول قاعدة ذهبية إذا عمل بها رجال الأعمال المصريون ، سيكون هناك فرق أكيد، وهو انه »‬مفيش مكسب بدون مخاطرة »‬ وهذا تعليقي.

 

جهد خارق

 

• وماذا علي مستوي الشركات والمؤسسات المملوكة للدولة المصرية ؟

 

- في وقتنا الحالي تبذل الدول جهدا خارق في اعادة ترتيب البيت المصري من الداخل أولاً ليقف هرماً صلبا أمام الزمن، فاليوم لا نستطيع ان نحمل الدولة اكثر مما تحتمل »‬ فخليني اقف داخليا في البداية وقفة صلبة وقوية، ثم شاهد بعد ذلك ماذا ستفعل».. فالدولة رغم الظروف الاقتصادية التي تعيشها،تقوم بأقصي ما تستطيع عمله مع افريقيا في حدود الامكانات المتاحة .

 

• مصر من أكثر الدول التي تدفع ببعثات قوات حفظ السلام في افريقيا هل هناك نية لزيادة اعداد هذه البعثات؟

 

- مصر لن تتردد في تلبية الدعوة في ارسال قوات حفظ الأمن والسلم في افريقيا،أو في أي مكان في العالم، وهذا دور نعتبره أدبياً مفروض علينا، لكن في نفس الوقت يعكس حجم دولة كمصر عالمياً،كما يمدنا بخبرات، فهناك قوات تخدم في مناطق جبلية واخري صحراوية وغابات، كلها تضاريس مختلفة تكسب خبرات عملية مفيدة وتمثل اضافة لنا في نفس الوقت.

 

ارهاصات ومناورات


• هل تأثرت العلاقات المصرية السودانية خاصة بعد أزمة سد النهضة، وهل أصبح الشعبان ضحية لهذا الخلاف؟

 

- العلاقات المصرية السودانية هي علاقة دم، وهذا أمر واقع، وبالتالي فالخلاف في وجهات النظر بين القيادات السياسية، اوالاختلاف مع قيادة سياسية دون الأخري،لايعني أن يقع الشعبين المصري والسوادني ضحية لهذا الخلاف، من المستحيل ان يحدث ذلك وهذه قاعدة ثابتة ومسلم بها .

 

ما كان يحدث في وسائل الاعلام المختلفة في كلا البلدين من تطاول واتهامات وصلت الي حد السب والقذف خلال الفترة الماضية ، عكس مدي الجهل بتاريخ العلاقة بين الشعبين وجذورها وأصولها .

 

فرد فعل وسائل الاعلام ازاء أي أزمة تحدث ولومؤقتة مبالغ فيه، فالأزمة يتم علاجها، ولكن يتبقي رد الفعل ورواسبه تترك أثرا عميقا بالداخل، فيجب علينا أن نحسب كل خطوة قبل القيام بها، فقبل الحديث في الاعلام للتعليق علي أي أزمة أوغير ذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا سؤالا واحدا وهو ماذا لو لم تم حل تلك الأزمة فكيف سيصبح موقفي وصورتي بعد ذلك ؟ فالكملة كالطلقة إذا خرجت لا تعود .

 

• ماذا عن مطالبة السودان بضم حلايب وشلاتين لسيادتها ؟

 

ـ كل هذا ارهاصات ومناورات سياسية، فالسودان تدرك تماما ان حلايب وشلاتين أرض مصرية، وأن من أبسط قواعد ترسيم الحدود الجغرافية،هي اذا كان الخط المستقيم ذاهبا الي مياه، فالخط المستقيم هوالأسهل في ترسيم الحدود، وهذه المشكلة قد خلقها الانجليز حين قرروا أن تكون هذه المنطقة تحت إدارة سودانية نتيجة وجود قبائل سودانية بها، ولكنها أرض مصرية، ولذلك عندما تنظر إلي أي خريطة ستجد أن الخط المستقيم موجود الي نقطة تقاطعة مع البحر الأحمر،وعند هذه المنطقة ستجده مستقيماً ولكن بشكل مهمش، أي أنها كانت خاضعة لادارة سودانية وبرضا وموافقة الادارة المصرية أنذاك، فحلايب وشلاتين أرض مصرية شاء من شاء وأبي من أبي.