«للمستهلك قانون يحميه»..هل يتصدى التشريع الجديد لمافيا السوق

«للمستهلك قانون يحميه»..هل يتصدى التشريع الجديد لمافيا السوق
«للمستهلك قانون يحميه»..هل يتصدى التشريع الجديد لمافيا السوق

بعد ازدياد أعداد المواطنين الذين يواجهون الغش التجاري في الغالبية العظمى من المنتجات المتواجدة في الأسواق بإنسان مريض وعاجز، أصدر مجلس النواب قانونا جديدا ليكون بمثابة حائط صد ليواجه أي تاجر تسول له نفسه أن يتاجر بالغش والنصب على فئات المجتمع.


على مدار سنوات طويلة منذ إنشاء حماية المستهلك ودوره داخل السوق غير واضح والقوانين التي من المفترض أن تحكم التجار في مختلف الصناعات تختفي تمامًا خلف مصالح «أصحاب المصالح» الذين لا يهمهم سوى الربح السريع والوفير دون أي اعتبار لما يسقطونه على كاهل المواطن من بضائعهم التالفة وحين يعود إليهم المستهلك يرفعون شعار «عيوب استخدام». 


«الأخبار» فتحت ملف حماية المستهلك خاصة بعد أن أصدر مجلس النواب قانونا يتكون من ٧٦ مادة يحمى بها المواطنين.

 

«شرطان أساسيان»

تقول ناديه هنري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن قانون حماية المستهلك يحتاج تفعيله إلى توافر شرطين أساسيين: أن يطالب المواطن بحقه بالفعل دون انتقاد للحكومة بمعنى «أنه ليس على المواطن أن يسأل جهاز حماية المستهلك ما هو الحق الذي يسترجعه للمواطن وما هو الذي لم يسترجعه»، الشرط الثاني متمثل في أن تكون الجهة المسئولة على قدر كاف من الكفاءة لتطبيق القانون بحيادية.

 

وأوضحت «هنري» أنها تفضل أن يكون هذا القانون على عكس القوانين التي صدرت في الفترة الماضية، وهي عبارة عن قوانين مشرعة ولكن في تطبيقها لم تنجح وذلك بسبب أن المسئولين عن التطبيق لايوجد لديهم الالتزام والجدية في تطبيق القانون، ولا يوجد التحقيق المتوازن في تطبيق هذا القانون بمعنى آخر أن الحكومة تقوم بتطبيقه على أشخاص دون غيرهم.

 

«76 مادة»

أكد النائب أشرف عمارة، عضو مجلس النواب، أن القانون الخاص بحماية المستهلك والذي أقره البرلمان لصالح المستهلك مكون من 76 مادة، مضيفًا أن من أبرز ملامح قانون حماية المستهلك أن يكون هناك مقر للجهاز في كافة أنحاء البلاد، معتبرًا قانون حماية المستهلك أحد أهم القوانين وفي صالح المواطن، ويشمل عقوبات حقيقية تمثل ردعًا قويًا لأي منتج يخالف القانون ويضر بالمستهلك، ويؤكد أن هناك ضوابط تحمي كافة المواطنين من التعرض لبطش التجار الذين يتلاعبون بالأسعار في منتجاتهم.

 

«فلسفة جديدة»

وفي السياق ذاته أكد عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، على أن قانون حماية المستهلك الجديد يوجد به فلسفة جديدة متبعة لكيفية التعامل مع التجار وكيفية وضع ضوابط للأسواق ويوجد به الكثير من العقوبات المغلظة للمخالفين، معتبرًا أن هذا القانون يعطي رؤية واضحة للمواطن من ناحية الفاتورة الضريبية ومن ناحية تنظيم الأسواق العشوائية، ومن ناحية سرعة الإبلاغ عن المشاكل التي تواجه المواطن، وأخيرًا إلزام التجار والمستوردين بوضع الكثير من البيانات على السلع، فهناك أشياء كثيرة توجد في هذا القانون لم تكن مدرجة في القوانين السابقة لحماية المستهلك.

 

«اللواء عاطف يعقوب: الرئيس وعد فأوفى»

من جهته أكد اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وعد المصريين بقانون يحميهم من بطش التجار وأوفى، وأن هناك بعض المواد المستحدثة بقاون حماية المستهلك الذي أصدره البرلمان، ومنها الخاصة بمراكز الصيانة وكيفية التعامل معها وتحديدا فيما يخص المخالفات.. وكذلك التجارة الإلكترونية وتقنين مخالفاتها، وكيفية إصدار بيانات الفاتورة، والخضوع للمواصفات القياسية للسلع التي يتم تداولها في الأسواق.

 

وأوضح ان السلع الاستراتيجية هي التي يصدر بتوصيفها قرار من رئيس مجلس الوزراء لتوضيح أنواع هذه السلع ومحددات عملية تداول هذه السلع بالإضافة إلى فرض عقوبات رادعة على المتلاعبين بـ « قوت الشعب» بغرامة تبدأ من 20 ألف جنيه وصولا إلى نصف مليون جنيه والذين يمتنعون عن تقديم فاتورة أو الإعلان عن أسعار السلع، مضيفًا أن القانون نص على تغليظ العقوبات الخاصة بالإعلانات المضللة لتبدأ الغرامة فيها بـ 10 آلاف جنيه وصولا إلى المليون. 

 

وفيما يتعلق بحجب السلع الإستراتيجية قال اللواء عاطف يعقوب، إن القانون أقر عقوبة بالسجن مدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه حال حجب المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول في الأسواق، كما ألزم التشريع المرتقب مالك هذه السلع للاستعمال الشخصي، بإخطار الجهاز بالسلع المخزنة لديه.

 

واستطرد رئيس جهاز حماية المستهلك أن القانون الجديد منح الحق في استبدال والاسترجاع في بعض السلع إلى 30 يومًا واسترداد قيمتها دون إبداء أسباب أو تحمل نفقات، ورغم هذه الميزة التي منحها القانون للمستهلكين.


واختتم اللواء عاطف يعقوب حديثه، بأن هناك 5 حالات لا يمكن أن تسترجع من خلالهم السلع وهي إذا كانت طبيعة السلعة أو خصائصها أو طريقة تعبئتها تحول دون استبدالها أو ردها، أو تستحيل إعادتها للحالة التي كانت عليها والسلع الاستهلاكية القابلة للتلف السريع. وإذا لم تكن السلعة بالحالة التي كانت عليها وقت البيع بسبب يرجع للمستهلك بالاضافة إلى الصحف والمجلات وما شابهها والسلع التي تُصنع بناء على تعليمات خاصة يحددها المستهلك.

 

«يغير المشهد تماما لصالح المواطن»

يقول فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، إن قانون حماية المستهلك الجديد سيساعد الجهاز على القيام بدوره على أكمل وجه، وسيستطيع الجهاز أن يراقب المنتجات في 27 محافظة وسيكون هناك خطوط عديدة لاستقبال الكثير من مكالمات المواطنين.

 

ترشيد رفع الدعم

«له أهمية كبيرة ولكن في وضع اقتصادى مستقر».. بهذه العبارة بدأ وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، حديثه عن قانون حماية المستهلك الجديد والذي أقره مجلس النواب وأكد أن القانون هام جدا للمواطن الذي يتعرض لجشع التجار ولكن الظروف الاقتصادية غير المستقرة التي نعيشها من الصعب أن يتم السيطرة على السوق بكافة منتجاته، في ظل الاضطراب الاقتصادي الذي يعاني منه السوق.

من جانبه قال الخبير الاقتصادى رشاد عبده، متحدثًا عن دور جهاز حماية المستهلك في التصدى لجشع التجار في مختلف المنتجات إنه «لا يوجد جهاز حماية مستهلك بمصر»، موضحًا، أن هذا الجهاز يعتبر وهميًا، ووجوده في مصر لكي يثبت أن في مصر جهازًا يدافع عن المواطنين ويعمل على جلب حقوقهم الضائعة، ولكن بعد صدور قانون حماية المستهلك الجديد سيتغير المشهد تماما لصالح المواطن.


مادتان

يقول محمود العسقلاني، الخبير الاقتصادي ورئيس جمعية «مواطنين ضد الغلاء»، إن القانون الجديد الخاص بحماية المستهلك والذي أصدره مجلس النواب به مادتان هامتان بالنسبة لجمهور المستهلكين وهما أن تضمن الدولة سعرًا عادلا لكافة المواطنين بشأن كافة المنتجات بالإضافة إلى مواد عقابية لصاحب المنتج أو المصنع الذي من شأنه أن يتعدى على تلك الأسعار العادلة التي تحددها الحكومة.

 

المواطنون: أخيرًا.. أصبح لدينا مظلة قانونية تحمينا

«خدمة عملاء سيئة، صيانة سيئة، والتوكيلات بشكل عام أسوأ».. وهيئة حماية المستهلك موجودة كحبر على ورق فقط وترفع شعار «ولا حياة لمن تنادى».. هكذا عبر بعض المواطنين عن استيائهم الواضح تجاه الهيئة، فهناك مشاكل تواجههم دون وجود أى جهة رقابية يلجأ إليها المواطن لاسترجاع حقه المهدر، فكل ما يهمهم هو جمع الأموال من جيوب المواطنين.

 

انتهت قبل أن تبدأ

«أخيرا صدر قانون يحافظ على حقوقنا» بتلك الكلمة بدأ مدحت فاروق، حديثه عن قانون حماية المستهلك الجديد والذي أقره البرلمان خاصة وـنه عانى لفترات طويلة بسبب جشع التجار من أصحاب الصناعات.

وذكر مدحت محمد، مأساة له مع التجار حيث قال إن معاناته بدأت مع حادث سيارة على طريق «شبرا بنها الحر» وتهشمت خلاله سيارته تمامًا وانتقلت روح والده إلى بارئها بسببها وأنها تمتد فيما بعد الحادث مع جهاز حماية المستهلك والشركة المصنعة للسيارة، ويروي تفاصيل ما حدث «غيرت دورة مياه كاملة للسيارة عند التوكيل الخاص بالسيارة لسفري فى اليوم التالي، وبعد سيري حوالي 40 كم فوجئت بالدخان يخرج من السيارة من كل جانب، لخلل بدورة المياه التي غيرتها بالكامل قبل أقل من 24 ساعة، فاضطررت إلى إيقافها وطلب «ونش» التوكيل الذي تأخر لمدة ساعتين، لتصطدم بى إحدى عربات «الربع نقل» ويتوفى والدي في الحال ويتابع رحلته مع جهاز حماية المستهلك الذي لم يوفر له الكثير، فبعد إجراء اتصال بالرقم الخاص به أرسل عن طريق الفاكس تفاصيل الشكوى و«الفواتير» التي تثبت إجراء الصيانة بالتوكيل مرفقة بشهادة وفاة والده، ليتصل به بعد شهر شخص تابع للجهاز ويخبره أنهم تواصلوا مع الشئون القانونية لدى الشركة المصنعة للسيارة، وأنه عليه متابعة الأمر معها -الشركة-، لينتهى بذلك دور جهاز حماية المستهلك قبل أن يبدأ.


عربية مدمرة

«فني السيارات بالتوكيل وراء دمار سيارتي» هكذا بدأ محمد بكر حديثه، حيث إنه قام بشراء سيارته عام 2016، وفي 25 فبراير من العام الجاري سمع صوت «تكتكة خفيفة في التابلوه»، وعلى أثر ذلك ذهب محمد بسيارته للتوكيل وبعد مرور 12 ساعة قاموا بإخباره أن«الفنى خرج يجرب العربية وعمل حادثة بسيطة»، فعندما ذهب لهناك وجد العربية عبارة عن « صاج طاله الدمار من كل جوانبه».